هل يزيد الصيام المتقطع من خطر الوفاة بأمراض القلب؟

منذ 3 ساعات
هل يزيد الصيام المتقطع من خطر الوفاة بأمراض القلب؟

الصيام المتقطع ليس مجرد حمية غذائية عابرة؛ ففي السنوات الأخيرة، أصبح ظاهرة عالمية. يجد الكثيرون فكرته بسيطة وجذابة: ليس عليك حساب السعرات الحرارية أو تجنب الكربوهيدرات، فقط غيّر مواعيد تناولك للطعام.

ونتيجةً لذلك، اكتسب هذا النظام ملايين المتابعين حول العالم، بمن فيهم بعض نجوم هوليوود والشخصيات العامة. حتى رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك أعلن سابقًا أنه يبدأ أسبوعه بصيامٍ لمدة 36 ساعة.

ومع ذلك، بعد هذه الشعبية الواسعة، سلط تقرير حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الضوء على بحث جديد يثير تساؤلات مهمة حول ما إذا كان هذا النظام الغذائي آمنًا بالفعل على المدى الطويل، وخاصة فيما يتعلق بصحة القلب.

* دراسة واسعة النطاق تثير الشكوك

في أول دراسة رئيسية من نوعها، حلل الباحثون بيانات أكثر من 19 ألف بالغ في الولايات المتحدة على مدى ثماني سنوات. سُجِّلت عادات المشاركين الغذائية من خلال استبيانات متكررة، ثم رُبطت بمعدلات الوفيات وأسبابها.

النتيجة المذهلة للدراسة هي أن أولئك الذين يوزعون وجباتهم على فترة لا تزيد عن 8 ساعات يومياً لديهم خطر أعلى بنسبة 135% للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية من أولئك الذين يوزعون وجباتهم على فترة تتراوح بين 12 إلى 14 ساعة يومياً.

على الرغم من أن العلاقة بين الصيام المتقطع ومعدل الوفيات الإجمالي لم تكن واضحة أو ثابتة، إلا أن ارتباطه بوفيات القلب بدا واضحًا ومثيرًا للقلق. والجدير بالذكر أن الخطر كان موجودًا لدى جميع الفئات العمرية والاجتماعية، وكان أكثر وضوحًا بين المدخنين ومرضى السكري ومرضى القلب المزمنين.

* تصريحات الباحثين

أكد الباحث الرئيسي من جامعة شنغهاي جياو تونغ للطب أن هذه النتائج، وإن لم تُثبت وجود علاقة سببية مباشرة، إلا أنها تُعدّ مؤشرًا مُقلقًا. فقد رُبطت سنوات من الالتزام بفترة قصيرة لتناول الطعام تقل عن ثماني ساعات بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، مما يُناقض الاعتقاد السائد بأن الصيام المتقطع مفيد لصحة القلب والأيض.

* بين الفوائد والمخاطر

نشر البروفيسور أنوب ميسرا، وهو أحد أبرز علماء الغدد الصماء، مقالاً مصاحباً يبحث في إيجابيات وسلبيات الصيام المتقطع.

ومن ناحية أخرى، تؤكد العديد من الدراسات أنها تساعد على:

1- فقدان الوزن بشكل معتدل.

2- تحسين حساسية الجسم للأنسولين.

3- خفض ضغط الدم.

4- تقليل الدهون الضارة في الدم.

5- مضاد للالتهابات.

ومن ناحية أخرى، يشير ميسرا إلى أن النظام يمكن أن يسبب:

1- نقص بعض العناصر الغذائية لفترة طويلة.

2- يعاني بعض الأشخاص من ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.

3- الصداع والتعب وصعوبة التركيز.

4- نوبات هبوط سكر الدم الشديدة عند مرضى السكري في حال عدم تقديم الرعاية الطبية اللازمة.

5- فقدان الكتلة العضلية عند كبار السن والمرضى المزمنين.

* دراسات سابقة مثيرة للجدل

وفقًا للتقرير، ليست هذه هي المرة الأولى التي يُثير فيها الصيام المتقطع جدلًا. فقد خلصت دراسة نُشرت عام ٢٠٢٠ في مجلة JAMA للطب الباطني إلى أن المشاركين الذين مارسوا الصيام المتقطع لم يفقدوا سوى القليل من الوزن، معظمه كتلة عضلية، وليس دهونًا.

وقد لاحظت دراسات أخرى آثارًا جانبية مثل الجوع الشديد، والجفاف، والصداع، وصعوبة الالتزام بالنظام الغذائي لفترات طويلة من الزمن.

مع ذلك، لا تزال الدراسات قصيرة المدى تدعم فكرة أن الصيام المتقطع يُسهم في تحسين بعض المؤشرات الأيضية، مما يجعله أكثر جاذبية للباحثين والممارسين. مع ذلك، ترسم الدراسة الأخيرة صورة أكثر تعقيدًا، وربما تشاؤمًا، نظرًا لطبيعتها واسعة النطاق وطويلة الأمد.

* رسائل للأطباء والجمهور

ويؤكد الباحثون أن النتائج لا تعني بالضرورة أنه يجب التخلي عن الصيام المتقطع بشكل كامل، بل يجب إعادة النظر فيه كخيار آمن للجميع.

ويوصي فريق البحث بأن يتم إدخال هذا النظام بناء على تقييم فردي للحالة الصحية، وخاصة لدى المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والسكري.

جودة الطعام أهم من توقيت الوجبات. يُفضّل تحديد أوقات تناول الطعام بثماني ساعات يوميًا كحد أقصى على مدى فترة زمنية أطول، خاصةً إذا كان الهدف الوقاية من أمراض القلب أو إطالة العمر.


شارك