دراسات واستثمارات.. كيف ترسم مصر خارطة جديدة للزراعة في أفريقيا؟

منذ 2 ساعات
دراسات واستثمارات.. كيف ترسم مصر خارطة جديدة للزراعة في أفريقيا؟

سعد موسى: وزارة الزراعة تدرس السماح للقطاع الخاص المصري بالاستثمار في الزراعة الأفريقية للحصول على المواد الخام الاستراتيجية.

• تجارب “مصرية هندية” جديدة لمكافحة تغير المناخ من خلال تحويل مخلفات جوز الهند إلى تربة صالحة للزراعة يمكنها مضاعفة الإنتاج.

• تهتم المملكة العربية السعودية بالتعليم الزراعي والبيطري في مصر واستنباط أصناف جديدة من المحاصيل عالية الإنتاجية.

قال الدكتور سعد موسى نائب رئيس مركز البحوث الزراعية ورئيس إدارة العلاقات الزراعية الخارجية بوزارة الزراعة، إنه يجرى حالياً دراسة لتشجيع الاستثمارات المصرية في الدول الأفريقية وبحث آليات التنفيذ المناسبة لتمهيد الطريق أمام رجال الأعمال المصريين لزراعة وإدارة الأراضي في أفريقيا.

وأضاف موسى لـ”الشروق” أن الدراسة تبحث فرص الاستثمار الزراعي في عدد من الدول الأفريقية، منها أوغندا وتنزانيا وسيراليون، التي تتميز بأراضي خصبة ووفرة في المياه. ويُعد ذلك خطوة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الحيوية والمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والذرة والأرز، باعتبار هذه الدول من قضايا الأمن الغذائي الاستراتيجية لمصر وتلك الدول.

وأكد وزير الزراعة علاء فاروق عزمه على مواصلة العمل مع البرلمان المصري، بمجلسيه، لتعزيز استراتيجية التعاون مع الدول الأفريقية. وتُوِّج ذلك باجتماعٍ بين أعضاء لجنة أفريقيا ولجنة الزراعة بالبرلمان، بالإضافة إلى عددٍ من ممثلي الوزارات، لمناقشة إطار فتح الاستثمار الزراعي الخاص في أفريقيا.

وأوضح موسى أن الهدف من هذه المحادثات هو إيجاد إطار تنفيذي لمساعدة المستثمرين المصريين على التوسع خارجياً من خلال الاستحواذ على أراضٍ زراعية في بعض الدول الإفريقية التي تمتلك موارد طبيعية كبيرة.

وأشار موسى إلى أن مصر تستورد أكثر من 50% من احتياجاتها من القمح والذرة، ما يجعل التوسع في الزراعة في أفريقيا بديلاً مهماً لخفض تكاليف الاستيراد وتحسين الأمن الغذائي الوطني.

وأكد أن التركيز على أفريقيا لا يقتصر على المحاصيل، بل يشمل مجالات أخرى كالتعاون في تصدير المعدات الزراعية والأمصال واللقاحات البيطرية المُنتجة في مصر. وقد قام القطاع الخاص المصري، بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية، بتطوير خطوط إنتاج جديدة لتصنيع وإنتاج اللقاحات البيطرية، وتُصدّر مصر هذه المنتجات بالفعل إلى العديد من الدول الأفريقية والعربية.

وأعلن أن مصر صدرت نحو 1.4 مليار جرعة من الأمصال واللقاحات البيطرية بقيمة نحو 14 مليون دولار إلى أكثر من 40 دولة العام الماضي، وأن البلاد تستهدف زيادة حجم الصادرات بنحو 15 إلى 20 في المائة هذا العام.

وأشار إلى أن هذا النهج يتماشى مع رؤية الحكومة لإشراك القطاع الخاص المصري بفعالية، حيث يتم تشجيع رجال الأعمال على المشاركة في مشاريع زراعية مشتركة في القارة، بدعم حكومي عبر القنوات الرسمية.

وقال إن لجنتي الزراعة والشؤون الأفريقية في البرلمانين تلعبان دورا محوريا في هذا الأمر، حيث يتم التنسيق بين الحكومة والبرلمانيين لإشراك كافة الأطراف في صياغة رؤية متكاملة تضمن الاستثمار المستدام.

