ماذا يعني تعليق إيران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان موافقة مجلس الشورى على قرار تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في أعقاب الهجمات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على المنشآت النووية في إيران الشهر الماضي.
صوّت مجلس الشورى (البرلمان) لصالح القرار الأسبوع الماضي. ووصف الأعضاء هذه الخطوة بأنها “رد على انتهاك سيادة إيران والهجمات على منشآتها النووية والعلمية”.
قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها على علم بتقارير من إيران بشأن تعليق التعاون مع البلاد، مشيرة إلى أنها تنتظر توضيحا رسميا من طهران.
جاء القرار الإيراني في أعقاب صراع استمر 12 يومًا، تبادل فيه الطرفان إطلاق نار كثيف. بدأ بهجمات إسرائيلية مفاجئة على منشآت عسكرية وعلمية على الأراضي الإيرانية، تلتها ردود صاروخية إيرانية استهدفت، وفقًا لطهران، منشآت عسكرية إسرائيلية.
ماذا يقول القرار؟
وينص نص القانون الذي نشرته قناة العالم الإيرانية على أن الحكومة “ملزمة، بعد التصديق، بتعليق جميع أشكال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية… حتى يتم ضمان سلامة المنشآت النووية الإيرانية والعلماء النوويين”، استنادا إلى المادة 60 من اتفاقية فيينا لعام 1969.
في 25 يونيو/حزيران، أي بعد يوم واحد من بدء وقف إطلاق النار، أقرّ البرلمان الإيراني قانونًا يعلق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي كان مفتشوها يراقبون جوانب مختلفة من البرنامج النووي الإيراني. ولم تُفصّل الخطوات الإجرائية اللازمة في مشروع القانون.
وافق مجلس صيانة الدستور، الهيئة المسؤولة عن مراجعة التشريعات في إيران، على مشروع القانون وأحاله إلى السلطة التنفيذية لتنفيذه.
وجاء في النص الذي نشرته وسائل الإعلام الإيرانية أن القانون يهدف إلى ضمان “الدعم الكامل للحقوق الأساسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية” بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، “وخاصة تخصيب اليورانيوم”.
وقد أدى استخدام مصطلح “التعليق” بدلاً من “التوقف الدائم” إلى تفسير أن القرار مؤقت ويعتمد على استيفاء متطلبات السلامة.
وقال المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية فريدريك دال لبي بي سي إن الوكالة تنتظر مزيدا من التفاصيل من الجانب الإيراني بشأن القرار.
ماذا يعني الإيقاف عمليا؟
وفي تصريح لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا)، قال النائب الإيراني علي رضا سليمي إن القرار يتضمن أيضا منع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المنشآت النووية في إيران.
بدوره، اتهم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بنقل معلومات حساسة إلى إسرائيل. وكتب في منشور على منصة إكس: “الوكالة، التي لم تبدأ حتى بإدانة الهجوم على منشآتنا النووية، فقدت مصداقيتها الدولية”.
ونقلت وكالة مهر الإيرانية للأنباء عن قاليباف قوله إن البرنامج النووي الإيراني “سيتقدم بشكل أسرع”، في إشارة على ما يبدو إلى وقف تبادل المعلومات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
“إشارة كارثية”
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي قد طلب الإذن بزيارة المواقع المتضررة في إيران، وخاصة منشأة فوردو، لكن الحكومة الإيرانية رفضت طلبه.
في 12 يونيو/حزيران، نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا اتهمت فيه إيران بعدم الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بأنشطتها النووية. وأشار التقرير إلى أن مستوى تخصيب اليورانيوم لدى إيران قد يُقصّر الوقت اللازم لإنتاج سلاح نووي، رغم عدم وجود أي دليل على امتلاكها أو تطويرها أسلحة نووية حتى الآن.
اعتبرت السلطات الإيرانية تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية “ذريعة” لشن هجمات إسرائيلية. وشاركه هذا الموقف المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي. ففي منشور له، اتهم المدير العام غروسي بـ”جعل الوكالة طرفًا في النزاع”.
بدأت الغارات الجوية الإسرائيلية فجر الجمعة 13 يونيو/حزيران، وهو اليوم التالي لنشر التقرير. وفي 22 يونيو/حزيران، انضمت الولايات المتحدة إلى الهجوم بقصف منشأة فوردو النووية.
وفي محادثة هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتهم الرئيس الإيراني الوكالة الدولية للطاقة الذرية بـ”المعايير المزدوجة”، وقال إن “جروسي لم يتصرف بنزاهة”، بحسب تقارير إعلامية إيرانية.
وفي تعليقه على الإعلان الإيراني، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر المجتمع الدولي إلى “التحرك بشكل حاسم” لوقف البرنامج النووي الإيراني.
دعا ساعر ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى “إعادة فرض جميع العقوبات على إيران”. وأضاف: “على المجتمع الدولي الآن أن يتحرك بحزم ويستخدم جميع الوسائل المتاحة لوقف طموحات إيران النووية”.
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن جايز الخطوة التي اتخذتها إيران بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها “إشارة كارثية”.
وعلق إريك بروير، الباحث في مبادرة التهديد النووي، على إعلان طهران قائلاً: “بعد عقود من الرقابة الصارمة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية على البرنامج النووي الإيراني، دخلنا الآن مرحلة جديدة أكثر خطورة”.
وفي منشور على منصة إكس، تابع: “إن مهمة معرفة ما يجري في المنشآت النووية الإيرانية الجديدة والقديمة ستقع بالكامل على عاتق أجهزة الاستخبارات”.