حرب القهوة في الأسواق العالمية.. ارتفاع الأسعار وغموض الإنتاج وتحديات لوجيستية

منذ 3 شهور
حرب القهوة في الأسواق العالمية.. ارتفاع الأسعار وغموض الإنتاج وتحديات لوجيستية

يتأثر السوق الفلسطيني بارتفاع أسعار القهوة العالمية. وشهدت الأسواق المحلية ارتفاعات ملحوظة في أسعار مختلف أنواع القهوة خلال الأشهر الأخيرة، وسط تحذيرات من مزيد من الارتفاع في الأسعار نتيجةً لتغير المناخ وتزايد الطلب العالمي على القهوة. يُذكر أن القهوة من أكثر المنتجات الزراعية تداولاً في العالم، وهي المشروب الأكثر استهلاكاً بعد الماء.

علاوةً على ذلك، تدور رحى حربٍ علنيةٍ وسريةٍ في أسواق القهوة العالمية، لا سيما بين الصين والولايات المتحدة. ففي حين زادت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على العديد من الدول، بما فيها البرازيل، تشتري الصين كمياتٍ هائلةً من القهوة البرازيلية.

وفقًا لتقارير غير رسمية، يشتري تجار البن حول العالم البن من البرازيل ويبيعونه إلى الولايات المتحدة عبر دولة ثالثة. ويبدو أن تكاليف الشحن المرتفعة هناك أقل بكثير من الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات البرازيلية.

لكن هذا ليس كل شيء. تشهد مدينة نيويورك مواجهة جديدة في سوق القهوة العالمية: فقد خطت سلسلة مقاهي “لوكين كوفي” الصينية خطواتها الأولى في السوق الأمريكية. وردّت ستاربكس بحملة تسويقية جريئة، ردًا مباشرًا على توسع “لوكين كوفي” في سوقها المحلية.

وبحسب منظمة القهوة الدولية، فإن الارتفاع السريع في أسعار القهوة العالمية له تأثير متسلسل على كل من المستهلكين والمنتجين.

وارتفعت أسعار القهوة بالتجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 6.6% على أساس سنوي في ديسمبر/كانون الأول 2024، في حين ارتفعت الأسعار في الاتحاد الأوروبي بنسبة 3.8%.

تنتقل الأسعار عادة من الأسواق العالمية إلى المستهلكين على مدى فترة تتراوح بين 11 إلى 19 شهرًا، وكان التأثير الكامل لزيادات الأسعار في عام 2024 محسوسًا في سوق القهوة العالمية اعتبارًا من أغسطس 2025.

قال خبير القهوة أسامة النتشة إن سوق القهوة العالمي شهد ارتفاعاً تدريجياً منذ بداية الشهر الجاري بسبب اضطرابات في سلسلة التوريد العالمية، في حين تراجعت الصادرات في معظم المناطق المنتجة.

وقال النتشة إن “صناعة القهوة تواجه مشاكل متزايدة في العرض مع انكماش المخزونات بسبب تغير المناخ والمشاكل اللوجستية في بعض مناطق الإنتاج الرئيسية”.

وأضاف: “انخفضت مخزونات قهوة أرابيكا المرخصة بنسبة 11.7% لتصل إلى 0.91 مليون كيس بوزن 60 كجم، بينما زادت مخزونات قهوة روبوستا في لندن بنسبة 3.8% لتصل إلى 0.76 مليون كيس. إضافةً إلى ذلك، تؤثر السياسات الاقتصادية العالمية والتغيرات التنظيمية على ديناميكيات السوق، وكذلك إجراءات إدارة الرئيس الأمريكي بشأن التجارة الدولية والسياسة الضريبية”.

وتابع: “شهدت أسعار القهوة في السوق المحلية ارتفاعًا مطردًا منذ بداية العام. في سلسلة مقاهينا، لم نرفع الأسعار إلا عند نفاد المخزون، بينما رفعت المتاجر الأخرى أسعارها في وقت مبكر. وعندما رفعنا الأسعار، كان ذلك لتلبية طلب المستهلكين على قهوتنا ولمراعاة الظروف التي نعيشها جميعًا”.

وتابع: “يشعر مستوردي القهوة في فلسطين بقلق بالغ إزاء تقلبات الأسعار. علاوة على ذلك، تستغرق رحلة البن الأخضر من مصدره إلى فلسطين ما بين 90 و100 يوم”.

وأضاف: “تتوزع هذه الأيام على النحو التالي: 30-40 يومًا بعد الطلب في بلد المنشأ، و45 يومًا لرحلة الشحن من بلد المنشأ إلى الموانئ الإسرائيلية، و5-15 يومًا في الموانئ الإسرائيلية قبل الشحن إلى مستودعات الشركات في فلسطين. وهذا يُسبب قلقًا وضغطًا كبيرين لدى مستوردي القهوة”.

وأوضح أن عدم استقرار أسعار البن عالميا يشكل خطرا على مستوردي البن في فلسطين بسبب عوامل الشحن والنقل وطول عملية الاستيراد وتقلبات الأسعار التي تهدد الاستيراد بشكل عام.

في هذا السياق، يوضح خبراء القهوة العالميون: “من المتوقع أن يستمر تقلب أسعار القهوة العالمية حتى نهاية عام ٢٠٢٥، مع استمرار عدم اليقين بشأن الإنتاج والتحديات اللوجستية في لعب دور حاسم. ومع تزايد تأثير اضطرابات سلسلة التوريد وعوامل المناخ على ديناميكيات السوق، يتعين على الشركات وصانعي السياسات التكيف بسرعة لضمان استدامة سوق القهوة العالمية ومرونتها على المدى الطويل”.

وفيما يتعلق بمراقبة أسعار القهوة في السوق المحلية ودور وزارة الاقتصاد في حماية المستهلك، قال النتشة: “من الصعب على وزارة الاقتصاد التي فشلت في حماية المستهلك خلال ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء وتستمر في ذلك اليوم، أن تضع أسعاراً مرجعية للقهوة”.

واختتم النتشة كلمته قائلاً: “في ظل التحديات المناخية المستمرة في الدول المنتجة للبن، وارتفاع الطلب العالمي عليه، من المتوقع أن يستمر الضغط على أسعار البن، مما قد يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار محليًا خلال الأشهر المقبلة. ولكن لا بد من القول هنا: الأسعار والأرواح بيد الله”.


شارك