الرئيس السيسي: ملف المياه يمثل قضية وجودية لمصر.. ولن نقبل المساس بحقوقها المائية

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا، بقصر الاتحادية.
صرح المتحدث الرسمي باسم الرئيس المصري، السفير محمد الشناوي، بأنه فور وصول الرئيس الرواندي، أُقيمت له مراسم استقبال رسمية، عُزف خلالها السلامان الوطنيان لمصر ورواندا. أعقب ذلك لقاء مغلق بين الرئيسين، تلته جولة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين.
صرح المتحدث الرسمي أن الرئيس استهل اللقاء بالترحيب بأخيه الرئيس بول كاغامي، مشيدًا بالعلاقات التاريخية الوطيدة بين مصر ورواندا، ومؤكدًا أهمية مواصلة العمل على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، لا سيما في القطاعات الاقتصادية والتجارية والطبية. وينصب التركيز على تعظيم فرص الاستثمار المشترك، لا سيما في مجالات الأدوية والمستلزمات الطبية والأغذية والإنشاءات.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس أعرب عن رغبة مصر في مواصلة دعم رواندا في تحقيق أهدافها التنموية، كما أبدى استعداده لتعزيز التعاون في بناء القدرات بما يسهم في نجاح رؤية رواندا التنموية 2050.
من جانبه، أشاد الرئيس كاغامي بالتعاون القائم بين البلدين، مؤكدًا على ما فيه من فوائد متبادلة للشعبين. كما أكد التزام رواندا بتوسيع هذا التعاون المثمر مع مصر. صرح المتحدث الرسمي أن اللقاء ناقش العديد من القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك التطورات الأخيرة في منطقة البحيرات العظمى. وأكد الرئيس موقف مصر الداعم لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، ومواجهة التحديات التي تعيق التنمية والازدهار.
ناقش الجانبان أيضًا التطورات في منطقة القرن الأفريقي وفرص تعزيز السلام والأمن في المنطقة. وفي هذا السياق، تبادل الرئيسان وجهات النظر حول فرص تعزيز التكامل بين دول حوض النيل، واتفقا على مواصلة التشاور والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لجميع الدول المشاطئة. وأكدا على الالتزام بالقانون الدولي في إدارة الأنهار العابرة للحدود.
في هذا السياق، أكد الرئيس أن قضية المياه تُمثل تحديًا وجوديًا لمصر، لا سيما في ظل شحّ المياه الحاد. وأكد أن مصر لن تتهاون مع أي انتهاك لحقوقها المائية، وأن التعاون في حوض النيل يتطلب روح التعاون والتفاهم لتحقيق المصالح المشتركة. وأوضح المتحدث الرسمي أن المحادثات ركزت على التعاون في إطار الاتحاد الأفريقي، وأن الرئيسين اتفقا على مواصلة التنسيق وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأشاد الرئيس كاغامي بجهود الرئيس الرواندي في قيادة عملية إعادة الإعمار والتنمية بعد الصراع، معرباً عن تقديره لمساهمات الرئيس الرواندي في تعزيز الإصلاحات المؤسسية داخل الاتحاد.
فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ناقش الجانبان التطورات التي أعقبت مؤتمر نيويورك حول حل الدولتين، وتزايد عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين. وأطلع الرئيس نظيره الرواندي على جهود مصر لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتكثيف المساعدات الإنسانية.
وأكد الرئيس أيضاً رفض مصر القاطع لأية محاولات لطرد الشعب الفلسطيني من أرضه، وأكد مجدداً أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار الدائم في المنطقة. وأوضح المتحدث الرسمي أن الرئيسين حضرا عقب المحادثات توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات إدارة الموارد المائية، وتبادل تخصيصات الأراضي للأغراض اللوجستية والاقتصادية والتجارية، وبناء المساكن، وتشجيع وحماية الاستثمار.
وعقد الرئيسان أيضًا مؤتمرا صحفيا مشتركا لبحث نتائج المحادثات بين الجانبين.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس خلال المؤتمر الصحفي:
“بسم الله الرحمن الرحيم” أخي العزيز فخامة الرئيس بول كاغامي رئيس جمهورية رواندا الشقيقة، يسعدني أن أرحب بأخي الرئيس بول كاغامي ضيف شرف في وطنه الثاني مصر، وأن أعرب عن تقديري العميق لهذه الزيارة التي تجسد عمق الروابط التاريخية بين بلدينا، وتدل على إرادتنا المشتركة لتعزيز التعاون الثنائي وتكثيف التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقد أجريت مع فخامة الرئيس كاغامي مناقشات بناءة ومثمرة، عكست رؤية مشتركة ونية صادقة لتطوير علاقاتنا نحو أفق أوسع، وخاصة في مجالات الصحة والتعليم وبناء القدرات والنقل والتجارة والاستثمار وإدارة الموارد المائية وتصنيع الأدوية والمنتجات الطبية والبناء.
