بعد فاجعة الطريق الإقليمي.. الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية تطالب بقرارات لحماية العمالة الزراعية

أفادت الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن آلاف النساء والفتيات والأطفال في جميع أنحاء مصر يعملون يوميًا في الحصاد وممارسة الأنشطة الزراعية الأخرى، بغض النظر عن الظروف الجوية، في بيئة عمل تفتقر إلى أي حماية قانونية أو تأمين اجتماعي أو صحي أو حماية عمالية. وأكدت الجمعية أن شهداء المنوفية هم آخر الضحايا بعد عقود من سفك دماء النساء والأطفال في قطاع الزراعة المصري.
وربطت الجمعية في بيانها الصادر اليوم، الحادث الأليم الذي تعرضت له 18 فتاة وفتاة من قرية كفر السنابسة بمركز منوف بمحافظة المنوفية، بمعاناة العمال الزراعيين، وخاصة النساء والفتيات والأطفال العاملين بصورة غير قانونية.
واعتبرت أن “النساء والأطفال العاملين في الزراعة ظلوا مستبعدين من الحماية القانونية في جميع قوانين العمل الصادرة في مصر، منذ أول قانون عمل عام ١٩٤٤ وحتى القانون قبل الأخير رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣. وهناك، استُبعدوا بنصوص المادتين (٩٧) و(١٠٣)، مما وضع هذا القطاع تحت نير الاستغلال لعقود وحرمه من جميع الحقوق، إذ لم يكن هناك حد أدنى للأجور، ولا تدابير لحماية العمال، ولا تأمين صحي، ولا تأمين ضد الحوادث، ولا حقوق تتعلق بتنظيم المرأة والطفل كما هو الحال في قوانين العمل الأخرى”.
وأكدت أن هذا الحادث يُمثل نوعًا جديدًا من الحوادث الكارثية. فهو يتجاوز التقارير المعتادة عن حوادث الطرق الزراعية أو غرق عمال المزارع في القنوات المائية أثناء تنقلهم بوسائل نقل بدائية وغير آمنة، حيث ظلت الزراعة محصورة في القرى. ومع ذلك، يُظهر هذا الحادث أيضًا نمطًا جديدًا في العمل الزراعي: استصلاح الأراضي الصحراوية. وقع الحادث على طريق سريع لحافلات صغيرة، مما يُبرز تزايد المخاطر خلال موسم الزراعة والحصاد، حيث يقطع العديد من عمال المزارع مسافات طويلة تزيد عن 100 كيلومتر، ويقطعون أحيانًا على الطرق السريعة لمدة ساعتين أو أكثر.
وجاء في البيان: “من الظلم أن تتحمل النساء والأطفال العبء الكامل للنظام الاقتصادي والاجتماعي الضعيف، بينما يجني المستثمرون والوسطاء، دون عوائق أو رقابة، وفي غياب تام للرقابة الحكومية، ثروات طائلة من جهودهم. ما حدث لا يمكن إلا أن يكون بمثابة جرس إنذار، إذ أصبحت دماء الفتيات ضحايا هذه الحوادث جزءًا لا يتجزأ من السجل السنوي للحوادث، مما يلقي مسؤولية دستورية على الدولة، إلى جانب مؤسساتها ومجالسها التشريعية ومنظمات المجتمع المدني ونقاباتها وجمعياتها”.
أكد البيان أن الدستور يكفل المساواة وعدم التمييز بين المواطنين، ويمنح كل مواطن الحق في العمل. ولكن ماذا عن المرأة، ودورها الأساسي هو تأمين الإمدادات الغذائية؟ إنها ركن أساسي في النظام الغذائي المصري. وتابع: “نواجه الآن مسؤولية قانونية وأخلاقية تتطلب مراجعة ظروف عمل النساء والفتيات في هذا القطاع. ولا يقتصر ذلك على إقرار القوانين والقرارات، بل يشمل أيضًا تطبيق التدابير الكفيلة بتنفيذها”.
وأشار إلى أن هذه الحادثة وقعت بعد إقرار قانون العمل الأخير رقم 14 في مايو 2025. وقد رفع هذا القانون الحظر الذي فرضته قوانين العمل السابقة، وشمل أيضًا النساء والأطفال العاملين في القطاعات الزراعية البحتة. وأكد أن “العاملين في القطاع المسؤول بالدرجة الأولى عن الأمن الغذائي في مصر لا يمكن أن يظلوا بلا تنظيم أو حماية أو حقوق، فهذا القطاع يؤدي واجبه بالمساهمة في ضمان الأمن الغذائي للمواطنين”.
وأكد قائلاً: “يجب أن يكون هؤلاء الشهداء آخر الضحايا بعد عقود من سفك دماء النساء والأطفال العاملين في الزراعة المصرية”. ودعت الجمعية في بيانها إلى مراجعة شاملة لظروف العمل في الزراعة، ووضع آليات شاملة وواضحة للحماية القانونية والاجتماعية، وتطبيق العقوبات على المخالفات المنصوص عليها في القانون الحالي، والإسراع في إصدار القرارات الوزارية المنظمة للعمل الزراعي وحماية العمال لضمان حماية خاصة للعاملات والحد من عمالة الأطفال في هذا القطاع. كما دعت إلى زيادة عدد مفتشي العمل في المزارع الجديدة، وتشديد الرقابة على مفتشي العمل في المزارع خارج نطاق المحافظات في الأراضي المستصلحة، ومحاسبة المستثمرين – أفرادًا كانوا أم شركات – على هذه الحوادث في حال عدم اتباعهم للإجراءات القانونية السليمة عند تشغيلهم عمالًا زراعيين مؤقتين أو موسميين.