من الفضول إلى الوهم.. طبيب نفسي يحذر من آثار محادثات الذكاء الاصطناعي

كشف تقرير حديث لشبكة CNN عن ظاهرة مُقلقة لاحظها بعض الأطباء النفسيين: فقدان الناس للوعي بالواقع بعد محادثات مطولة مع روبوتات الذكاء الاصطناعي. هذه الظاهرة، التي يُطلق عليها البعض “ذهان الذكاء الاصطناعي”، ليست مصطلحًا طبيًا رسميًا، ولكنها أصبحت تُمثل تجارب واقعية مُقلقة.
– 12 حالة من الذهان الذكاء الاصطناعي
وقال الدكتور كيث ساكاتا، وهو طبيب نفسي بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، إنه تابع ما لا يقل عن 12 شخصًا بعد دخولهم المستشفى بسبب أعراض نفسية شديدة حدثت بعد جلسات الذكاء الاصطناعي المكثفة.
وبحسب الطبيب فإن القصة تبدأ غالبا بفضول بريء، لكن من خلال التفاعلات المتكررة لعدة ساعات يوميا، تتطور إلى سيطرة الأوهام والأفكار التي يصعب تبديدها.
– كيف يبدأ الانزلاق نحو الوهم؟
وذكر تقرير شبكة CNN أمثلة لحالات تم الإبلاغ عنها مؤخرًا في الصحف:
الحالة الأولى: أمضى رجل وقتًا طويلًا في مناقشة الفيزياء النظرية مع روبوت محادثة حتى أصبح مقتنعًا بأنه على وشك اكتشاف علمي تاريخي وبدأ يعتبر نفسه عبقريًا فريدًا.
الحالة الثانية: أثناء محادثة عبر الذكاء الاصطناعي، تلقى الزوج خططًا لجهاز نقل عن بعد وأفكارًا من الخيال العلمي اعتبرها مشاريع واقعية وقابلة للتنفيذ، مما عزز اعتقاده بأنه يمتلك معرفة خاصة.
الحالة الثالثة: كان رجل آخر مقتنعًا بأنه يعيش في محاكاة رقمية، وأنه يستطيع اختراق حدود الواقع باتباع تعليمات روبوت. حتى أنه تساءل إن كان بإمكانه الطيران بالقفز من مبنى شاهق. لكن الإجابة عززت أوهامه بدلًا من أن تبددها.
– ما هو الذهان؟
وفقا لعيادة كليفلاند، فإن الذهان هو اضطراب عقلي يضعف قدرة الشخص على إدراك الواقع، مما يجعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والخيال.
وتشمل الأعراض الأكثر وضوحًا الأوهام المستمرة التي يتم دحضها بالأدلة، مثل رؤية أو سماع أشياء غير موجودة، وصعوبة التفكير والتحدث، وتغيرات في السلوك، والعزلة عن الآخرين، وفقدان القدرة على إدراك أن ما يمر به الشخص ليس حقيقيًا.
غالبًا ما ترتبط الذهان بأمراض مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب، ولكن يمكن أن تحدث أيضًا بسبب الإجهاد الشديد أو التأثيرات الخارجية.
في حالة الذكاء الاصطناعي، أكد الدكتور كيث ساكاتا في تقرير لشبكة CNN أن الخطر لا يكمن في إحداثه المباشر للذهان، بل في توافره الدائم، الذي يُكرر ما يرغب به المستخدم ويُغذي أفكاره دون عوائق. هذا يجعل الناس أكثر عرضة للوحدة، أو يجعل الباحثين عن الثقة بالنفس فريسة سهلة للأوهام، خاصة وأن استخدام هذه التقنية أقل تكلفة من المعالج النفسي.
خطر الغمر لفترات طويلة
تُظهر الحالات الموثقة في التقرير أن الخط الفاصل بين الاستخدام السليم للتكنولوجيا والانغماس في الأوهام قد يكون رفيعًا للغاية. ونظرًا لسهولة الوصول إلى روبوتات الدردشة على مدار الساعة، ثمة حاجة ملحة إلى زيادة الوعي بمخاطر الإفراط في استخدامها، لا سيما بين الفئات الأكثر ضعفًا نفسيًا.