أطفال غزة: لا مكان لفرحة العيد وسط الخوف والجوع والدم

ويأتي عيد الأضحى في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من المجاعة، بينما توسع إسرائيل نطاق الإبادة الجماعية. – الطفلة ريتاج شامية: لا أشعر بقدوم العيد. ليس لدينا ملابس جديدة ولا نقود. – الطفلة فرح مقبل: هذا العيد مليء بالدماء والخوف. – الطفل عادل مقبل: أذهب إلى النوم كل يوم جائعًا وخائفًا.
كيف حالك يا عيد؟ هذه العبارة تعبر عن حال أطفال قطاع غزة الذين يحتفلون بعيد الأضحى المبارك يوم الجمعة في ظل واقع مأساوي ومجاعة نتيجة المجازر والإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين منذ عشرين شهراً.
يصادف عيد الأضحى المبارك السادس من يونيو، وهو يصادف رابع إبادة جماعية يتعرض لها الفلسطينيون. قُتل وجُرح أكثر من 179 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال. وما زال أكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين. وشُرد مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين، بمن فيهم الأطفال.
وعلى النقيض من الأعياد الثلاثة السابقة، يأتي هذا العيد في وقت مجاعة غير مسبوقة، حيث أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية أمام الإمدادات منذ الثاني من مارس/آذار. وقال الأطفال لوكالة الأناضول للأنباء إنهم يذهبون إلى الفراش جائعين في الليل لأن عائلاتهم لا تملك حتى قطعة خبز.
ويتذكر الأطفال أن عيد الإفطار فقد معناه بعد أن سلبتهم الحرب وقتلتهم، ويقضون كل أوقاتهم في خوف دائم بسبب شدة الانفجارات الناجمة عن القصف الإسرائيلي العنيف.
علاوة على ذلك، أفسد نقص المأوى الآمن والصحي والملابس الجديدة النظيفة فرحة الأطفال بالعيد. فهم يعيشون الآن في ظروف مروعة في خيام متداعية تعج بالحشرات والقوارض، مما يزيد من معاناتهم.
يؤكدون أن الحرب سلبت طفولتهم وحرمتهم من حقوقهم الأساسية كالتعليم والأمن واللعب. كما يواجهون مسؤوليات غير اعتيادية في سنهم، كالوقوف في طوابير للحصول على الطعام والماء.
**الفرحة المفقودة
تقول ريتاج شامية، 11 عاما، إنها فقدت فرحة العيد بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها غزة.
وأضافت: “لا أشعر بالعيد. ليس لدينا ملابس جديدة ولا نقود”، موضحة أن مظهر الأطفال تغير بسبب الحرب وآثارها ونقص المياه ومستلزمات النظافة.
** الحزن ونزيف الدم
من جانبها، تقول الطفلة فرح مقبل (16 عاماً)، التي نزحت من منزلها في مدينة جباليا شمال قطاع غزة قبل يومين، إن الأوضاع المعيشية أصبحت أكثر صعوبة بسبب الإبادة الجماعية.
وتوضح أن عيد الفطر قبل الإبادة الجماعية كان مليئاً بالفرحة، لكن أطفال اليوم لا يشعرون بالفرح أو الجو العام بسبب الظروف الإنسانية الصعبة.
وتتذكر أن العيد القادم يأتي في وقت المجاعة والحزن الشديد، وتقول: “في الأعياد السابقة، كنا نزور عائلة جدي دائمًا. واليوم استشهدوا جميعًا. فمن سنزور؟”
وتابعت: “هذا العيد مليء بالدماء والخوف. ننام على تفجيرات وشهداء ودماء، ونستيقظ على نفس الأخبار”.
أعربت فرح عن أملها في أن يحمل عيد الأضحى المقبل وقف إطلاق نار ينهي الإبادة الجماعية والتهجير المستمر. ودعت في الوقت نفسه الأمة العربية إلى كسر صمتها والوقوف إلى جانب الفلسطينيين ودعمهم.
**الخوف والجوع
بدوره، قال الشاب عادل مقبل لوكالة الأناضول للأنباء إن الحرب حرمته من أكثر من عام ونصف من عمره.
وأضاف أنه بسبب قلة الذبائح لم يشعر باقتراب عيد الأضحى، وأنه افتقد الفرحة العامة والملابس الجديدة التي أضاءت قلوبهم خلال احتفالات عيد الأضحى.
ويشير إلى أن هذه الأيام تتسم بالحزن العميق والخوف الدائم، ويضيف: “أنام خائفاً” بسبب الهجمات الإسرائيلية العنيفة اليومية.
وبسبب ندرة وعدم توفر الغذاء، وخاصة الدقيق، فإنه يقضي أيامه جائعًا أيضًا، ويقول: “أذهب إلى السرير جائعًا كل يوم”.
ومن خلال تجويع الفلسطينيين عمداً وبالتالي تمهيد الطريق لنزوحهم القسري، دفعت إسرائيل، وفقاً للأمم المتحدة، الفلسطينيين إلى المجاعة من خلال إغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وخاصة الغذاء.
وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، لوكالة أنباء الأناضول، الخميس، إن إسرائيل دفعت غزة إلى “المرحلة الأكثر خطورة من المجاعة”.
وحذر من أن عواقب المجاعة ستستمر لأجيال، وأكد أن ما يحدث هو “إبادة جماعية ومجاعة وجريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان”.
يزعم مقبل أن الحرب الإسرائيلية حرمت الأطفال من حقوقهم الأساسية كاللعب والتعليم. لم يعد بإمكانهم الذهاب إلى المدرسة والتعلم والقراءة والاحتفال بالعيد.
الطفل الفلسطيني يدعو لوقف الحرب الإبادة وتقديم المساعدات الإنسانية، ويناشد الأمة العربية بدعمه.
وأعرب عن حزنه للأوضاع الصعبة التي يعيشونها، خاصة نقص المواد الغذائية والفواكه والخضروات، وقال إن المياه التي يشربونها مالحة أيضاً.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة، توفي 60 طفلاً فلسطينياً نتيجة سوء التغذية الناجم عن الحصار الإسرائيلي المستمر.
** مسؤولية كبيرة
وعن خدمته خلال الحرب يقول مقبل إنه أصبح لديه مسؤولية جديدة وأكبر وأنه يفقد حقوقه كطفل بسبب الإبادة الجماعية.
ويوضح أنه كل يوم بمجرد استيقاظه ينطلق إلى مكان بعيد لجلب الماء ويحمله إلى مخيم اللاجئين الذي تقيم فيه عائلته.
ويلجأ أيضًا إلى الجمعيات الخيرية التي توزع الطعام مجانًا للحصول على وجبة طعام لعائلته، لكنه في كثير من الأحيان يغادر خالي الوفاض.
ويتابع: “كلما ذهبت إلى دار الرعاية للحصول على الطعام، أتعرض لحروق مختلفة ولا أستطيع الحصول على وجبات الطعام”.
وعن طموحاته يقول مقبل إنه يحلم بأن يصبح طبيباً ويعالج الجرحى نتيجة الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويأتي عيد الفطر في غزة في وقت يكافح فيه المواطنون يومياً للحصول على الضروريات الأساسية للبقاء على قيد الحياة في ظل القصف المستمر والدمار الواسع وانعدام الدخل ونقص المساعدات الإنسانية.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل جرائم إبادة جماعية في غزة، بما في ذلك القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.