وسط عدوانها على إيران.. كيف تحيل إسرائيل حياة الفلسطينيين جحيما بالضفة؟

منذ 4 ساعات
وسط عدوانها على إيران.. كيف تحيل إسرائيل حياة الفلسطينيين جحيما بالضفة؟

منذ بداية عدوانها على إيران، فرضت إسرائيل قيوداً مشددة على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية من خلال إقامة 898 نقطة تفتيش وبوابة عسكرية وإغلاق مئات الطرق والمداخل. – رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان: هذه الإجراءات تشكل عقابا جماعيا وتنتهك الحقوق الأساسية وخاصة الحق في حرية التنقل والرعاية الطبية. ورصدت وكالة الأناضول مشاهد ازدحام مروري واحتجاز شاحنات ومواطنين، فيما اضطر البعض للتنقل مشيا على الأقدام بين القرى والبلدات.

مع بدء عدوانها على إيران قبل أيام، حوّلت إسرائيل الضفة الغربية إلى سجن كبير، بفرضها قيودًا صارمة على حركة الفلسطينيين وإغلاقها طرقًا رئيسية. وقد أدى ذلك إلى شلل شبه تام في حياة الفلسطينيين وتفاقم معاناتهم.

لليوم الخامس على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تكثيف إجراءاته العسكرية على مداخل ومخارج محافظات الضفة الغربية. وبحسب مؤيد شعبان، رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (الحكومية)، فإن الفلسطينيين يصفون هذا الإجراء بأنه “عقاب جماعي ممنهج” يهدف إلى تقويض حياة السكان المدنيين وشل حركة التنقل بين القرى والبلدات.

وفي تصريح لوكالة الأناضول، قال شعبان إن “نظام الإغلاق الإسرائيلي يمثل اعتداء صارخا على الحقوق الأساسية المكفولة للفلسطينيين، وخاصة حرية التنقل والوصول إلى العلاج الطبي”.

وأشار إلى أن إسرائيل تغلق الطرق عمداً أمام أصحاب الأراضي الفلسطينيين لكنها تبقيها مفتوحة أمام المستوطنين، وبالتالي “ترسيخ نظام الفصل العنصري”.

وأوضح أن عدد الحواجز والبوابات والعوائق العسكرية بمختلف أشكالها وأنواعها بلغ أكثر من 898 حاجزاً وبوابة ومعيقاً عسكرياً، وأن غالبيتها مغلقة أمام الفلسطينيين.

تزامن تشديد إسرائيل إغلاق الضفة الغربية مع تصعيد عدوانها العسكري على قطاع غزة وهجماتها على إيران. ويُعدّ هذا جزءًا من سياسة إسرائيلية لطالما استخدمت التصعيدات الأمنية والعسكرية ذريعةً لفرض المزيد من القيود على الفلسطينيين.

منذ اندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون هجماتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. ووفقًا لمصادر فلسطينية، قُتل ما لا يقل عن 978 فلسطينيًا، وجُرح ما يقرب من 7000 آخرين، واعتُقل أكثر من 17500 شخص.

طوابير طويلة

ورصد مراسل وكالة الأناضول في الضفة الغربية حواجز عسكرية كثيفة على مداخل عدة مدن، بعضها مغلق بالكامل ببوابات حديدية، فيما لاحظ آخرون طوابير طويلة من السيارات وسط تفتيش دقيق.

على المدخل الرئيسي لمدينة قلقيلية (شمال)، تشكل المركبات صفاً مزدوجاً يمتد مئات الأمتار.

قال أحمد عبادة، سائق شاحنة: “هذا هو المدخل الوحيد المفتوح منذ أيام. ننتظر ساعاتٍ للعبور”.

وأضاف لوكالة الأناضول: “الجنود يفتشون المركبات وبطاقات الهوية، ما يسبب تأخيرا وعرقلة”، مؤكدا أن الإجراءات الإسرائيلية “حولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم وسجون كبيرة”.

