معاريف: شكوك عسكرية إسرائيلية وعثرات أمام مخطط نتنياهو لاحتلال غزة

وذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يعتبر قرار الحكومة الأخير بالسيطرة على قطاع غزة بمثابة تسوية هجينة بين الموقف المهني للقيادة العسكرية والضغط من اليمين المتطرف.
وذكرت الصحيفة أن الجيش لم يكن يعلق آمالا كبيرة على هذا القرار، مشيرة إلى الشكوك العميقة بين ضباط الجيش حول تنفيذ عملية الاستيلاء، وما إذا كانت مثل هذه الخطوة ستنفذ في نهاية المطاف.
وبحسب الصحيفة، بدأ الجيش بوضع خطة عملياتية بناءً على القرار السياسي. ومع ذلك، لا يزال مسؤولو الأمن يحذرون من ثغرات عديدة في القرار. ويشكل هذا القرار، على وجه الخصوص، تهديدًا وشيكًا لحياة السجناء، وخطرًا على الجنود من هجمات محتملة لعصابات عصابات، وتآكلًا جسديًا ونفسيًا كبيرًا في صفوف الجيش النظامي والاحتياطي، فضلًا عن تأثيره السلبي على سمعة إسرائيل عالميًا، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية “معًا”.
جاء القرار بعد أسبوعٍ مضطرب، حيث استدعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رئيس الأركان إيال زامير في اجتماعٍ يوم الثلاثاء الماضي، والذي وصفته الصحيفة بأنه “ليس سهلاً”. حضر نتنياهو الاجتماع، إلى جانب وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي. وخلال الاجتماع، أعلن رئيس الأركان أن جيشه قد أكمل عملية “مركبات جدعون”.
وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى وجود إحباط متزايد داخل المؤسسة العسكرية بسبب قيام الجيش بدفع حماس إلى طاولة المفاوضات (بسبب الضغوط العسكرية)، في حين أصرت القيادة السياسية على إهدار الفرصة وتحويل النجاحات العسكرية إلى مكاسب سياسية من شأنها إنهاء الحرب.
خلال المداولات، قدم رئيس الأركان خطة تطويق مدينة غزة ومخيمات اللاجئين المركزية باعتبارها خطة هجومية تتطلب قوة نيرانية ثقيلة مع استغلال وتعزيز النجاحات العسكرية السابقة لتوجيه ضربة قاسية للقوة العسكرية المتبقية لحماس في غزة.
زعم الجيش الإسرائيلي أن حماس نشرت قوةً عسكريةً قوامها لواءٌ في مدينة غزة ومخيمات اللاجئين المركزية، متحصنةً تحت الأرض. ووفقًا لمصدر عسكري نقلته الصحيفة، فإن أسلوب حماس القتالي يعتمد على حرب العصابات: الخروج من باطن الأرض لزرع المتفجرات، وإطلاق قذائف صاروخية على الدبابات والمركبات المدرعة، ونصب الكمائن، أو شن هجمات بالأسلحة المشتركة ضد قوات الجيش المتمركزة في مناطق التجمع.
وفقًا للخطة التي قدمها رئيس الأركان، كان من المقرر أن تُحاصر القوات المسلحة المنطقة وتسيطر عليها، وتشن هجمات في وقت ومكان يحددهما الجيش. إلا أن نتنياهو نقض هذه الخطة خلال اجتماع مجلس الوزراء، وطلب من رئيس الأركان وضع خطة لاحتلال قطاع غزة. تتضمن هذه الخطة بالأساس احتلال مدينة غزة نفسها ومخيمات اللاجئين المركزية، مع إجبار حوالي مليون من سكان غزة على الانتقال إلى منطقة المواصي في الجزء الجنوبي من القطاع.
في ظل هذه الظروف، بدأت إدارة العمليات في الجيش الإسرائيلي بإعداد خطة لاحتلال قطاع غزة من صباح الأربعاء وحتى مساء الخميس. وتضمنت هذه الخطة تعبئة واسعة النطاق لجنود الاحتياط، وحصار مدينة غزة، ونشر قوات الجيش في مناطق توفر حماية جيدة نسبيًا للقوات المسلحة، مع تقييد حرية حركة مقاتلي حماس.
