هواتف الأطفال بين الضرورة والخطر.. جدل متجدد حول السن المناسب لامتلاكها

منذ 8 ساعات
هواتف الأطفال بين الضرورة والخطر.. جدل متجدد حول السن المناسب لامتلاكها

يخشى الآباء على أبنائهم من المخاطر الخارجية، سواء الحوادث، أو العنف الجسدي، أو التنمر أو أي تهديدات أخرى، دون أن يدركوا أن الخطر الذي تشكله الهواتف الذكية قد يكون أمام أعينهم مباشرة.

تشير الدراسات إلى أن إدمان الهواتف الذكية ظاهرة حقيقية. يُطلق عليها “رهاب النوموفوبيا”، وهو الخوف من البقاء بدون هاتف محمول. في عصر انتشار الإنترنت، قد يكون التغلب على هذا الإدمان صعبًا.

لذلك، من الطبيعي أن يشعر الآباء بالقلق بشأن امتلاك أطفالهم للهواتف الذكية، وغالبًا ما يتساءلون عن العمر المناسب لامتلاك الطفل لهاتف ذكي.

أرقام صادمة تكشف الجانب المظلم للتكنولوجيا

وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن 65% من جميع الأطفال دون سن العاشرة يمتلكون هواتف ذكية. كما تُظهر الدراسات أن الأطفال يستخدمون الهواتف في سن مبكرة: ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وسبع سنوات يمتلكون الآن هواتف ذكية. حتى أولئك الذين لا يمتلكون هواتف ذكية غالبًا ما يستعيرون أجهزة مثل الأجهزة اللوحية من والديهم.

كشف تقرير لجنة التعليم الصادر في مايو 2024 عن أرقام مُقلقة: 79% من الأطفال دون سن 18 عامًا واجهوا مواد إباحية عنيفة على الإنترنت. يبلغ متوسط عمر المشاهدة الأولى 13 عامًا. كما ارتفع عدد الجرائم الجنسية ضد الأطفال عبر الإنترنت بنسبة 400% منذ عام 2013، ويعاني ربع الأطفال دون سن 16 عامًا من إدمان الهواتف الذكية. أوصت اللجنة بحظر امتلاك الهواتف المحمولة للأطفال دون سن 16 عامًا أو تطبيق نظام التحقق من السن.

السن المناسب لشراء الهاتف

تشير الأبحاث إلى ضرورة وضع حد أقصى للعمر. ومع ذلك، لا توجد لوائح قانونية تحدد السن الذي ينبغي للوالدين عنده إعطاء أطفالهم هواتف ذكية. لذا، ينبغي أن يكون شراء هاتف قرارًا مدروسًا ودقيقًا.

وجدت دراسة أجراها علماء في مجموعة سابين لابس البحثية أنه كلما تأخر الطفل في الحصول على هاتفه المحمول الأول، تحسنت صحته النفسية كشخص بالغ. في المقابل، وجدت الدراسة أنه كلما كان عمر الطفل أصغر عند حصوله على هاتف محمول، زاد احتمالية وجود أفكار انتحارية لديه لاحقًا.

-يجب أن يكون الطفل بالغًا السن القانوني لشراء الهاتف.

يعتقد العلماء أن نضج الطفل وطريقة استخدامه للهواتف الذكية أمران حاسمان. إذا قادته الهواتف إلى محتوى ضار على الإنترنت أو شتت انتباهه عن التواصل مع أولياء أموره وأقرانه، فليس من الحكمة إعطاؤه هاتفًا محمولًا. ومع ذلك، إذا كان الطفل ناضجًا بما يكفي لاستخدامه للتواصل والأمان والوصول إلى المواد التعليمية، فليس من الخطأ إعطاؤه هاتفًا محمولًا.

دور الوالدين في الرقابة والتحكم في الأسرة

ويشير الخبراء إلى أن الآباء يمكنهم الاستعداد لهذه الخطوة من خلال معرفة أكبر مخاوف طفلهم، والتعرف عليها، ووضع الحدود، وتقديم قدوة جيدة من خلال استخدامهم للهاتف.

وأكدت داليا الحزاوي، خبيرة التربية ومؤسسة ائتلاف أولياء الأمور المصريين، لـ«الشروق»، أن استخدام الأطفال للهواتف الذكية في سن صغيرة أمر غير مرغوب فيه، وشددت على أهمية وضع قواعد واضحة وصارمة عند السماح لهم بامتلاك مثل هذه الأجهزة.

-الهاتف خطير إذا لم نعرف كيف نستخدمه.

وأوضحت أن استخدام الإنترنت يجب أن يكون خاضعاً للتنظيم والمراقبة من قبل الآباء، فالهواتف الذكية سلاح ذو حدين، وخطورتها تكمن في سوء الاستخدام.

وأضافت أن دور الأسرة لا يقتصر على المنع أو الإذن، بل يشمل أيضًا التوعية والمراقبة المستمرة، واستخدام تطبيقات المراقبة لمراقبة ما يتصفحه الأطفال على الإنترنت. كما أكدت على ضرورة تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة والهوايات لتجنب العزلة والانطواء الناتج عن الإفراط في استخدام الهاتف المحمول.

قد يكون أحد الحلول هو الثقافة والتعليم الرقميين.

وحذرت أيضًا من المخاطر الصحية المرتبطة باستخدام الهاتف لفترات طويلة، مثل ضعف البصر، وانخفاض القدرة على الحركة، وزيادة معدلات السمنة لدى الأطفال.

واختتمت الحزاوي حديثها بالتأكيد على أهمية حماية الأطفال على الإنترنت في ظل ما يتعرضون له من تنمر إلكتروني واختراق وابتزاز رقمي. ودعت الآباء والأمهات إلى تثقيف أنفسهم وأطفالهم حول أساسيات الثقافة الرقمية لضمان الاستخدام الآمن للتكنولوجيا. فالهاتف ليس لعبة، بل مسؤولية. والسؤال الأهم هو: هل أطفالنا ناضجون بما يكفي لتحمل تواجدهم في الفضاء الرقمي؟


شارك