لماذا يعتبر نظامنا الغذائي كارثة مناخية؟‬

منذ 6 ساعات
لماذا يعتبر نظامنا الغذائي كارثة مناخية؟‬

قد يجد البعض الارتباط بين النظام الغذائي وتغير المناخ غريبًا، لكن الحقيقة هي أن النظام الغذائي يلعب دورًا حاسمًا في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتي تؤدي بدورها إلى ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ.

وفقًا للصندوق العالمي للطبيعة، يُسهم النظام الغذائي العالمي بنحو 30% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. في الوقت نفسه، يعاني أكثر من 835 مليون شخص من الجوع، ويعاني ما يقرب من ملياري شخص من السمنة أو زيادة الوزن. نحن نفقد موارد الطبيعة بمعدل كارثي، مما يعني أن النظام الغذائي يفشل من كلا الجانبين.

لذلك، لا يؤثر الطعام الذي نتناوله وإنتاجه على صحتنا فحسب، بل على البيئة أيضًا. يمر الطعام بعدة مراحل: الزراعة، والمعالجة، والنقل، والتوزيع، والتحضير، والاستهلاك، وأحيانًا التخلص منه. تُنتج كل مرحلة من هذه المراحل غازات دفيئة تحبس حرارة الشمس وتساهم في تغير المناخ.

من المزرعة إلى المائدة: طعام يضر بالبيئة

وبحسب موقع الأمم المتحدة، فإن تأثير الغذاء على المناخ يقاس من خلال شدة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وترتبط الأطعمة ذات الأصل الحيواني، وخاصة اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان والروبيان المستزرع، عمومًا بأعلى مستويات انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ويرجع ذلك إلى أن إنتاج اللحوم يتطلب في كثير من الأحيان مساحات شاسعة من الأراضي العشبية، والتي يتم إنشاؤها عادة عن طريق قطع الأشجار، وهو ما يؤدي إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون المخزن في الغابات، كما تطلق الأبقار والأغنام غاز الميثان عندما تهضم العشب والنباتات.

أكسيد النيتروز، وهو أيضًا غاز دفيئة، يتم إطلاقه من روث الماشية في المراعي والأسمدة الكيماوية المستخدمة في المحاصيل لتغذية الماشية.

ومع ذلك، فإن الأطعمة النباتية مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والفاصوليا والبازلاء والمكسرات والعدس تتطلب عمومًا طاقة وأرضًا ومياهًا أقل وتنبعث منها غازات دفيئة أقل من الأطعمة الحيوانية.

– نظام الغذاء يجعل الأرض ضحية للمناخ.

يتناول تقرير نُشر في صحيفة “الغارديان” البريطانية التحديات التي تواجه النظام الغذائي في ظل أزمة المناخ، وهو مستوحى من كتاب “نحن نأكل الأرض” للصحفي مايكل غرونوالد. يوضح المؤلف أنه على الرغم من إمكانية الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة، إلا أن إنتاج الغذاء لا يزال يمثل مشكلة مناخية خطيرة. تُسهم الزراعة بنحو ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية من خلال إزالة الغابات لتوفير المراعي والأراضي الزراعية، لا سيما في ظل تزايد الطلب على اللحوم في الدول النامية.

– تشكل المساحة الحالية للأراضي الزراعية عائقاً يمنع التوسع المستدام.

بحلول عام ٢٠٥٠، يجب زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة ٥٠٪ لإطعام ١٠ مليارات شخص دون الإضرار بالتنوع البيولوجي أو الغابات المُخزِّنة للكربون. المشكلة: تُعادل المساحة الزراعية بالفعل مساحة آسيا وأوروبا مجتمعتين، مما يُصعِّب التوسع. يصف جرونوالد هذه المهمة بأنها أصعب من التخلص التدريجي من النفط: فحل مشكلة الكربوهيدرات أصعب من حل مشكلة الهيدروكربون.

إن احتجاز الكربون في التربة هو أمل كاذب.

يناقش الكتاب العديد من الحلول المقترحة، لكنه يسلط الضوء أيضاً على حدودها: يعتبر المؤلف أن عزل الكربون في التربة هو حل وهمي لا يحقق التأثير المطلوب، والوقود الحيوي الذي يراه ضاراً بالبيئة لأنه يحول المحاصيل من غذاء إلى طاقة، وبالتالي يزيد الضغط على الأرض.

اللحوم النباتية والمزروعة بين التراجع والتكاليف المرتفعة

يُجادل مايكل غرونوالد بأنه على الرغم من بدايته الواعدة، فقد تراجعت شعبية اللحوم النباتية، وأفلست شركات كبرى مثل “بيوند ميت”. انخفضت قيمتها بنسبة 95%، وسُحبت منتجاتها من السوق. في المقابل، لا تزال اللحوم المُصنّعة في المختبرات باهظة الثمن، ومحدودة الإنتاج، ومثيرة للجدل سياسيًا وثقافيًا. بل إنها محظورة في بعض الولايات الأمريكية.

وأشار إلى أن الزراعة العمودية وفكرة توفير المساحة وتقليل التلوث لم تثبت نجاحها على أرض الواقع، حيث تستهلك كميات هائلة من الطاقة وأدت إلى إفلاسات متتالية للشركات العاملة في هذا القطاع.

– نحو نظام غذائي مستدام

ومع ذلك، شدّد على ضرورة مواصلة البحث عن حلول عملية. وأشار إلى أن هناك أبحاثًا مبتكرة جارية، على سبيل المثال، لتحسين عملية التمثيل الضوئي لزيادة الإنتاجية الزراعية. واستشهد بمثال الطاقات المتجددة، حيث أُحرز تقدم كبير في فترة زمنية قصيرة.

أوضح أن تغيير نظامنا الغذائي أمرٌ صعب، لأن التغذية مسألة شخصية وثقافية. ومع ذلك، إذا لم نفعل شيئًا، فسيصبح تجاوز أهداف المناخ أكثر صعوبة.

ومن بين الحلول الممكنة التي اقترحها مايكل جرونوالد: “تطوير التقنيات والحوافز لإنتاج الغذاء بكفاءة أكبر وعلى مساحة أقل من الأراضي، والحد بشكل كبير من هدر الغذاء، ووقف الممارسات الضارة مثل إزالة الغابات غير الضرورية، وتحسين جودة وأسعار البدائل النباتية لجعلها أكثر جاذبية”.


شارك