تونس وأسطول الصمود العالمي.. تسهيلات الدولة وضغوط الخارج

يقول الباحث السياسي عبد الرزاق الخلولي: الدولة التونسية فتحت جميع أبوابها وموانئها البحرية والبرية أمام أسطول الصمود العالمي من أجل كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. محمود بن مبروك الأمين العام لحزب 25 يوليو: تم الضغط على الدولة ورئيسها لمنع الأسطول من مغادرة تونس. – النائب عن التيار الشعبي الطاهر منصور: قد نختلف مع السلطات في مجالات أخرى، لكن في هذا الصدد الموقف الرسمي التونسي جيد فعلا.
في الوقت الذي تواصل فيه سفن أسطول الصمود العالمي رحلتها نحو قطاع غزة، تشيد تونس بدعم الحكومة للأسطول، رغم التقارير التي تتحدث عن ضغوط خارجية لمنع انطلاقه من المياه التونسية.
وصلت سفن أسطول الاستقرار الإسباني إلى المياه الإقليمية التونسية، ومن هناك انطلقت نحو غزة، على أمل كسر الحصار الإسرائيلي الظالم المستمر منذ ما يقرب من 18 عامًا.
كما انطلقت سفن أسطول الصمود المغاربي من المياه التونسية، وانضمت إلى بقية الأسطول الدولي. وأبحرت معًا نحو غزة، موطن حوالي 2.4 مليون فلسطيني.
هذه هي المرة الأولى التي تبحر فيها عشرات السفن معًا نحو غزة. تحمل هذه السفن مساعدات إنسانية، وخاصةً الإمدادات الطبية، وأكثر من 500 متطوع مدني.
وكانت إسرائيل، القوة المحتلة في فلسطين، قد هاجمت في السابق سفناً فردية أثناء توجهها إلى غزة باعتبارها قراصنة، واختطفتها، ورحلت الناشطين على متنها.
** المرافق الرسمية
ونفى المحلل السياسي التونسي عبد الرزاق الخلولي مزاعم عدم دعم الدولة التونسية للأسطول، وقال لوكالة الأناضول: “الدولة فتحت له كل البحار والأراضي والموانئ التونسية”.
وأضاف: “تم توفير الحماية الكاملة للأسطول، وهذا يؤكد أن الدولة بذلت كل ما يلزم لدعمه وضمان حمايته”.
وأشار الخلولي إلى أن “الأسطول تمكن من التحرك (من ميناء سيدي بوسعيد) إلى ميناء بنزرت التونسي”.
وتابع: “بناء على قرار من أعلى سلطة، رئيس الجمهورية قيس سعيد، قامت شركة شل بتوفير الوقود مجانا للسفن، بالإضافة إلى العديد من حزم المساعدات من المانحين أو المؤسسات الحكومية”.
ورأى أن “كل هذا يدحض بشكل قاطع حقيقة أن الدولة عارضت الأسطول، بل دعمته وساعدته”.
وأكد أن “هذا يتماشى مع سياسة الدولة الداعمة لفلسطين ويؤكد مرة أخرى أن موقف تونس وخاصة موقف رئيس الجمهورية من القضية الفلسطينية ثابت لا يتزعزع ولا يتغير”.
لقد احتلت إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان لعقود من الزمن، وترفض الانسحاب من هذه الأراضي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حدود ما قبل عام 1967.
وفيما يتعلق بتحقيق السلطات في التقارير التي تحدثت عن تعرض الأسطول في ميناء سيدي بوسعيد لهجمتين بطائرات مسيرة، قال الخلولي: “هذا بالتأكيد واجب الدولة ومؤسساتها”.
وأضاف: “يجب التحقيق في مثل هذه الأفعال وتحديد هوية مرتكبيها”.
وأضاف الخلولي أنه “على الرغم من وجود شائعات حول استهداف الأسطول من قبل الكيان (إسرائيل)، إلا أن التحقيقات الأولية أظهرت عدم صحة ذلك”.
وتابع: “حتى لو عُثر على طائرة مُسيّرة، فهي تابعة للأسطول، وجاءت من مكان قريب منه. كان هذا عملاً مُتعمّداً، ربما كان الهدف منه إحراج الدولة التونسية أمام شعبها”.
وعن إمكانية وجود ضغوط خارجية لمنع تونس من استقبال الأسطول، قال الخلولي: “لا علم لي بأي ضغوط من أي دولة أو جهة أو منظمة”.
**الضغط الخارجي
وقال محمد بن مبروك، الأمين العام لحزب محاكمة 25 يوليو (المؤيد للرئيس)، للأناضول، إن “الدولة التونسية سهلت وصول سفن من إسبانيا إلى مكان قريب من القصر الرئاسي”.
وأضاف ابن مبروك: “هذا دليل على أن الدولة التونسية تدعم القضية الفلسطينية ميدانيا”.
