الضوء بين العلاج والتهديد.. كيف يقي الأحمر من السكري والزهايمر بينما يربط الأزرق بالسرطان؟

منذ 2 شهور
الضوء بين العلاج والتهديد.. كيف يقي الأحمر من السكري والزهايمر بينما يربط الأزرق بالسرطان؟

في الآونة الأخيرة، برز اتجاه متزايد نحو استخدام مصابيح LED كبديل للمصابيح المتوهجة الحمراء. ويعود هذا التوجه إلى الرغبة في ترشيد استهلاك الكهرباء، لا سيما استخدام الوقود الأحفوري – الذي لا يزال المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء في معظم دول العالم – لحماية البيئة والتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ.

لكن فيما يتعلق بالصحة، يختلف الوضع تمامًا. فوفقًا لصحيفة ديلي ميل البريطانية، اكتشف باحثون أن الضوء الأزرق المنبعث من مصابيح LED قد يُسبب مجموعة من الأمراض، بدءًا من السكري والقلق وصولًا إلى اضطرابات النوم والسرطان. كيف يُمكن أن يحدث هذا؟

● التقرير التالي يجيب على هذا السؤال:

مخاطر الضوء المنبعث من مصابيح LED

يخشى العديد من الخبراء من أن التعرض للضوء الأزرق المنبعث من مصابيح LED الحديثة وشاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية قد يؤدي إلى زيادة السمنة والقلق والعمى وبعض أنواع السرطان.

توصلت دراسة نشرت هذا العام في مجلة Scientific Reports إلى أن الفئران المعرضة لتركيزات عالية من الضوء الأزرق كانت أكثر عرضة للإصابة بالسمنة والقلق.

كما وجدت دراسة أجريت عام 2020 على 2000 شخص من قبل معهد برشلونة للصحة العالمية ونشرت في مجلة علم الأوبئة أن الأشخاص المعرضين لأعلى تركيزات من الضوء الأزرق في الليل لديهم خطر أعلى بنسبة 60 في المائة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، والذي يُعتقد أنه بسبب اضطرابات النوم.

يعود ذلك إلى أن الضوء الأزرق المنبعث من مصابيح LED هو ضوء عالي الطاقة. التعرض المفرط له يُعيق إفراز الميلاتونين، الهرمون الذي يُنظم نومنا، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم وتلف شبكية العين. تُصدر المصابيح القديمة التي تُصدر ضوءًا أحمر، والتي لم تعد تُستخدم بسبب قيود استهلاك الطاقة، نفس طيف الضوء الذي يُصدره ضوء الشمس.

لماذا الضوء الأحمر مفيد والضوء الأزرق ضار؟

يعتقد بعض الخبراء أن هناك علاقة إيجابية بين الضوء الأحمر والميتوكوندريا، التي تُولّد الطاقة اللازمة للبقاء في أجسامنا وتعمل كبطاريات مشحونة. يحتوي الضوء الأحمر على فوتونات تحمل الطاقة اللازمة لشحن المواد الكيميائية في الميتوكوندريا، مما يزيد من طاقتها ويُمكّنها من أداء وظائفها.

في حين أن الضوء الأزرق يفرغ بطاريات الخلايا في الجسم، أو ما يسمى بـ “الميتوكوندريا”، كما يقول جلين جيفري، أستاذ علم الأعصاب في معهد طب العيون في جامعة لندن.

وأضاف أن مصابيح LED لا تحتوي تقريبًا على ضوء أحمر ولكنها تصدر كمية كبيرة من الضوء الأزرق، مما يؤثر سلبًا على وظيفة الميتوكوندريا ويضع ضغطًا على بطاريات الخلايا في الجسم.

وأشار إلى أن الدراسات التي أجريت على الحيوانات أظهرت أن معدل التعافي بعد السكتة الدماغية أفضل بشكل كبير عند التعرض للضوء الأحمر مقارنة بالضوء الأزرق، وذلك بسبب التأثيرات على الميتوكوندريا في خلايا المخ.

الضوء الأحمر يحسن البصر لدى كبار السن.

تنخفض طاقة الميتوكوندريا مع التقدم في السن، مما يؤدي إلى أمراض مثل التنكس البقعي الجاف المرتبط بالعمر (AMD)، وهو السبب الأكثر شيوعًا لفقدان البصر لدى كبار السن. تموت خلايا الشبكية الحساسة للضوء، والضرورية للرؤية المركزية والمفصلة، تدريجيًا. هذا المرض غير قابل للشفاء، ويمكن أن يؤدي انخفاض إنتاج الميتوكوندريا للطاقة في خلايا الشبكية إلى مشاكل تؤدي إلى اختلال وظيفي.

