ترامب يتوعد طالبان.. لماذا تريد أمريكا استعادة قاعدة بجرام الجوية؟

وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحذيرًا شديد اللهجة لحركة طالبان يوم السبت بعد رفضها طلبه بإعادة قاعدة باغرام الجوية، التي بنتها الولايات المتحدة خلال حرب أفغانستان. وفي منشور على منصته “تروث سوشيال”، قال ترامب: “إذا لم تعد أفغانستان قاعدةً للولايات المتحدة، فستكون العواقب وخيمة”.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها ترامب عن نيته استعادة قاعدة باغرام الجوية. ففي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أعلن أن الولايات المتحدة تسعى لاستعادة القاعدة الجوية في أفغانستان.
وتأتي تعليقات ترامب في الوقت الذي يواصل فيه البنتاغون دراسة الانسحاب الأميركي من أفغانستان، حيث أدى هجوم بالقنابل نفذه تنظيم الدولة الإسلامية على مطار كابول إلى مقتل 13 جنديا أميركيا و170 أفغانيا.
ما هي قاعدة باغرام الجوية؟ ولماذا يسعى الرئيس الأمريكي لاستعادتها؟ التقرير التالي يجيب على هذه الأسئلة.
– ما هي قاعدة باغرام الجوية؟
وفقًا لشبكة إن بي سي نيوز، تقع قاعدة باغرام الجوية على بُعد 60 كيلومترًا شمال العاصمة الأفغانية كابول. خلال الحرب ضد طالبان والقاعدة، كانت القاعدة نقطة محورية للوجود الأمريكي في أفغانستان لمدة 20 عامًا. مرّ عبر مجمعها أكثر من 100 ألف جندي أمريكي، واستُخدمت للدعم القتالي وجمع المعلومات الاستخبارية ومكافحة الإرهاب.
لماذا يريد ترامب استعادة قاعدة باغرام الجوية؟
وبحسب صحيفة “إيكونوميك تايمز”، هناك عشرة أسباب تدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المطالبة بإعادة قاعدة باغرام في هذا الوقت:
1. أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أفغانستان
قاعدة باغرام الجوية ليست مجرد مدرج هبوط. فهي تضم مدارج أطول من العديد من المطارات الدولية، بالإضافة إلى ملاجئ محصنة ومستشفيات ومستودعات وقود ومساكن لعشرات الآلاف من الجنود، مما يجعلها المركز الحساس للولايات المتحدة في المنطقة.
2. موقع استراتيجي مميز
وتقع قاعدة باغرام الجوية على بعد ساعة تقريبا من كابول عند مفترق الطرق المؤدية إلى إيران وباكستان وآسيا الوسطى وإقليم شينجيانج الصيني، وتسمح للولايات المتحدة باستعراض قوتها في أكثر من اتجاه.
3. القرب من المواقع الصينية الحساسة
صرّح ترامب مرارًا وتكرارًا بأن قاعدة باغرام الجوية تبعد “ساعة واحدة فقط” عن المنشآت النووية والصاروخية الرئيسية للصين في شينجيانغ. وبغض النظر عن صحة هذا التصريح، فهي بالفعل إحدى أقرب نقاط المراقبة التي يمكن للولايات المتحدة التجسس منها على الصين.
وتشير التقديرات إلى أن الصين توسعت بسرعة في مخزونها من الأسلحة النووية، ولديها حاليا أكثر من 600 رأس نووي، وفقا لمنظمة “نشرة العلماء الذريين” غير الربحية ومقرها شيكاغو.
وقد عبر ترامب عن هذا الأمر أكثر من مرة، وكانت المرة الأولى في اليوم السابق لاجتماعه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في إطار المفاوضات التجارية الجارية، عندما قال: “قاعدة باغرام تبعد ساعة واحدة عن المكان الذي تصنع فيه الصين أسلحتها النووية”.
ثم عاد إلى الطائرة الرئاسية وأعلن أن قاعدة باغرام هي “واحدة من أقوى القواعد في العالم من حيث قوة وطول مدارجها”، وأكد مجددا أن القاعدة “تبعد ساعة واحدة عن منشآت إنتاج الصواريخ الصينية”.
4. مثالية للمراقبة والاستطلاع
إن الاستيلاء على قاعدة باغرام الجوية يمنح واشنطن القدرة على إجراء عمليات مراقبة جوية موسعة واستخبارات إشارات عبر جزء كبير من أوراسيا، بما في ذلك الأنشطة العسكرية الروسية ومشاريع البنية التحتية الصينية في إطار مبادرة الحزام والطريق.
أُطلقت المبادرة عام ٢٠١٣ من قِبل الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارة رسمية إلى كازاخستان. وهي مشروع استثماري ضخم في البنية التحتية يربط الصين اقتصاديًا بأوراسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا من خلال المطارات والموانئ ومحطات الطاقة والجسور والسكك الحديدية والطرق وشبكات الاتصالات. ويُعهد بتنفيذ هذه المشاريع إلى شركات البناء والتشييد الصينية. كما تُقدم الصين قروضًا للدول النامية التي تمر عبرها مشاريع البنية التحتية للمبادرة.