وأشار عبادة إلى أنه اضطر خلال اليومين الماضيين إلى استخدام طرق ترابية وجبلية خطرة لضمان توصيل المواد الغذائية إلى الأسواق.

تزامن هذا الإغلاق مع شنّ هجوم إسرائيلي واسع النطاق على إيران، بدعم ضمني من الولايات المتحدة، شاركت فيه عشرات الطائرات المقاتلة. استهدفت العملية، التي أُطلق عليها اسم “الأسد الصاعد”، منشآت نووية وقواعد صاروخية في مناطق مختلفة، واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين. ووفقًا للتلفزيون الإيراني، أسفر الهجوم عن مقتل 224 شخصًا وإصابة 1277 آخرين.

وردت إيران على الهجوم مساء الجمعة بسلسلة من الهجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، ما تسبب أيضا في أضرار مادية كبيرة وأسفر عن مقتل 24 شخصا وإصابة 592 آخرين، بحسب وزارة الصحة الإسرائيلية ووسائل إعلام عبرية.

مصادرة المركبات

على مدخل بلدة بديا غربي مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، والمغلق ببوابة حديدية منذ الجمعة، استولى جيش الاحتلال الإسرائيلي على عدد من الشاحنات وصادر مفاتيح بعضها.

وقال ساجي الظاهر، سائق شاحنة طعام، لوكالة الأناضول: “كنت أحمل حمولتي في سيارة على الجانب الآخر من البوابة عندما جاء الجنود فجأة، وصادروا مفاتيحي وتركوني واقفا في الشارع”.

وأضاف: “المنطقة محاصرة بالكامل، ولا سبيل للوصول إلى الجانب الآخر. سكانها ينتظرون هذه الشحنة، ولا أستطيع تلبية احتياجاتهم”.

وتابع الظاهر: “أنتظر هنا منذ ساعة، ولا أعلم متى سيُطلق سراحي، أو هل سأتعرض للاعتداء. هذه منطقة سكنية، وقد أتعرض لأي خطر”.

والتقطت كاميرات وكالة الأناضول مشاهد لعشرات الفلسطينيين، بينهم طلاب وعمال وموظفون، وهم يتنقلون من مركبة لأخرى عبر البوابات المغلقة، محاولين تجاوز الحواجز العسكرية والوصول إلى أماكن عملهم.

وقال ناصر عبد الله، أحد الموظفين العالقين، لوكالة أنباء الأناضول: “لم أتمكن من الوصول إلى العمل منذ أيام. ليس لدي خيار سوى المشي والانتقال من مركبة إلى أخرى”.

وأضاف: “هذا المشهد يعيدني إلى زمن انتفاضة الأقصى بين عامي 2000 و2004. إلا أن الأمر اليوم أشد خطورة وصعوبة بسبب طبيعة ومدى الإغلاق”.

وبحسب مراسل وكالة الأناضول ومنصات التواصل الاجتماعي المحلية، فإن الغالبية العظمى من سكان الضفة الغربية يواجهون قيودا يومية على حركتهم بسبب إغلاق إسرائيل الصارم لمعظم الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدن والبلدات.

منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، اعتمدت إسرائيل على إغلاق الطرق وبناء الحواجز كوسيلة للسيطرة الأمنية في الضفة الغربية. وأنشأت نظامًا معقدًا من البوابات والمعابر ونقاط التفتيش التي تُقيد حرية تنقل الفلسطينيين بين المدن والقرى. وكثيرًا ما تُستخدم هذه الحواجز كوسيلة عقاب جماعي في أعقاب التوترات الأمنية أو التصعيد السياسي.

تؤثر الإغلاقات المتكررة والحواجز العسكرية بشكل مباشر على الحياة الاقتصادية في الضفة الغربية، إذ تعيق حركة البضائع والعمال، وتتسبب في خسائر فادحة للقطاع الخاص الفلسطيني. كما أنها تُفاقم الأزمات في قطاعات كالزراعة والتجارة والرعاية الصحية، من خلال إعاقة الوصول إلى الأسواق والخدمات الحيوية.


شارك