البكتيريا تقاوم والعلم يطارد.. سباق لا ينتهي مع المضادات الحيوية

منذ 11 ساعات
البكتيريا تقاوم والعلم يطارد.. سباق لا ينتهي مع المضادات الحيوية

في عام ١٩٢٨، اكتشف العالم الاسكتلندي ألكسندر فليمنج أول مضاد حيوي في العالم. لاحظ أن فطر البنسليوم قادر على تدمير بعض المستعمرات البكتيرية المحيطة به ومنع انتشارها بإفراز مواد كيميائية معينة أصبحت فيما بعد أشهر المضادات الحيوية، “البنسلين”.

حققت المضادات الحيوية انتصارًا باهرًا على البكتيريا المسببة للأمراض. وهي تُسهم بلا شك في خفض معدلات الوفيات بالقضاء على العدوى البكتيرية. إلا أن الطب والعلم لم يُعالجا حتى الآن معدلات الوفيات الناجمة عن الأمراض المزمنة، مثل داء السكري ومضاعفاته، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، التي لا تزال تُسجل معدلات وفيات مرتفعة.

تلعب المضادات الحيوية دورًا حاسمًا في إنقاذ العديد من الأرواح، وخاصةً لدى الأطفال حديثي الولادة، ومتلقي عمليات زراعة الأعضاء (مثل زراعة الكلى)، ومرضى السرطان الذين يتلقون العلاج الكيميائي الذي يضعف جهاز المناعة في الجسم، والمرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية مختلفة والذين هم عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية بأشكال مختلفة.

في عام ١٩٤٥، اكتشف ألكسندر فليمنج أن البكتيريا يمكن أن تُطور مقاومةً بسهولة للمضاد الحيوي البنسلين إذا كانت هذه التركيزات غير كافية للقضاء عليها. يسمح هذا للبكتيريا بالخضوع للتعديل الجيني وإنشاء جيل من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. أشار فليمنج إلى أن هذه المقاومة، التي طُوّرت في المختبر، يمكن أن تحدث أيضًا في جسم الإنسان. في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، احتفظت المضادات الحيوية بتفوقها على البكتيريا لسنوات عديدة، وصلت إلى ٢٠ أو ٣٠ عامًا. ومع ذلك، في ستينيات القرن الماضي، بدأت فعاليتها في الانخفاض، ولم تدم سوى خمس إلى ست سنوات. فاجأ هذا جميع المؤسسات الصحية. في عام ٢٠١٣، ونظرًا لخطورة الوضع، دعت منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى رصد التطورات ومراجعة السياسات الصحية المتعلقة بالمضادات الحيوية.

بطبيعة الحال، استجاب العالم: أصدرت منظمة الصحة العالمية توجيهًا عالميًا لتعزيز التعاون في مجال المراقبة العالمية والحد من هذه المشكلة التي تبدو عالمية من خلال التعاون الدولي والاهتمام بمراقبة المضادات الحيوية. في عام ٢٠١٥، دعت منظمة الصحة العالمية إلى تشكيل لجان عالمية دولية بمشاركة العديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

في عام 2016، وقعت 193 دولة على إعلان الأمم المتحدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، مؤكدة التزامها بالوسائل والمبادئ اللازمة لاحتواء ومراقبة وتنظيم وترشيد استخدامها وضمان مؤشراتها الطبية المعتمدة.

ما الذي يسبب مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية؟

سوء استخدام المضادات الحيوية والإفراط في استخدامها، مثل تناول مضاد حيوي لا يتوافق مع مزرعة البكتيريا المسببة للأمراض، أو تناول المضادات الحيوية بناءً على رغبة المريض، دون إشراف طبي أو متابعة طبية، بل بدافع العادة أو بناءً على نصيحة صديق.

– الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية، على سبيل المثال قبل إجراء عملية جراحية.

– استخدام المضادات الحيوية لعلاج الفيروسات.

إن انتشار والإفراط في استخدام المضادات الحيوية في بعض أقسام المستشفيات يعود إلى انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية دون مراقبة أو إشراف.

– سوء سلوك بعض المرضى، مثل التوقف المبكر عن تناول المضادات الحيوية بعد المدة التي يحددها الطبيب.

———

لا تزال البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية ظاهرةً مخيفةً تستحقّ نقاشًا متواصلًا ومتابعةً مستمرةً للنتائج الحالية. وتستحقّ التوعية الدائمة والتذكير بمخاطرها حتى تستعيد المناهج العلمية زمام المبادرة في مكافحة البكتيريا المُمرضة والقضاء عليها بين البشر.


شارك