وأوضح أن هذا النهج يعكس فلسفة جديدة للحكومة ووزارة الزراعة، تعتمد على إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني والبرلمان، بدلاً من الاعتماد الكامل على الحكومة، وبالتالي خلق بيئة عمل متوازنة وشفافة.

وأشار موسى إلى أن جهود مصر لم تقتصر على القارة الأفريقية، بل استكملت جهود وزارة الزراعة في الانفتاح على الشراكات العربية والدولية من خلال اللقاءات الثنائية على هامش المؤتمرات والاجتماعات الدولية.

وأعلن أن وزير الزراعة علاء فاروق عقد مؤخراً لقاءً ثنائياً مع وفد سعودي على هامش قمة العشرين الزراعية في جنوب أفريقيا لبحث فرص التعاون والاستثمارات المشتركة في القطاع الزراعي.

وأوضح أن الوزير استعرض خلال اللقاء التطورات الهامة التي شهدها القطاع الزراعي المصري بدعم من القيادة السياسية سواء في مشروعات التوسع الأفقي أو مشروعات البنية الأساسية الزراعية والري والتخزين وغيرها من المجالات.

وأكد موسى أن هذه الإنجازات شملت تطوير مشاريع الري والصرف، وتوسيع الرقعة الزراعية، وإدخال التقنيات الحديثة في القطاع الزراعي، مما رفع كفاءة القطاع وساهم في تعزيز الأمن الغذائي محليًا ودوليًا من خلال تصدير منتجات زراعية تنافسية إلى الأسواق العالمية. وبلغت قيمة الصادرات المصرية من المنتجات الزراعية الخام والمُصنعة إلى دول العالم أكثر من 10 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2024.

وأضاف أنه بالإضافة إلى تبادل الخبرات بشأن التقنيات الحديثة وتطوير أصناف جديدة من المحاصيل عالية الإنتاجية، أبدى الوفد السعودي اهتماماً خاصاً بالتعليم الزراعي والبيطري.

كما أشار إلى مناقشات أخرى أجراها الأسبوع الماضي مع وفد هندي يضمّ شركات زراعية كبرى في الهند. واقترح الوفد نهجًا مبتكرًا لاستخدام مخلفات جوز الهند لتحويلها إلى تربة طبيعية خصبة تحتفظ بالمياه تحت جذور النباتات، ويمكن استخدامها كبديل زراعي فعال. ووصف هذه التقنية بأنها خيار واعد يمكن تطبيقه في مصر بعد إجراء التقييمات العلمية اللازمة في مركز البحوث الزراعية، وبالتعاون مع القطاع الخاص المصري للانتقال إلى الزراعة العضوية.

وأشار إلى أن هذه التجربة تندرج ضمن مفهوم الزراعة المستدامة الذي تعمل مصر على توسيع نطاقه لمواجهة التغيرات المناخية وترشيد استخدام الموارد المائية.

وأشار إلى أن اللقاءات الثنائية أصبحت من أهم الأدوات الفعالة التي تعتمد عليها وزارة الزراعة لفتح قنوات اتصال جديدة مع شركاء التنمية والاستفادة من المنصات الإقليمية والدولية للترويج لفرص الاستثمار في مصر.

وأشار إلى أن المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الدكتور كو دونج يو أكد دعمه الكامل لجهود مصر لتحقيق الأمن الغذائي في أفريقيا، وأشاد بالرئيس عبد الفتاح السيسي لدعم هذا القطاع الهام في تحقيق التنمية المستدامة في مصر.

وتابع: “سلط الممثل البريطاني لدى جنوب أفريقيا، خلال اللقاء الثنائي مع وزير الزراعة على هامش قمة العشرين في جنوب أفريقيا، الضوء على مشكلة المياه في مصر ودعم بلاده لمصر في هذا المجال، نظرًا لأهمية مياه النيل للقطاع الزراعي المصري. كما شجع رجال الأعمال البريطانيين على الاستثمار في القطاع الزراعي المصري”.


شارك