وتابع: “بعد تعرضه لهجومين لمنع الأسطول من التجمع، تم نقله إلى بنزرت ليكون تحت حماية الحرس البحري”.
وأضاف ابن مبروك “نحن ندعم الأسطول دون قيد أو شرط لأننا نعتبر القضية الفلسطينية قضية عادلة”.
وتابع: “لا شك أن الأسطول كان هو المستهدف، والدولة أقرت بذلك. وكان الهدف عرقلة تقدمه وإجهاض العملية في تونس لما لها من تأثير على الرأي العام الدولي”.
وعن الضغوط الخارجية الموجودة، قال ابن مبروك: “بالتأكيد هناك ضغوط على الدولة ورئيس الجمهورية للإعلان أن الأسطول لا يستطيع مغادرة تونس”.
وأضاف: “إن وجود العشرات من سفن الأسطول في المياه الإقليمية والدولية يثير مشكلة بحرية بين الأسطول وقوات الدفاع الإسرائيلية حول كيفية التعامل معها، ويضع إسرائيل والمجتمع الدولي في موقف محرج”.
وأضاف ابن مبروك أنه بالنسبة للذين يمارسون الضغوط، كان “من الأفضل منع الأسطول من مغادرة تونس بدلاً من إبقائه في البحر”.
وعزا ذلك إلى أن “أي حادث في البحر ستكون له عواقب وخيمة على الدول المعارضة للأسطول الذي يهدف إلى توصيل المساعدات إلى غزة”.
وأعلن أسطول الصمود العالمي، الأربعاء، وقوع 12 انفجارا على متن تسع سفن تابعة له نتيجة هجمات بطائرات مسيرة.
حذرت قوات الأسطول العالمي للصمود من أن الانفجارات والهجمات العنيفة بطائرات مسيرة وانقطاعات الاتصالات تشير إلى “هجوم إسرائيلي محتمل” على سفنها.
** دعم للقضية
أشاد طاهر منصور عضو مجلس النواب وممثل الحراك الشعبي بموقف سلطات بلاده تجاه الأسطول الصامد.
حركة الشعب الناصري الحرّة لديها ١١ نائبًا من أصل ١٥٣. دعمت الحركة سعيّد في بداية إجراءاته الطارئة، لكنها ستتنافس معه في الانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤. وقال منصور لوكالة الأناضول إن موقف السلطات من الأسطول “يأتي ضمن سلسلة من الأساليب لدعم شعبنا في الأراضي المحتلة، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية”.
بدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل مجزرة إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. قتلت 65,419 شخصًا وأصابت 167,160 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء. كما تسببت في مجاعة أودت بحياة 442 فلسطينيًا، بينهم 147 طفلًا.
وبالتوازي مع هذه الإبادة الجماعية، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1044 فلسطينياً، وأصابوا نحو 10160 آخرين، واعتقلوا أكثر من 19 ألف شخص.
وأكد منصور أن هذا الموقف الداعم “ليس جديدا على تونس التي ساندت القضية الفلسطينية عبر التاريخ”.
وأضاف: “نُقدّر الموقف التونسي الرسمي. قد نختلف في قضايا أخرى، لكن في هذا الصدد، الموقف جيّدٌ بالفعل بفضل الاستقبال الذي حظي به أسطول الصمود”.
وعن حادثة الاعتداء على أسطول الصمود في ميناء سيدي بوسعيد، قال منصور: “عندما أعلن الحرس الوطني أن الأمر يتعلق بحادث احتراق عوامة نجاة، قلنا إن هذا التقرير بحاجة إلى التأكد”.
وتابع: “لقد ثبت ذلك في اليوم الثاني عندما أعلنت وزارة الداخلية أن الحادث كان عملاً تخريبياً”.
وأكد أن “على الأجهزة الأمنية الكشف عن تفاصيل هذا الاعتداء لأنه اعتداء على السيادة التونسية”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “الكيان الصهيوني خائف من أسطول الصمود، وأكد (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو أن أسطول الصمود هو الذي يقلقنا”.
وعزا منصور ذلك إلى أن الأسطول “سيكشف ويكشف حقيقة التمثيل الصهيوني الزائف للجغرافيا والتاريخ”.
وأضاف: “رغم أن السلطات التونسية لم تعبر عن ذلك (أنها تتعرض لضغوط)، إلا أننا على يقين أن الكيان الصهيوني وداعميه قلقون”.
وتابع: “نحن على يقين أنهم (هذه الدول) مارسوا ضغوطا، وعندما اقترحنا نحن كممثلين قانونا يجرم التطبيع، تم الضغط لأن موقف تونس كان دائما موقف انتصار للقضية الفلسطينية”.
إذا كانت السلطات تتعرض لضغوط، فعليها أن تعلن ذلك ليقف الشعب خلفها. الصمت لا يجدي نفعًا، كما اختتم منصور.