جيل محظوظ أم مهدد؟ الذكاء الاصطناعي يضع طلاب الجامعات أمام تحد جديد

منذ 2 شهور
جيل محظوظ أم مهدد؟ الذكاء الاصطناعي يضع طلاب الجامعات أمام تحد جديد

في السنوات الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من كل نقاش حول التعليم والعمل. يرى البعض أنه يُشكل تهديدًا لمستقبل المهن التقليدية، بينما يراه آخرون فرصة نادرة لفتح آفاق جديدة للأجيال القادمة. لم يعد هذا النقاش يقتصر على المتخصصين أو صانعي القرار، بل امتد إلى العائلات التي تُفكر في خيارات أبنائها الجامعية والمهنية.

الذكاء الاصطناعي يغير قواعد العمل.

وبحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان “مستقبل الوظائف 2025″، سيتم فقدان ما يقرب من 92 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030. وأعلنت 40% من الشركات عن خطط لتقليص الوظائف في القطاعات التي أثبت فيها الذكاء الاصطناعي فعاليته.

في المقابل، يتوقع التقرير نمو قطاعات جديدة في علوم البيانات والأمن السيبراني وتطوير البرمجيات، وبالتالي تحسين فرص العمل للطلاب الذين يختارون التخصصات التي تدمج هذه التقنيات.

الجامعات المصرية تستجيب للتحدي

ارتفع عدد كليات علوم الحاسب وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي في مصر إلى 92 كلية، بحسب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تغطي مختلف أنواع التعليم العالي.

تشهد هذه التخصصات إقبالاً كبيراً. فقد ارتفع عدد المسجلين فيها بنسبة 39% على أساس سنوي ليصل إجمالي عدد الطلاب إلى 112 ألف طالب، مما يجعلها حالياً أسرع التخصصات نمواً وأكثرها جاذبية.

• الرؤية الأكاديمية

وأكدت الدكتورة سارة عبد الباسط شهاب الدين، وكيل كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة مدينة السادات، في تصريحات خاصة لـ«الشروق»، أن هذه التقنية تمثل فرصة ذهبية للتعليم الجامعي.

وأضافت أن ذلك يتيح تجارب تعليمية شخصية، ويساعد المعلمين على إكمال المهام الروتينية، ويحسن مشاركة الطلاب ونتائجهم، ويفتح المزيد من الفرص للاندماج للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

التحديات التي تواجه الموظفين والمتعلمين

وقالت إنها لا تنكر وجود تحديات حقيقية، مثل قضايا الخصوصية في جمع البيانات، والتكلفة المرتفعة للبنية الأساسية، والحاجة المستمرة إلى تدريب المعلمين والإداريين.

وأشارت إلى أن الخطر الأعظم يكمن في الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن أن يؤثر ذلك على قدرة الطلاب على التفكير النقدي.

ChatGPT يضعف الذاكرة

واستشهد شهاب الدين بدراسة حديثة نشرت في المجلة الدولية لتكنولوجيا التعليم وجدت أن الإفراط في استخدام أدوات مثل ChatGPT يمكن أن يؤدي إلى ضعف الذاكرة وانخفاض الأداء الأكاديمي.

وأوضحت أنه على الرغم من الفوائد الكبيرة لهذه النماذج، إلا أن الباحثين في الدراسة أعربوا عن قلقهم بشأن تأثير الاعتماد المفرط عليها على النزاهة الأكاديمية وجودة التعلم.

الذكاء الاصطناعي على مائدة العائلة

الدكتورة هبة عسكر، وكيلة الدراسات العليا والبحوث بكلية علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي بجامعة مدينة السادات، مقتنعة بأن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل هو بوابة لعالم جديد من الفرص. واليوم، أصبح رفيقًا سريًا في كل نقاش عائلي حول الجامعة: هل سيدرس الابن الهندسة؟ هل لا تزال الصيدلة خيارًا آمنًا؟ أم أن علوم البيانات والبرمجة هما المستقبل؟

– كيف تختار موضوعك؟

وأوضحت أن اختيار موضوع الدراسة لم يعد مجرد مسألة تفضيل شخصي، بل يطرح أمام الأسر تحدياً جديداً ويرتبط بسؤال حاسم: هل سيظل هذا الموضوع مطلوباً بعد عشر سنوات؟

ودعا عسكر إلى النظر إلى التخصص باعتباره استثماراً طويل الأمد يرتكز على ثلاثة عناصر متوازنة: الإبداع الحقيقي للطالب، واحتياجات سوق العمل، ومرونة التخصص في التكامل مع التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي.

– الطالب وصنع القرار

أكدت الدكتورة سارة عبد الباسط هذا الرأي، مؤكدةً أن اختيار التخصص لا ينبغي أن يعتمد فقط على رغبات الوالدين أو ضغوط المجتمع. على الطلاب أولاً تقييم أنفسهم واهتماماتهم، ثم دراسة التخصصات المتاحة وفهم آثارها العملية والمستقبلية.

وأضافت أن استشارة المرشدين الأكاديميين والخريجين خطوة مهمة لفهم واقع المهنة. ومن الضروري مقارنة الجامعات من حيث المناهج الدراسية، والسمعة، وفرص العمل، والتكاليف قبل اتخاذ القرار النهائي.

– جيل سعيد أم جيل مهدد؟

لا يقتصر الجدل على العالم العربي. فوفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية، صرّح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، مؤخرًا في برنامج أمريكي بأنه سيشعر بأنه أسعد طفل في التاريخ لو تخرج اليوم. ويرى ألتمان أن عصر الذكاء الاصطناعي يُمثل بوابةً لفرص غير مسبوقة.

-الشهادة ليست كل شيء

مع ذلك، لا تزال الشهادات التقليدية في مجالات كالأدب والفلسفة ذات قيمة، شريطة أن تُدرّس بطريقة عملية وواقعية. فالتعليم الذي يجمع بين التفكير النقدي وأدوات الذكاء الاصطناعي يمنح الخريجين ميزة تنافسية.

فرصة أم قلق؟

يُغيّر الذكاء الاصطناعي قواعد اللعبة، لكنه لا يُغلق الأبواب أمام الشباب. عسكر مقتنع بأن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل فرصة تاريخية. فهو يُتيح للطلاب أدوات فعّالة للابتكار، ويُنشئ مجالات عمل جديدة لم تكن موجودة من قبل.

وأضافت: “في الوقت نفسه، يُشكّل الذكاء الاصطناعي تحديًا لمن توقفوا عن التعلم أو راضين بالطرق التقليدية. لذا، يُمثّل الذكاء الاصطناعي ميزة تنافسية لمن يستخدمونه، ومصدر قلق لمن يتجاهلونه”.


شارك