هل هناك علاقة بين استخدام الأطفال للأجهزة الرقمية وصحتهم النفسية؟.. دراسة توضح

قد لا يكون الوقت الذي يقضيه الأطفال بمفردهم هو المشكلة، بل طريقة استخدامهم له، وما إذا كان يُصبح إدمانًا. هذا ما خلصت إليه دراسة جديدة بحثت في العلاقة بين استخدام الأطفال للأجهزة الرقمية وصحتهم النفسية، وفقًا لتقرير نشرته شبكة CNN.
الإفراط في الاستهلاك لا يؤدي بالضرورة إلى مشاكل في الصحة العقلية.
وفقًا للتقرير، شملت الدراسة أكثر من 4000 طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات، وتتبعت سلوكهم على مدى أربع سنوات. وأظهرت النتائج أن الاستخدام المكثف للهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وألعاب الفيديو لا يرتبط بالضرورة بالقلق، أو الاكتئاب، أو حتى السلوك العدواني أو الانتحاري. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه خالٍ من المخاطر.
الخطر الحقيقي: الإدمان
حذّرت الدراسة من “الاستخدام الإدماني”، أي الاستخدام الذي يتعارض مع الحياة اليومية للطفل. عرّف الباحثون هذا النوع بأنه “استخدام مفرط يصعب السيطرة عليه ويؤثر على الدراسة أو النوم أو التفاعلات الاجتماعية”.
وقال يون يو شياو، الباحث الرئيسي والأستاذ المساعد في كلية طب وايل كورنيل: “إن الأطفال لديهم رغبة قوية في استخدام هذه الأجهزة ولا يمكنهم التوقف حتى لو أرادوا ذلك”.
وتبين أن حوالي نصف الأطفال المشاركين لديهم ميل كبير نحو الاستخدام الإدماني للهاتف المحمول وأن 40% منهم لديهم ميل كبير نحو الإدمان على ألعاب الفيديو.
السلوك الانتحاري والصحة العقلية
على الرغم من أن الاستخدام المنتظم لم يكن مرتبطًا بمشاكل الصحة العقلية، فإن الأطفال الذين طوروا نمطًا من الاستخدام المفرط أو المتزايد بشكل كبير كانوا أكثر عرضة من غيرهم بمرتين إلى ثلاث مرات لتطوير أفكار أو سلوكيات انتحارية.
ووجدت أيضًا فروق بين الجنسين: كانت الفتيات أكثر عرضة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط، في حين كان الأولاد أكثر عرضة للعب ألعاب الفيديو.
علامات يجب الانتباه لها
ويحذر الخبراء من بعض العلامات التي قد تشير إلى بداية إدمان الهاتف:
* تحقق من هاتفك كل بضع دقائق. * استخدام الجهاز في أوقات غير مناسبة، مثل أثناء الدرس أو بعد النوم. * عدم الالتزام بحدود الاستخدام بشكل متكرر. * التأثير السلبي على الدراسة أو العلاقات الاجتماعية. * تقلبات مزاجية تشبه أعراض الانسحاب والتوتر والانفعال عند محاولة تقليل الاستهلاك. * عدم الاهتمام بالأنشطة غير الرقمية أو عدم التفاعل الشخصي مع الأصدقاء. * اضطرابات النوم بسبب السهر أمام الشاشات.
ماذا يمكن للوالدين فعله؟
توصي عالمة النفس ميليسا غرينبرغ بوضع قواعد واضحة منذ البداية. من المفيد تحديد أوقات خالية من الشاشات، مثل أوقات الوجبات أو وقت النوم، وتجنب إدخال الأجهزة إلى غرفة النوم ليلًا.
وأكدت على أهمية تقديم القدوة الحسنة، حيث يجب على الآباء مراقبة استخدامهم للشاشات أمام أبنائهم والتأكد من التوازن.
اتفاقيات مرنة بين الوالدين والأبناء
أحد الاقتراحات العملية هو إنشاء اتفاقية استخدام الأجهزة العائلية مع المراهقين والتي تتضمن:
*ما هو الاستخدام المقبول؟ *ما هي الحدود الزمنية اليومية؟ *ما هي عواقب مخالفة القواعد؟
تشير الأبحاث إلى أن الأطفال أكثر ميلاً إلى اتباع القواعد عندما يشاركون في تحديدها لأنهم يفهمون الخلفية ولا يشعرون بأنها تُفرض عليهم بشكل تعسفي.
الحلول العملية والتدخل المبكر
عند ظهور علامات إدمان الهاتف المحمول، لا يُنصح بتوبيخه أو الحكم عليه بقسوة. بل يُفضل إجراء محادثة هادئة لفهم أسباب استخدام طفلك لهذه المنصات، وترتيب بدائل أكثر جاذبية.
إذا أصبح الاستخدام مفرطًا لدرجة أنه يؤثر على نوم الطفل أو قدرته على التواصل أو أدائه الأكاديمي، فقد يكون من المفيد استشارة أخصائي الصحة العقلية.
راقب السلوك، وليس الساعات.
في النهاية، الرسالة الأهم لهذه الدراسة هي أن التركيز على عدد الساعات قد يكون مُضلِّلاً. بدلاً من ذلك، من المهم أن تكون على دراية بما إذا كان طفلك يُظهر سلوكًا إدمانيًا.
إن المراقبة والتواصل وتحديد حدود واضحة في وقت مبكر يمكن أن تساهم بشكل كبير في منع هذا النوع من السلوك.