الذبحة الصدرية.. ألم ينبئ عن أحوال الشرايين

منذ 10 ساعات
الذبحة الصدرية.. ألم ينبئ عن أحوال الشرايين

من منا لم يُفاجأ بآلام حادة وقصيرة ومتكررة في الصدر، عادةً في الجانب الأيسر؟ يزول هذا الألم سريعًا كما بدأ. أحيانًا يستمر لبضع لحظات، مما يجعل التنفس مؤلمًا ويدفع المرء إلى أخذ أنفاس متقطعة لا تملأ الصدر بشكل كافٍ. يزول الألم ويختفي تمامًا، لكن الشمس لا تشرق؛ بل تملأ الروح غيوم الخوف والأفكار.هل أعاني من انسداد الشرايين التاجية؟هل هذا ألم الذبحة الصدرية؟هذا ممكن. ومع ذلك، هناك أنواع عديدة من آلام الصدر التي تضاهي الذبحة الصدرية أو حتى أشد منها. ومع ذلك، تبدو هذه الآلام كأشباح تظهر دون أثر وتمر دون خطر. لذلك، من المهم تحديد مصدر هذا الألم وأصله.< الاختبارات لتأكيد الإصابة بالذبحة الصدرية:يُعد فحص القسطرة التشخيصي أمرًا بالغ الأهمية لتحديد مصدر وسبب ألم الذبحة الصدرية. يحدد هذا الفحص ما إذا كان انسداد تدفق الدم عبر الشرايين التاجية هو السبب الرئيسي للألم، أو ما إذا كانت الشرايين سليمة وغير مسدودة، أي أن للألم سببًا آخر غير القلب.أثناء القسطرة التشخيصية، يُحقن عامل تباين لكشف جميع تفاصيل الشرايين التاجية الثلاثة. تُستخدم هذه الصورة لتحديد ما إذا كان مستوى تدفق الدم إلى القلب كافيًا أم لا.قبل القسطرة، يُجرى تخطيط كهربية القلب القياسي (ECG)، وتخطيط كهربية القلب تحت الجهد، وتخطيط صدى القلب. تساعد هذه الاختبارات أيضًا في تحديد احتمالية الإصابة بالذبحة الصدرية.يلعب تسجيل التاريخ الطبي والعائلي دورًا مهمًا في تشخيص مرض الشريان التاجي المؤدي إلى الذبحة الصدرية.إن دقة وصف الألم، ووقت ظهوره، والعلاقة بينه وبين بذل الجهد البدني أو عدم بذله، فضلاً عن مسألة وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الشرايين، كلها ظواهر تشير مجتمعة إلى حقيقة الأمر.< ألم يحذر من الخطر؟الذبحة الصدرية: أول علامة على تصلب الشرايين التاجية. يقع القلب في منتصف الصدر، مائلًا قليلًا إلى اليسار. في الظروف الطبيعية، ينقبض القلب وينبسط بانتظام 70 مرة في الدقيقة، إلا في حالات التوتر النفسي واحتمالية الإصابة بأمراض.تضخ الشرايين ما معدله 5.5 لترات من الدم في الدقيقة. ومن خلال شبكة معقدة، يصل الدم إلى كل عضو في الجسم، حتى أطراف الأصابع. يحمل الدم الأكسجين الحيوي وجميع العناصر الضرورية، بما في ذلك الهرمونات والإنزيمات والمغذيات، والتي يتم امتصاصها بعد ذلك. تمتص الأنسجة ما تحتاجه وتطلق ثاني أكسيد الكربون والفضلات، بما في ذلك تلك الناتجة عن العمليات الأيضية، إلى مجرى الدم. ثم يعود الدم إلى القلب عبر الأوردة، حيث يُضخ إلى الرئتين، ويعود مُشبعًا بالأكسجين.عملية معقدة جداً بتوقيت دقيق وتسلسل دقيق يقوم بها القلب بلا كلل أو ملل أو انقطاع طالما هناك وريد ينبض بالحياة.< كيف تعمل الشرايين التاجية؟