خبراء: دور متميز للشباب في تشكيل مستقبل الطاقة النووية من أجل التنمية المستدامة

وأكد خبراء الطاقة النووية أنه في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، وفي ظل كفاح كوكبنا من أجل البقاء تحت وطأة تغير المناخ وتزايد الحاجة إلى حلول جذرية للأزمات البيئية المتفاقمة، فإن روح الشباب تتألق كمنارة أمل تنير الطريق إلى المستقبل. إنهم ليسوا مجرد شهود على التغيرات الجارية، بل هم صناع التغيير وحماة الأرض الذين يتحملون مسؤولية تشكيل وجه الغد.
وأشار الخبراء إلى أن الطاقة تبرز في قلب هذا المشهد المتغير باعتبارها حجر الزاوية للحلول المستدامة، في انتظار أن يتم تطويرها وتحقيق إمكاناتها الحقيقية. وبينما يتطلع العالم إلى آفاق جديدة للطاقة، فإن الشباب هم الذين يبنون الجسور نحو مستقبل يتناغم فيه التقدم التكنولوجي مع استدامة الحياة على كوكبنا.
تعتبر شركة روساتوم الروسية منارة للابتكار والتميز في عالم الطاقة النووية، وتحيط بهالة من الخبرة والمعرفة المتراكمة على مدى عقود من الزمن. لم تصبح هذه الشركة الضخمة مجرد منتج تقليدي للطاقة فحسب، بل تطورت أيضًا لتصبح رائدة في صناعة المستقبل. ويهدف البرنامج إلى تطوير التقنيات النووية التي تحقق التوازن بين الطموح والسلامة البيئية. ومن بين مشاريعها الأكثر ابتكاراً أكاديمية لومونوسوف، أول محطة طاقة نووية عائمة في العالم، وهي مثال حي على استخدام المفاعلات النووية الصغيرة لتوليد الطاقة النظيفة في المناطق النائية. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الشركة بتشغيل مفاعل النيوترونات السريعة BN-800 في الوحدة الرابعة من محطة الطاقة النووية بيلويارسك، وهو أول مفاعل في العالم يستخدم أكسيد اليورانيوم والبلوتونيوم (MOX) كوقود، مما يدعم تكنولوجيا الدورة النووية المغلقة ويحسن الحد من النفايات المشعة. كما أطلقت شركة روساتوم مؤخرًا مشروع Breakthrough Project، الذي يعمل على تطوير مفاعل BREST-OD-300، وهي خطوة مهمة نحو مستقبل نووي خالٍ من النفايات.
وبحسب الخبراء، فإن هذه المبادرات التقدمية تؤكد التزام روساتوم بتوفير حلول طاقة آمنة ومستدامة ومبتكرة.
وفي هذا السياق، تولي شركة روساتوم أهمية كبيرة للاستثمار في التقنيات النووية المتقدمة التي تقلل من البصمة البيئية وتحسن معايير السلامة، وبالتالي تصبح شريكا رئيسيا في التحول إلى الطاقة النظيفة والمستدامة. وهنا يتجلى دور الشباب بوضوح؛ إنهم ليسوا مجرد مستهلكين سلبيين لهذه التكنولوجيا، بل هم مبتكرون يحملون شعلة الابتكار، ويضيفون لمستهم الإبداعية الخاصة، ويحولون الطاقة النووية إلى حليف قوي في معركة البشرية ضد تغير المناخ.
يعتقد الخبراء أن شباب اليوم، بعقولهم المشرقة وقلوبهم المتحمسة، هم من يحملون زمام المبادرة في التغيير العالمي. وفي مختبرات البحث العلمي، تتألق أفكارهم كالنجوم وتبشر بميلاد تقنيات نووية أكثر كفاءة وصديقة للبيئة. وفي قاعات الجامعة، تتبلور رؤاهم للبدائل المبتكرة، مما يعيد تعريف مفهوم السلامة النووية.
وأوضح الخبراء أن العقول الشابة التي تحركها المعرفة والطموح قادرة على استكشاف آفاق جديدة في عالم الطاقة النووية، ليس فقط من خلال تحسين التقنيات الحالية، بل أيضاً من خلال إنشاء جيل جديد من المفاعلات يتميز بالاستدامة والسلامة العالية، وبالتالي ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وقد وفر المنتدى الدولي للشباب حول التقنيات النووية المستدامة، الذي استضافته الإسكندرية مؤخرا بالتعاون مع هيئة الطاقة النووية، منصة ملهمة للشباب من مختلف البلدان لمناقشة مستقبل الصناعة النووية. اجتمع أكثر من 350 طالبًا ومهندسًا شابًا من مصر وروسيا ودول أخرى وتشاركوا رؤية مشتركة لمستقبل مستدام يعتمد على الطاقة النووية النظيفة. وناقش المشاركون مجموعة من المواضيع الهامة، بما في ذلك الابتكارات في مجال سلامة المفاعلات، والتقنيات الحديثة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية في الرعاية الصحية والزراعة والصناعة. كما تناول المنتدى أهمية تنمية الموارد البشرية ومهارات القيادة لدى الشباب لتمكينهم من لعب دور رئيسي في تنفيذ المشاريع النووية المستقبلية، وخاصة محطة الضبعة للطاقة النووية.
