شركة DeepSeek.. تفاصيل عن المؤسسة الصينية التي قلبت أسواق الأسهم

شهدت أسواق الأسهم العالمية حالة من الاضطراب خلال اليومين الماضيين بعد الاهتمام المتزايد ببرامج الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي طورتها شركة صينية ناشئة تدعى DeepSeek. وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فإن هذا البرنامج لم يؤثر على سوق الأسهم فحسب، بل أثار أيضًا جدلاً واسعًا حول المنافسة الاقتصادية والجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي.
السباق التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة
يعد مساعد الذكاء الاصطناعي الذي أطلقته شركة DeepSeek، التطبيق المجاني الأكثر تنزيلا في متجر Apple iPhone، مما يثير تساؤلات حول قدرة الشركات الصينية على مواكبة نظيراتها الأمريكية في هذا المجال أو حتى التنافس معها. ووفقا لبعض الخبراء، فإن هذا التطور يشكل تحديا مباشرا للشركات الأمريكية التي تنفق مبالغ هائلة على البنية التحتية مثل مراكز البيانات والرقائق المتقدمة.
لكن محللي صناعة التكنولوجيا، مثل ستايسي راسجون، من شركة بيرنشتاين، قالوا لوكالة أسوشيتد برس إن رد الفعل في وول ستريت كان مبالغًا فيه، حيث وصف راسجون نماذج الشركة بأنها “رائعة، ولكنها ليست معجزات”. وأكدت أن شركة DeepSeek لا تعتمد على ابتكارات سرية أو غير معروفة، بل تستخدم تقنيات متاحة للجميع، مما يعكس واقعية تقدمها التكنولوجي.
ما هو المميز في DeepSeek؟
تأسست شركة DeepSeek في مدينة هانغتشو بالصين في عام 2023 وأصدرت أول نموذج لغة ذكاء اصطناعي واسع النطاق في نفس العام. ما يميز الشركة هو أنها تمكنت من تطوير نماذجها باستخدام شرائح أرخص وأكثر قوة مثل Nvidia’s H800، بدلاً من الرقائق المتطورة التي تخضع لقيود الولايات المتحدة على التصدير إلى الصين.
اكتسبت DeepSeek شهرة إضافية عندما أطلقت نموذجًا جديدًا يسمى R1، والذي أظهر مهارات التفكير المنطقي والتفكير المتقدم مع كونه أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بالنماذج المماثلة من الشركات الأمريكية مثل OpenAI. وقد أظهر R1 قدرات استثنائية فيما يعرف بـ “التدريب الذاتي أثناء الاختبار”، مما يسمح للنظام بتحسين أدائه دون الحاجة إلى بيانات جديدة.
الأبعاد السياسية للتطورات التقنية
لم تكن التطورات المحيطة ببرنامج DeepSeek خالية من الأبعاد السياسية. ويرى بعض المراقبين، مثل جريجوري ألين من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، دلالات سياسية في توقيت الإعلان عن النموذج الجديد، ويشيرون إلى أنه يهدف إلى إظهار حدود القيود الأمريكية على صادرات الرقائق. وأضاف ألين أن هذه الخطوة كانت مماثلة لإطلاق هواوي هاتفًا جديدًا خلال المناقشات الدبلوماسية حول قيود التصدير في عام 2023.
وفي هذا الصدد، ذكر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن نجاح DeepSeek يعكس الحاجة إلى تقليل الإنفاق على التكنولوجيا لتحقيق نتائج مماثلة، ودعا إلى زيادة الجهود الأمريكية للفوز في المنافسة.
لحظة “سبوتنيك” للذكاء الاصطناعي؟
ووصف المستثمر مارك أندريسن هذا التطور بأنه “لحظة سبوتنيك” للذكاء الاصطناعي، في إشارة إلى إطلاق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي في عام 1957، والذي أشعل شرارة سباق الفضاء. وشدد على أن التنظيم المفرط للصناعة في الولايات المتحدة يمكن أن يضعف الشركات الأمريكية ويمنح الصين الفرصة للتقدم.
ومع هذه الديناميكيات، فإن المنافسة في الذكاء الاصطناعي أشبه بمعركة استراتيجية بين القوى العظمى، حيث تسعى كل دولة إلى الحفاظ على ريادتها التكنولوجية، سواء من خلال التطورات التقنية أو المناورات السياسية.