كما ناقشنا سبل تعزيز نقل الخبرات المصرية وتقديم المساعدة الفنية وتنمية القدرات الوطنية في رواندا بما يخدم مصالح شعبينا ويلبي تطلعاتهما في التنمية والازدهار.
وخلال اللقاء، أكدنا التزامنا بتعزيز الشراكة بين بلدينا، والتي تعود إلى ستينيات القرن الماضي، وتوسيع التجارة وتعزيز الاستثمار المتبادل، بما يسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر ورواندا.
وفي هذا السياق، أود أن أشيد بالإنجازات الرائعة التي حققتها رواندا في غضون سنوات قليلة، حيث أصبحت البلاد نموذجا للمصالحة الوطنية والوحدة الداخلية وبناء اقتصاد قوي ومستدام.
وفي إطار تعزيز التعاون القائم، شهدت توقيع عدة مذكرات تفاهم مع الرئيس كاغامي في مجالات مختلفة، بما في ذلك إدارة الموارد المائية، وتبادل منح الأراضي لأغراض لوجستية واقتصادية وتجارية، والإسكان، وتشجيع وحماية الاستثمار.
وقد أعربت لفخامته عن تقديرنا لمواقف رواندا المتوازنة تجاه العديد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك لبلدينا.
وأشادت أيضاً بالمشاورات الجارية بين القاهرة وكيجالي ودورها الفاعل في دعم جهودنا الرامية إلى إيجاد حلول سلمية وتوافقية للأزمات في شرق أفريقيا وحوض النيل ومنطقة البحيرات العظمى.
وفي هذا السياق، جددت مصر التزامها بدعم جهود تحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ودعم جهود الوسطاء الأفارقة والدوليين والإقليميين، وتشجيع الأطراف المعنية على المشاركة الجادة والمسؤولة وبحسن نية في عمليات الحل السلمي.
كما تم استعراض الدور المقترح لمصر في دعم تنفيذ اتفاق واشنطن، خاصة فيما يتعلق بإجراءات بناء الثقة ومحاور بناء السلام، وخاصة جهود إعادة الإعمار والتنمية بعد الصراع، استناداً إلى قيادة مصر لهذا الملف داخل الاتحاد الأفريقي والخبرة المصرية في هذا المجال.
لقد استمعت باهتمام كبير إلى آراء وتقييمات فخامة الرئيس بشأن مستقبل الحل المستدام في منطقة البحيرات العظمى، واتفقنا على مواصلة المشاورات والتشاور لتحقيق السلام والاستقرار المنشودين.
كما ناقشنا قضية مياه النيل، وأكدت لفخامة الرئيس أن هذه القضية ذات أهمية حيوية لمصر وشعبها، وأننا لن نسمح بأي تدخل في بحوثنا المائية، وفي الوقت نفسه نؤكد انفتاحنا الكامل على التعاون البناء مع أشقائنا في دول الحوض لإدارة هذا المورد الحيوي بما يسمح بالتنمية المشتركة، بعيداً عن منطق الهيمنة أو الإضرار بمصالح أي طرف.
وأعربت أيضاً عن أملنا في أن تواصل رواندا لعب دور إيجابي في تعزيز التفاهم والتعاون في منطقة حوض النيل، وأن تأخذ في الاعتبار المخاوف المصرية بشأن هذه القضية الهامة.
كما ناقشنا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الوضع في منطقة القرن الأفريقي، وتطورات الأزمة في السودان الشقيق، والقضايا المتعلقة بالعمل الأفريقي المشترك.
واتفقنا على مواصلة التنسيق وتبادل وجهات النظر بين القاهرة وكيجالي لدعم جهود حل النزاع وتحقيق الأمن والاستقرار في القارة.
وناقشنا أيضا تطورات القضية الفلسطينية، وأبلغت فخامة الرئيس بجهود مصر لإنهاء الحرب الدائرة، وزيادة المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى.
وأكدت رفض مصر القاطع لأية محاولات لطرد أشقائنا الفلسطينيين من أرضهم، وأنه لا بديل عن الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي من أجل إطلاق عملية سياسية جادة تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكدت أيضاً على أهمية دعم السلطة الفلسطينية باعتبارها شريكاً أساسياً في كافة العمليات السياسية وجهود إعادة الإعمار.
وفي هذا السياق، رحبنا بنتائج مؤتمر حل الدولتين الذي عقد يوم أمس 22 سبتمبر/أيلول في نيويورك، والاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل عدد من الدول، وهو ما يؤكد حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في الشرق الأوسط.
أخي فخامة الرئيس بول كاغامي.
أرحب بكم مرة أخرى في بلدكم الثاني مصر، وأعرب عن أملي في مواصلة عملنا المشترك لتحقيق المصالح المشتركة لشعبينا، والمساهمة في تعزيز وحدة قارتنا الأفريقية، ودفع مسيرتها نحو التقدم والازدهار.