مهمة عظيمة.. فلسطينيات في الضفة يقاومن بالزراعة زحف الاستيطان

منذ 6 أيام
مهمة عظيمة.. فلسطينيات في الضفة يقاومن بالزراعة زحف الاستيطان

** وفاء أبو مريم: نحن مرتبطون بالأرض وعملنا فيها لمدة ربع قرن، ولن نتركها. كل يوم نرى كيف يتم تنفيذ الضم على الأرض من خلال توسيع المستوطنات. **أمل صليبي: قد يكون مشروعنا اقتصاديًا، لكنه محاط بالحب والانتماء للأرض. – الاقتصاد والزراعة هما عماد الاستقرار في البلاد في ظل مساعي إسرائيل لتفريغ البلاد.

وتعتبر الزراعة كوسيلة لمواجهة التوسع الاستيطاني إحدى الأساليب العديدة التي يستخدمها الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة للتمسك بأرضهم ووطنهم وحمايتها من هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.

تقوم تسع نساء فلسطينيات بـ”مهمة عظيمة” في بلدة بيت أمر، شمال الخليل، جنوب الضفة الغربية، لحماية أراضيهن من التوسع الاستيطاني السريع.

وفاء أبو مريم هي واحدة من هؤلاء النساء اللواتي شاركن لعدة سنوات في مشروع زراعي تحول منذ ذلك الحين إلى مشروع مقاومة يعارض بشدة توسع المستوطنات الإسرائيلية.

تزرع النساء حوالي خمسة دونمات (الدونم الواحد يساوي ألف متر مربع) من الخضراوات والعنب ومنتجات أخرى. وتجاور المزرعة مستوطنة غوش عتصيون الإسرائيلية.

تبدو أبو مريم شغوفة بعملها وتحبه. وصرحت لوكالة الأناضول للأنباء بأنها مرتبطة ببلدها، إذ تعمل فيه منذ 25 عامًا، ومرتبطة به منذ الصغر.

**حب الأرض في داخلنا

السيدة لديها عائلة وأطفال وتقول في هذا السياق: “جميع أفراد العائلة يساعدون في الأرض، وبالتالي يتم زرع حب الأرض في نفوسنا، بالإضافة إلى زراعة الأرض بالخضراوات والأشجار”.

وتقول إن “الأرض كانت المصدر الرئيسي للدخل بالنسبة للعائلة لسنوات، ولكن مع تفاقم الأزمة المالية منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، أصبحت الأرض المصدر الوحيد للدخل لعائلتي وعائلات شركائي”.

تُسوّق النساء الخمس منتجاتهن في الأسواق المحلية، وغالبًا ما يبعنها مباشرةً للمستهلكين. مع ذلك، يشتكين من انخفاض أسعار السوق مقارنةً بتكاليف المُدخلات الزراعية والإنتاج.

لكن هذه المعضلة تبدو وكأنها قطرة في بحر اعتداءات المستوطنين، إذ يزعم أبو مريم أن التحدي الأكبر هو توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية على حساب الأراضي الفلسطينية.

وتشير إلى أن مستوطنة “غوش عتصيون” استولت على جزء كبير من الأراضي الفلسطينية.

وفيما يتعلق بقرار إسرائيل ضم الضفة الغربية، قالت السيدة الفلسطينية: “نعيش في حالة من عدم اليقين. كل يوم نشهد ضمًا على الأرض من خلال توسيع المستوطنات”.

أعربت أبو مريم عن تمسكها بالأرض رغم كل التحديات، وتابعت: “مع ذلك، لن نترك أرضنا وسنبقى هنا. لا مكان لنا سوى هذه الأرض. نقاوم اليوم بالزراعة والبقاء. ستبقى هذه المزرعة عائقًا أمام الاستيطان”.

وتؤكد ذلك بقولها: “هذه الأرض، وهذا الهواء، وهذا الماء ملك لنا وحدنا”.

وفي نهاية أغسطس/آب الماضي، أفاد موقع “واللا” العبري الخاص، نقلاً عن مصادر خاصة مجهولة، أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو أن تل أبيب تستعد لإعلان سيادتها على الضفة الغربية في الأشهر المقبلة.

أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الأربعاء، نية تل أبيب إخضاع 82% من أراضي الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية، وشدد على ضرورة “منع قيام دولة فلسطينية”.

تمهيدًا لضم الضفة الغربية المحتلة، صعّدت إسرائيل جرائمها في الضفة الغربية منذ بدء حرب الإبادة في قطاع غزة، وشملت هدم المنازل، وتهجير المواطنين الفلسطينيين، ومصادرة أراضيهم، وتوسيع وتسريع بناء المستوطنات.

**المهمة العظيمة

وأضاف أبو مريم أن بجوار المزرعة بئر مياه قديم “يزوره المستوطنون باستمرار، بدعوى أنه تراث يهودي، ويعتدون على المزارعين الفلسطينيين”.

بدورها، قالت آمال صليبي لوكالة الأناضول، وهي تواصل العمل في مزرعتها، إنها تنتمي إلى الأرض وتحبها، وأن مشروعها “رغم أنه مشروع اقتصادي، إلا أنه محاط بحب الأرض والانتماء إليها”.

وعن دورها، تُضيف: “لدينا مهمة عظيمة لحماية الأرض. نحميها بحضورنا الدائم، وإدارتها، والاستثمار فيها”.

ويؤكد صليبي أن “الاقتصاد والزراعة هما ركيزتا الاستقرار في البلاد، في حين تواصل إسرائيل سلب أصحاب أراضيهم وطردهم والسماح للمستوطنين بالاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأرض”.

وتضيف قائلة: “نحن نزرع الفاصوليا والعنب والطماطم ومحاصيل أخرى ونطعم عائلاتنا”.

ولا يقتصر عمل النساء على زراعة الخضروات، بل يمتد إلى إنتاج أطعمة تقليدية أخرى، بما في ذلك معجون الطماطم والمخللات وغيرها.

**توسيع المستوطنات

تسارعت وتيرة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية منذ بدء حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومع ذلك، تواصل إسرائيل تنفيذ خطة لضم الضفة الغربية وخطة أخرى لعزل الخليل.

في نهاية أغسطس/آب من العام الماضي، أفادت قناة 24 الخاصة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيناقش خطة لفصل مدينة الخليل عن نطاق نفوذ السلطة الفلسطينية. وسيُستبدل قادة المنطقة بعشائر محلية، وستُنشأ “إمارة” مستقلة. ويأتي هذا ردًا على نية عدة دول غربية الاعتراف بدولة فلسطين.

وأضافت الإذاعة: “من المتوقع أن يعترف هذا الكيان (الخليل بعد انفصالها المزعوم) بإسرائيل كدولة يهودية، وينضم إلى اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل”.

وبالتوازي مع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1017 فلسطينياً، وأصابوا نحو 7 آلاف آخرين، واعتقلوا أكثر من 18500 آخرين، بحسب مصادر فلسطينية.

بدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. فقد قتلت 64,455 فلسطينيًا، وأصابت 162,776، معظمهم من الأطفال والنساء، وخلفت أكثر من 9,000 مفقود، وشردت مئات الآلاف، وتسببت في مجاعة أودت بحياة 393 فلسطينيًا، بينهم 140 طفلًا.


شارك