عندما ينكسر القلب.. كيف تعيد الرياضة والعلاج النفسي النبض من جديد؟

كثيراً ما نستخدم مصطلح “القلب المنكسر” في حياتنا اليومية لوصف شخص مرّ بتجربة عاطفية مؤلمة. ولكن هل تعلم أن هذا المصطلح ليس مجازاً كما يعتقد البعض، بل هو حالة طبية تُعرف باسم “متلازمة القلب المنكسر” أو “تاكوتسوبو”. لفترة طويلة، لم يجد الأطباء علاجاً لهذه الحالة حتى أجرى الباحثون تجربة عشوائية على مرضى القلب المنكسر، وتمكنوا أخيراً من علاج العديد من الأعراض التي كان الأطباء يعتقدون سابقاً أنها لا تُشفى مدى الحياة.
ما هي متلازمة القلب المنكسر؟ ما أعراضها؟ ما هي طرق علاج تاكوتسوبو؟ التقرير التالي يجيب على هذه الأسئلة.
ما هي متلازمة القلب المكسور تاكوتسوبو؟
وفقًا لمايو كلينك، متلازمة القلب المنكسر هي حالة قلبية غالبًا ما تنجم عن مواقف مُرهقة ومشاعر قوية. كما يمكن أن تنجم عن مرض جسدي أو جراحة كبرى. عادةً ما تكون متلازمة القلب المنكسر مؤقتة، ولكن قد يستمر التعب لدى بعض الأشخاص حتى بعد شفاء القلب.
ما هي أعراض تاكوتسوبو؟
وفقًا لصحيفة “الغارديان” البريطانية، يعاني المصابون بمتلازمة القلب المنكسر من أعراض مثل ألم مفاجئ في الصدر أو شعور بنوبة قلبية. تؤثر متلازمة القلب المنكسر على جزء من القلب فقط، مما يُضعف وظيفة ضخ الدم لديه مؤقتًا. يستمر باقي القلب في العمل كالمعتاد، وقد ينقبض القلب أحيانًا بقوة أكبر.
ويبلغ خطر الوفاة المبكرة لدى المصابين به ضعف ما هو لدى عامة السكان.
ويعاني بعض المرضى أيضًا من قصور في القلب، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل التعب وتقصير متوسط العمر المتوقع.
القلب المكسور يمكن شفاءه.
أُعلن عن تفاصيل أول تجربة سريرية عشوائية مُحكمة في العالم حول متلازمة القلب المنكسر خلال المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لأمراض القلب في مدريد، وهو أكبر مؤتمر عالمي لأمراض القلب. وخلصت الدراسة إلى أن 12 أسبوعًا من العلاج السلوكي المعرفي، إلى جانب برنامج تمارين قلبية وعائية لمدة 12 أسبوعًا، يشمل السباحة وركوب الدراجات والتمارين الهوائية وجلسات نفسية، قد عززت تعافي المرضى من أمراض القلب.
شملت الدراسة 76 مريضًا مصابًا بمتلازمة تاكوتسوبو، 91% منهم نساء، وبلغ متوسط أعمارهم 66 عامًا. وُزِّع المرضى عشوائيًا على علاج سلوكي معرفي، أو برنامج تمارين رياضية، أو رعاية صحية تقليدية. وتلقى جميعهم العلاج الذي أوصى به طبيب القلب.
تلقت مجموعة العلاج السلوكي المعرفي 12 جلسة فردية في الأسبوع، صممها الباحثون خصيصًا لحالتهم، بالإضافة إلى الدعم اليومي حسب الحاجة.
أنهت مجموعة التدريب دورة تدريبية مدتها 12 أسبوعًا تضمنت ركوب الدراجات، والتدريب على جهاز المشي، وتمارين الأيروبيك، والسباحة، مع زيادة عدد وكثافة الجلسات تدريجيًا كل أسبوع.
واستخدم الباحثون تقنية تصوير متطورة تسمى “التصوير بالرنين المغناطيسي 31P”، والتي تسمح لهم بدراسة كيفية إنتاج قلوب المرضى وتخزينها واستخدامها للطاقة.
تعمل التمارين الرياضية والعلاج النفسي على زيادة قدرة ضخ القلب.
في مجموعتي العلاج السلوكي المعرفي والتمارين الرياضية، لوحظت زيادة ملحوظة في كمية الطاقة المتاحة لقلوب المرضى لضخ الدم. ولم يكن هذا هو الحال لدى من تلقوا الرعاية الطبية الاعتيادية.
-تحسين اللياقة البدنية
ارتفع متوسط المسافة التي قطعها المرضى الذين تلقوا العلاج السلوكي المعرفي في ست دقائق من 402 متر إلى 458 مترًا. وتمكن المشاركون الذين أكملوا برنامج التمارين من قطع مسافة 528 مترًا في المتوسط في ست دقائق، مقارنةً بـ 457 مترًا في بداية البرنامج.
-زيادة الحد الأقصى لاستهلاك الأكسجين
ارتفع معدل استهلاك الأكسجين الأقصى (VO2max)، وهو أقصى كمية من الأكسجين يستطيع الجسم امتصاصها ونقلها واستخدامها في الدقيقة لكل كيلوغرام من وزن الجسم أثناء بذل أقصى جهد بدني، لدى المرضى بنسبة 15% في مجموعة العلاج السلوكي المعرفي، وبنسبة 18% في مجموعة التمارين الرياضية. وتُعد زيادة مسافة المشي وارتفاع معدل استهلاك الأكسجين الأقصى مؤشرين على تحسن الصحة، إذ يعكسان أداء القلب والأوعية الدموية واللياقة البدنية.
يقدم العلاج الدوائي فوائد طويلة الأمد.
على الرغم من أن الخبراء يقولون إن التمارين الرياضية والعلاج السلوكي المعرفي ساهما بشكل كبير في شفاء القلوب المكسورة وتخفيف الأعراض، إلا أن النتائج تشير إلى أن العلاج الدوائي قد يقدم فوائد طويلة الأمد، مثل تقليل الأعراض وخطر الوفاة للأشخاص الذين يعانون من متلازمة القلب المكسور.
لا يمكننا التنبؤ بما تخبئه لنا الحياة. قد تحمل الأيام القادمة مفاجآت سارة، أو العكس. يسعى العلم والطب دائمًا لمساعدتنا على التكيف مع تحديات الحياة المتنوعة. ولعل هذا التقرير قد أظهر أن فوائد الرياضة تتجاوز مجرد الحصول على جسم مثالي وصحة أفضل، لتشمل أيضًا القدرة على التعافي من صدمات الحياة وأزماتها. ولعل هذا ما يفسر القوة الذهنية لمن يمارسون الرياضة بانتظام. ومع ذلك، يبقى الإيمان بالله تعالى ملاذًا آمنًا في مواجهة تقلبات الحياة وخيبات الأمل التي تصيبنا بين الحين والآخر، والإيمان بأنه سبحانه وتعالى يُدبّر الأمور ويختار الأنسب، حتى وإن بدت الأمور معاكسة.