خلال مناقشات مجلس الوزراء، أجرى نتنياهو تغييرًا، فاختار السيطرة بدلًا من الحصار أو الاحتلال. وتدعو الخطة التي اقترحها نتنياهو، والتي أقرّها مجلس الوزراء في ختام مناقشاته، إلى إنشاء اثني عشر مركزًا لتوزيع المساعدات الإنسانية، على غرار المراكز الأربعة العاملة حاليًا في رفح.
وبحسب الصحيفة، فبمجرد إنشاء هذه المراكز، سيشن الجيش فورًا هجومًا قائمًا على التقدم تحت نيران المدفعية ضد نقاط التفتيش في المنطقة، بما في ذلك التقاطعات الرئيسية والمعابر والمواقع الاستراتيجية ومراكز القيادة والمرتفعات وغيرها. فكيف سيبدو هذا الهجوم تحديدًا؟ ووفقًا للصحيفة، يجري حاليًا إعداد الرد من قِبل القيادة الجنوبية وجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان) وجهاز الأمن العام (الشاباك) ومديرية العمليات. وتؤكد الصحيفة أنه وفقًا للتقديرات الحالية، سيستغرق بناء مراكز توزيع المساعدات الاثني عشر أسابيع إلى أشهر.
في هذا السياق، زعم مصدر عسكري إسرائيلي أن “القيادة الجنوبية قامت بعمل ممتاز في إنشاء أربعة مراكز توزيع بعد تسوية الأرض بالجرافات والجرافات. وقد أُنجز ذلك في وقت قياسي، خلال أسابيع قليلة”. وأشار إلى أن بناء 12 مركزًا إضافيًا سيكون “أكثر تعقيدًا”، وشكك في قدرة الجيش على تخصيص مساحات واسعة لبناء هذه المراكز.
وفقًا لتقديرات عسكرية، لن تُنفَّذ عملية الاستيلاء التي خطط لها نتنياهو حتى أواخر الخريف، وتحديدًا بين أكتوبر ونوفمبر. ونظرًا لعيوب الخطة، تُثار شكوك حول جدواها. من منظور عسكري، ينص البيان على: “قضية الأسرى قضية أخلاقية للجيش. لا يمكننا تعريض المدنيين الذين يُختطفون من منازلهم للخطر من أجل تنفيذ عملية عسكرية”.
لتنفيذ الخطة، يجب على الجيش استدعاء ست فرق احتياطية على الأقل تضم حوالي 250 ألف جندي. وصرح مصدر عسكري للصحيفة: “ندرك أن معدلات الالتزام ستكون منخفضة من الآن فصاعدًا. وندرك الأزمات (التي يعاني منها الجنود)، واستنزاف القوات القتالية في الجيش النظامي والاحتياطي وعائلاتهم، وتآكل واستنزاف القوى العاملة الأساسية”. وأقرّ قائلاً: “لدينا عدد لا بأس به من قادة الكتائب الذين يكافحون من أجل الاستمرار، وعائلاتهم تواجه خطر الفصل. هذه المشكلة قائمة في جميع أنحاء الجيش، على خطوط المواجهة وعلى الجبهة الداخلية”.
العائلات تتفكك وتتفكك، ونحن نكافح للحفاظ على تماسكها. القتال العنيف يعني ضغوطًا متزايدة، ومهامًا أكثر، وأنشطة لا نهاية لها،” تابع المتحدث العسكري. وقال إنه يجب على صانعي السياسات أن يدركوا أن هناك خسائر فادحة. بعد عامين من الحرب، استُنزف الناس والعائلات والمعدات والأدوات. يجب علينا أيضًا أن نتطلع إلى المستقبل، أي إلى السنوات القادمة. لا يمكننا استنفاد كل شيء هنا والآن دون النظر إلى ما سيبدو عليه الجيش بعد عام، أو عامين، أو خمسة، أو ستة أعوام.
خلصت صحيفة معاريف إلى أن الجيش لا يزال يجهل طبيعة المعركة. وتعتزم قيادة الجيش خلال الأيام المقبلة الاجتماع بوزير الدفاع ورئيس مجلس الأمن القومي للاتفاق على الجداول الزمنية. وسيقدم الجيش في هذا الاجتماع مسودة الخطط الأولية. وبينما يعمل الجيش حاليًا على تجديد قواته القتالية، وتحسين مرونة معداته، ووضع خطط عملياتية، “يشكك الكثيرون في إمكانية تطبيقها، والأهم من ذلك، في إمكانية تحقيق النتائج المرجوة”، حسبما ذكرت الصحيفة.