من مونتريال إلى الإسكندرية.. هل تنجح المعاهدات الدولية في كبح جماح المناخ؟

شهدت مدينة الإسكندرية أمس عواصف رعدية وتساقط ثلوج ورياح قوية. وانخفضت درجات الحرارة بشكل ملحوظ، ما تسبب في حالة من الذعر والخوف بين السكان. ودار الحديث حول التغير المناخي الخطير الذي يشهده العالم حاليا والذي يهدد مستقبل الحياة على كوكب الأرض.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن عدد الكوارث تضاعف خمسة أضعاف خلال السنوات الخمسين الماضية. في المتوسط، يموت 115 شخصًا وتبلغ الأضرار 202 مليون دولار يوميًا. يسلط هذا التقرير الضوء على الجهود الدولية الرئيسية لمكافحة تغير المناخ.
الاتفاقيات الدولية بشأن تغير المناخ
لقد أدت الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ العالمي إلى التوصل إلى عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات الهامة. ومن أهمها:
أولاً: بروتوكول مونتريال لعام 1987
ودعا البروتوكول إلى وقف إنتاج المواد المستنفدة للأوزون مثل مركبات الكلورو فلورو كربون، وقد نجح في القضاء على ما يقرب من 99% من هذه المواد المستنفدة للأوزون.
ورغم أن هذا البروتوكول لم يكن يهدف في المقام الأول إلى معالجة أزمة المناخ، فإنه كان بمثابة اتفاق بيئي نموذجي للجهود الدبلوماسية اللاحقة لمعالجة تلك الأزمة. لقد صادقت عليها جميع دول العالم تقريبا.
ثانياً، اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لعام 1992
كانت هذه الاتفاقية التاريخية أول معاهدة عالمية تتناول تغير المناخ بشكل صريح، وقد صادقت عليها 197 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وقد أدى هذا الاتفاق إلى إنشاء منتدى سنوي، وهو مؤتمر الأطراف، لتحفيز المناقشات حول سبل الحد من تركيزات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وهو ما أدى فيما بعد إلى بروتوكول كيوتو واتفاقية باريس.
ثالثا: بروتوكول كيوتو 2005
ويدعو هذا الاتفاق الدول الصناعية إلى خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 5% عن مستويات عام 1990. وهذه هي أول اتفاقية دولية ملزمة قانونا بشأن المناخ. تم اعتماد هذا البروتوكول في عام 1997 ودخل حيز التنفيذ في عام 2005.
وبالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء نظام لرصد التقدم الذي تحرزه البلدان نحو تحقيق هذا الهدف. ولكن هذا البروتوكول لم يُلزم البلدان النامية، بما في ذلك أكبر الدول المسببة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الآونة الأخيرة مثل الصين والهند، باتخاذ التدابير اللازمة لخفض هذه الانبعاثات. وقد أدى هذا إلى عدم تصديق الولايات المتحدة على البروتوكول، على الرغم من أن واشنطن كانت قد وقعت عليه في عام 1998 ثم انسحبت منه في وقت لاحق.
رابعا: اتفاقية باريس لمكافحة تغير المناخ العالمي في عام 2015
تعد هذه الاتفاقية أهم اتفاقية دولية حتى الآن لمكافحة تغير المناخ العالمي، حيث أنها تتطلب من جميع البلدان تقديم التزامات طوعية وصريحة للحد من الانبعاثات التي تسبب الاحتباس الحراري، والمعروفة باسم المساهمات المحددة وطنيا (NDCs).
ينص الاتفاق على أن متوسط درجة الحرارة العالمية يجب أن يكون “أقل بكثير” من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة وأن جميع البلدان ملزمة “ببذل الجهود” للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على البلدان تقييم التقدم الذي أحرزته في تنفيذ الاتفاق نحو تحقيق أهدافه كل خمس سنوات من خلال عملية تعرف باسم “التقييم العالمي”.
ويهدف هذا الاتفاق أيضًا إلى تحقيق ما يسمى “الحياد الكربوني” أو “الانبعاثات الصفرية الصافية” في النصف الثاني من هذا القرن. وهذا يعني أن كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري المنبعثة تساوي الكمية التي تتم إزالتها من الغلاف الجوي.
خطة مصر لمكافحة تغير المناخ
وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات، وضعت مصر خطة لمكافحة تغير المناخ ترتكز على عدة محاور، منها: تبادل المعلومات لفهم المدى الحقيقي لتغير المناخ وتأثيره على البيئة، والعمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على جودة البيئة، ومعالجة أسباب تغير المناخ.
وبالإضافة إلى رفع الوعي العام بالظاهرة وأبعادها الاقتصادية وكيفية معالجتها، فإن بناء القدرات وتفعيل برامج المساعدة المالية والفنية الدولية ونقل التكنولوجيا أمر ضروري. وبالإضافة إلى ذلك، يجب تطوير الاستراتيجيات والبرامج اللازمة للتكيف مع تغير المناخ في كافة القطاعات، وتفعيل برامج مشاركة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية.
الإجراءات الفعلية التي اتخذتها مصر لمكافحة تغير المناخ
اتخذت مصر تدابير مختلفة لمواجهة تغير المناخ، بما في ذلك:
التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وإصدار قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، والمشاركة في كافة المؤتمرات وورش العمل الدولية بشأن تغير المناخ لتجنب فرض التزامات دولية على الدول النامية، بما فيها مصر.
التصديق على بروتوكول كيوتو وإنشاء اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة عام 2005 والتي تضم المكتب المصري والمجلس المصري لآلية التنمية النظيفة، فضلاً عن نشر التقرير الوطني الأول عام 1999 بشأن تسجيل غازات الاحتباس الحراري وإعداد خطة عمل وطنية بشأن تغير المناخ.
بالإضافة إلى الترويج لمشاريع تحسين كفاءة الطاقة من خلال وزارة الكهرباء والطاقة، تقوم الوزارة بتنفيذ العديد من المشاريع في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة (الرياح، الطاقة الشمسية، المياه، الكتلة الحيوية). كما تقوم وزارة الموارد المائية والري بتنفيذ مشاريع حماية السواحل وإنشاء معاهد بحثية متخصصة بالتعاون مع شركاء التنمية.
بالإضافة إلى ذلك، يقوم مركز البحوث الزراعية بأبحاث حول تأثيرات تغير المناخ على إنتاج المحاصيل وتطوير أصناف جديدة مقاومة للحرارة.
وتم تطوير مشاريع تجريبية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة ومعالجة النفايات واستعادة الغابات. وفي عام 2007، أعيد تشكيل اللجنة الوطنية لتغير المناخ بهدف تطوير رؤية للسياسات والاستراتيجيات وآليات التنفيذ.