لهذا السبب، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على استخدام الضوء الأحمر لعلاج الضمور البقعي المرتبط بالعمر (AMD) في وقت سابق من هذا العام. في العام الماضي، نشرت مجلة Retina دراسة خضع فيها المرضى لست جلسات من علاج العين بالضوء الأحمر كل أربعة أشهر، مع تعريض كل عين للضوء الأحمر لمدة خمس دقائق. بعد 13 شهرًا، شهد حوالي 55% من المرضى تحسنًا ملحوظًا في بصرهم، لا يقل عن خمسة أحرف على مقياس اختبار الرؤية الموحد. وتُجرى حاليًا دراسة أوسع نطاقًا لتأكيد هذه النتائج.

وتوصلت دراسة أجراها البروفيسور جيفري، ونشرت في مجلة الشيخوخة عام 2020، إلى أن ثلاث دقائق من التعرض اليومي للضوء الأحمر العميق يمكن أن تؤدي إلى تحسن كبير في فقدان البصر المرتبط بالعمر.

شملت الدراسة 24 متطوعًا سليمًا، عُرضت أعينهم المغلقة لضوء أحمر بطول موجي 670 نانومتر. اخترق الضوء الأحمر العيون المغلقة. استمر التعرض لمدة ثلاث دقائق يوميًا لمدة أسبوعين. وجدت الدراسة أن الرؤية في الضوء الخافت وإدراك الألوان تحسن بنسبة تصل إلى 20% لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 40 عامًا.

العلاج بالضوء الأحمر لمرض السكري من النوع الثاني

اكتشف البروفيسور جيفري أن العلاج بالضوء الأحمر يمكن أن يحارب ارتفاع نسبة السكر في الدم الضار لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2.

وفي دراسته التي نشرت العام الماضي في مجلة بيوفوتونيكس، قام بتعريض الجلد الخلفي لخمسة عشر مريضا للضوء الأحمر لمدة 15 دقيقة، ثم أعطاهم مشروبا سكريا وقام بقياس مستويات السكر في الدم لديهم على مدى ساعتين.

وأظهرت النتائج انخفاضًا في ارتفاع نسبة السكر في الدم، وكذلك انخفاض مستويات السكر في الدم بشكل عام، مقارنة بمن تناولوا المشروبات السكرية ولم يتعرضوا للضوء الأحمر.

أوضح البروفيسور جيفري أن الميتوكوندريا تحتاج إلى سكر الدم لتوفير الطاقة اللازمة لإعادة شحن بطارياتها. عند تعرضها للضوء الأحمر، تعمل بجهد أكبر، وبالتالي تمتص المزيد من سكر الدم، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم، وبالتالي الحماية من الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

العلاج بالضوء الأحمر لمرض الزهايمر والخرف

يُستخدم الضوء الأحمر أيضًا لعلاج مرض الزهايمر. يستخدم علماء في الجامعة التقنية في الدنمارك تقنيةً تُسلط ضوءًا متقطعًا عبر العينين لتحفيز موجات غاما المفيدة في أدمغة المرضى. تُنشّط هذه الموجات خلايا الدماغ المسؤولة عن تدمير لويحات الأميلويد السامة المرتبطة بمرض الزهايمر.

وأظهرت نتائج التجارب السريرية المبكرة أيضًا أن المرضى الذين يعانون من مرض الزهايمر الخفيف إلى المتوسط والذين تعرضوا للضوء لمدة 30 دقيقة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر شهدوا تحسنًا في مهارات اللغة والذاكرة.

كيف نحصل على الضوء الأحمر ونوفر الطاقة؟

الضوء الأحمر سهل المنال. ووفقًا للبروفيسور جيفري، يُمكن تحقيق الفوائد الصحية المتنوعة للضوء الأحمر بساعة واحدة من التعرض لأشعة الشمس يوميًا، أي ما يعادل المشي في حديقة عامة.

وأضاف أن النباتات تمتص الضوء الأزرق والأحمر لعمليات الأيض، وتعكس الأشعة تحت الحمراء بقوة لحماية نفسها من ارتفاع درجة الحرارة. هذا الضوء المنعكس مفيدٌ للإنسان تمامًا كالضوء الأحمر. لذلك، من الأفضل قضاء الوقت في بيئات طبيعية بدلًا من الأماكن المغلقة التي تُحاكي الطبيعة، مثل مراكز التسوق والحدائق الاصطناعية، التي تفتقر إلى الضوء الأحمر وانعكاسات الأشجار الطبيعية.


شارك