يحتاج القلب أيضًا إلى الدم لتغذيته. فلا عجب إذًا أن يتم إمداد القلب بالدم اللازم عبر شريانين رئيسيين يتفرعان مباشرة من الشريان الأورطي، الذي يخرج من البطين الأيسر. ثم ينقسم الشريان التاجي الأيسر إلى شريانين يتجهان نحو الأسفل ويغذيان مقدمة القلب، بينما يغذي الشريان التاجي الأيمن عضلة القلب من الخلف.تمتلئ الشرايين التاجية بالدم عند استرخاء عضلة القلب. على النقيض من ذلك، تمتلئ جميع شرايين الجسم بالدم عند انقباض عضلة القلب وضخ الدم إليها.< إذن ما الذي يسبب الألم؟يعد ألم الذبحة الصدرية إشارة التحذير الأولى للقلب بأنه يحتاج إلى المزيد من الدم عندما تقل الكمية التي يتم تزويده بها من خلال الشرايين التاجية.عادةً، تكون كمية الدم التي تتلقاها عضلة القلب كافيةً لأداء وظائفها. إلا أن الجهد البدني المفرط، كالتمارين الرياضية، أو الانفعالات الشديدة كالخوف والغضب والإثارة العاطفية، تُحفّز إفراز هرموني الأدرينالين والنورادرينالين. يُحفّز هذان الهرمونان عضلة القلب على العمل بجهد أكبر، ويزيدان من احتياجاتها من الطاقة من الأكسجين والسكر والدهون، وهي العناصر التي يحملها الدم. في الظروف الطبيعية، تحدث عملية التكيف هذه ببساطة عن طريق تمدد الشرايين التاجية بوتيرتها الطبيعية، مما يسمح لعضلة القلب بتزويدها بإمدادات دموية أكبر. ولكن ماذا يحدث عندما تتصلب هذه الشرايين، وتتراكم رواسب الكوليسترول والخلايا الميتة وذرات الكالسيوم على جدرانها الداخلية الملساء؟تضيق الشرايين قليلاً، مما يقلل تدفق الدم إلى عضلة القلب، التي تصرخ استغاثة. الألم مرادف لهذه الصرخة، التي يشعر بها القلب لكنه لا يُصدرها.ومع ذلك، لا يتوقف الأمر عند هذا الحد عادةً، إذ يمكن لهذه الرواسب على جدران الشرايين أن تتسرب إلى مجرى الدم ضعيف التدفق وتسدّه. وقد يؤدي هذا إلى نوبة قلبية (احتشاء عضلة القلب) أو موت الأنسجة المحيطة بالشريان المسدود بسبب عضلة القلب نفسها.عندما يرتبط الألم بمجهود بدني، يُطلق عليه اسم الذبحة الصدرية المستقرة. أما إذا تكرر الألم في أوقات مختلفة، بغض النظر عن المجهود البدني، وبشكل أكثر تكرارًا أثناء الراحة، وربما أثناء النوم، فيُطلق عليه اسم الذبحة الصدرية غير المستقرة. وهذا أكثر خطورة لأنه غالبًا ما يتطور إلى نوبة قلبية خلال فترة قصيرة إذا لم يُتخذ أي تدخل سريع، سواءً بتوسيع الشرايين بالبالون والدعامات أو بالجراحة، وذلك حسب نتائج قسطرة الشريان التاجي.< كيف تبدأ وتنتهي آلام الذبحة الصدرية؟في الواقع، قد يكون ألم الذبحة الصدرية مُضلِّلاً للمريض والطبيب على حد سواء. فقد يكون مجرد شعور بعدم الراحة، أو آلام خفيفة، أو عدم ارتياح في الصدر والجزء العلوي من البطن. قد يستمر الألم لبضع دقائق أو يتوقف فجأة ثم يعود. كما قد يظهر على شكل شعور بثقل وضغط في عضلات الصدر، أو شعور بالامتلاء في المعدة.أو يفاجأ الشخص بألم مفاجئ في منتصف الصدر وينتشر إلى الجانب الأيسر والذراع الأيسر وربما الفك.وقد يصاحب الألم ضيق في التنفس، وتعرق بارد، وغثيان، ودوار، ودوار.يُعدّ الوصف الدقيق للألم الخطوة الأولى والأهم في تشخيص الذبحة الصدرية. لذا، يجب على الطبيب الاستماع بعناية إلى المريض…


شارك