وفي هذا السياق، سلطت السيدة تاتيانا تيرنتييفا، نائبة المدير العام للموارد البشرية في روساتوم، الضوء على الدور الحاسم الذي يلعبه الشباب في تشكيل مستقبل قطاع الطاقة النووية، مؤكدة أن الثروة الحقيقية لأي مشروع للطاقة النووية تكمن في رأس المال البشري الذي يقوده. وقالت إن أكثر من 30% من موظفي روساتوم هم من الشباب، أي أكثر من 120 ألف شاب وشابة، مضيفة أن روساتوم تعتمد بشكل متزايد على القادة الشباب لإدارة وتنفيذ مشاريعها الأكثر طموحا داخل روسيا وخارجها.
وقالت إن روساتوم تعمل على اكتشاف وتنمية المواهب الشابة من خلال توظيف أكثر من 3500 خريج من الجامعات والمعاهد التقنية سنويا ودمجهم في القوى العاملة في الصناعة النووية في مرحلة مبكرة. وأوضحت أن العديد من هؤلاء الخريجين، ومن بينهم مهندسون مصريون، يتلقون حاليا تدريبات في الجامعات والمعاهد النووية الروسية، بما في ذلك الجامعة الوطنية للأبحاث النووية “ميفي” ومعهد أوبنينسك للتكنولوجيا، حيث يخضعون لبرامج تعليمية وتدريبية مكثفة، بما في ذلك التدريب العملي في محطات الطاقة النووية الروسية. يشكل هؤلاء الشباب نواة الفريق الذي سيدير عملية التشغيل والصيانة لمحطة الضبعة للطاقة النووية. لقد اكتسبوا المهارات والخبرة اللازمة للعمل وفقًا لأعلى معايير السلامة والكفاءة العالمية.
ولا تقتصر الاستثمارات في تنمية المواهب الشابة على التعليم الأكاديمي، بل تشمل أيضاً إعدادهم ليصبحوا قادة المستقبل من خلال تعزيز ثقافة الحوار والانفتاح والمشاركة في عمليات صنع القرار. تضع ثقافة شركة روساتوم ثقة كبيرة في الشباب وتمنحهم الفرصة لقيادة المشاريع الإستراتيجية. ويعتقد أنها سوف تشكل صناعة الطاقة النووية في العقود المقبلة.
تؤكد شركة روساتوم التزامها برؤية طموحة ترتكز على تمكين الأجيال الشابة من قيادة المرحلة التالية من تطوير التكنولوجيا النووية. وقد أدى هذا النهج إلى خلق منصة لتسليط الضوء على دور الشباب باعتبارهم حجر الأساس لمستقبل هذه الصناعة. واليوم أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من الفرق التي تدير مشاريع روساتوم العالمية، بما في ذلك محطة الضبعة للطاقة النووية في مصر.
إن الاحتفال بمرور ثمانية عقود على التميز النووي الروسي لم يكن مجرد تكريم للماضي فحسب، بل كان أيضاً تجديداً للوعد للشباب بمواصلة طريق الابتكار. تعتمد الثقافة المؤسسية لشركة روساتوم على إشراك الشباب في تشكيل الرؤية الاستراتيجية، لأنهم هم الذين يحملون شعلة التنمية والابتكار إلى المستقبل.
يظل الشباب القلب النابض لحركة التغيير في عالمنا وهم الأمل الذي يتطلع إليه كوكب الأرض. ومن خلال إبداعهم ومشاركتهم النشطة وقدرتهم على التأثير في السياسات، فإنهم سوف يساعدون في تشكيل مستقبل الطاقة النووية، وتحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والاستدامة البيئية والاقتصادية. إن الشراكة بين الشباب والمؤسسات الرائدة مثل روساتوم هي الأساس لبناء هذا المستقبل المشرق، حيث تلتقي عبقرية الشباب مع حكمة الخبرة، مما يخلق “مزيجًا” فريدًا قادرًا على مواجهة تحديات عصرنا. تخلق هذه الشراكة رؤية مشتركة لمستقبل يتمتع فيه الجميع بالطاقة النظيفة والمستدامة ويحافظ على حق الأجيال القادمة في أرض خضراء وسماء زرقاء.