5. ورقة الضغط الأمريكية ضد روسيا وإيران
ومن خلال قاعدة باغرام، تستطيع الولايات المتحدة مراقبة النفوذ الروسي في آسيا الوسطى والتحركات الإيرانية غرباً، مما يجعل الوجود الأميركي عامل ضغط على كل من موسكو وطهران، كما كان الحال في الماضي.
6. السيطرة على الثروة والأساليب الاقتصادية
تتمتع أفغانستان باحتياطيات معدنية هائلة وتقع على طرق التجارة الناشئة، مما يجعل السيطرة على باغرام مهمة استراتيجيا للطرق الاقتصادية التي تسعى كل من الصين وروسيا إلى تأمينها.
7. التحرك السريع ضد الإرهاب
خلال الحرب على الإرهاب، كانت قاعدة باغرام الجوية بمثابة نقطة انطلاق للحرب ضد طالبان والقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وخسارتها حدت من قدرة أميركا على شن ضربات سريعة في المنطقة.
8. رمز للهيمنة الأمريكية على آسيا الوسطى
أعرب ترامب عن استيائه من انسحاب إدارة بايدن للقوات الأمريكية من أفغانستان عام ٢٠٢١، واصفًا إياه بـ”الكارثة الكاملة”، رغم أن عملية الانسحاب الأمريكي كانت قد بدأت بالفعل خلال ولايته الأولى. وانتقد قرار الانسحاب من قاعدة باغرام الجوية، التي سرعان ما سقطت في أيدي طالبان عند عودتها إلى السلطة عام ٢٠٢١.
وتعتبر استعادة القاعدة رسالة إلى العالم مفادها أن الولايات المتحدة دولة قوية ولم تتنازل عن نفوذها في آسيا الوسطى.
9. منع الصين من استخدامه
تشير تقارير عديدة إلى أن الصين تنوي استخدام قاعدة باغرام الجوية لتوسيع نفوذها في مبادرة الحزام والطريق، وتأمين قاعدة استراتيجية قرب الهند. وقد أثار هذا مخاوف ترامب، ودفعه إلى الاستيلاء على القاعدة في أسرع وقت ممكن.
10. موازنة القوى المجاورة
تقع قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان في قلب آسيا الوسطى، مما يجعلها نقطة محورية تسمح لأميركا بموازنة القوى المجاورة لها: روسيا بقوتها العسكرية، والصين باقتصادها الضخم، والهند بتفوقها البشري والتكنولوجي.
اتهامات متبادلة بين ترامب وبايدن
تبادل ترامب وبايدن الاتهامات بشأن الانسحاب من أفغانستان. حمّل بايدن إدارة ترامب مسؤولية ما وصفه بالانسحاب “الفوضوي”. وذكر تقرير لمجلس الأمن القومي لعام ٢٠٢٣ أن قدرة بايدن على إدارة العملية “مُقيّدة بشدة بالظروف التي خلقها سلفه”.
من جانبه، هاجم ترامب انسحاب إدارة بايدن “المحفوف بالمخاطر” من أفغانستان ووصفه بأنه “كارثة كاملة” وانتقد قرار التخلي عن قاعدة باغرام الجوية، التي سقطت بسرعة في أيدي طالبان بعد عودتها إلى السلطة في عام 2021.
• موقف حكومة طالبان من تصريحات ترامب بشأن باغرام
من جانبه، رفض ذاكر جلالي، المسؤول في وزارة الخارجية الأفغانية في حكومة طالبان، استعادة الولايات المتحدة لقاعدة باغرام الجوية في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفًا: “لم يقبل الشعب الأفغاني وجودًا عسكريًا طوال تاريخه، وقد رُفض هذا الاحتمال رفضًا قاطعًا خلال المحادثات واتفاقية الدوحة. ومع ذلك، لا يزال باب المشاركة مفتوحًا”.
وتحاول حركة طالبان حاليا تلميع صورتها الدولية المرتبطة بدورها كداعم للإرهاب، من خلال سلسلة منشورات لشخصيات أوروبية وأمريكية.
• الصين أم الولايات المتحدة… من سيحصل على باغرام؟
قال بيل روجيو، محرر مجلة “لونغ وور جورنال” التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن الصين ستقدم لطالبان حوافز عديدة لمنع الولايات المتحدة من استعادة قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان. وحذّر إدارة ترامب من تقديم تنازلات للحركة في الوقت الذي تحرمها فيه من الوصول إلى باغرام.
صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، بأن الصين تحترم استقلال أفغانستان وسيادتها وسلامة أراضيها، مضيفًا أن مستقبل أفغانستان يجب أن يقرره الشعب الأفغاني. وأضاف: “إثارة التوترات وإثارة المواجهات في المنطقة أمرٌ مرفوض”.