لماذا يتصاعد الصراع في إقليم أمهرة الإثيوبي؟

منذ 29 أيام
لماذا يتصاعد الصراع في إقليم أمهرة الإثيوبي؟

وتشهد إثيوبيا صراعا بين قوات الحكومة الفيدرالية وتحالف فضفاض من الجماعات العرقية المسلحة المعروفة باسم فانو في منطقة أمهرة في شمال إثيوبيا. اندلع هذا الصراع بعد أقل من عام من انتهاء الحرب المدمرة في منطقة تيغراي في عام 2022.

وفي هذا السياق، نشر موقع The Conversation الأسترالي مقالاً تحليلياً مشتركاً بقلم ياريد ديبابي، الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة جوندر في إثيوبيا، وأمانويل تسفاي، طالب الدكتوراه في جامعة هلسنكي، بعنوان “الحرب الأهلية في إثيوبيا: ما وراء انتفاضة أمهرة؟”. نتحقق من ذلك على النحو التالي:

• من هم الأمهرا؟

يعتبر الأمهرا أحد أكبر المجموعات العرقية في إثيوبيا ولعبوا دورا حاسما في تأسيس الدولة الإثيوبية. يتم استخدام اللغة الأمهرية كلغة رسمية للبلاد.

يحد إقليم أمهرة إقليم تيغراي. خلال حرب تيغراي التي بدأت في عام 2020، تحالفت مجموعات فانو المختلفة مع الحكومة الفيدرالية. لكن تم استبعاد الفصائل الأمهرية من اتفاق السلام لعام 2022 لإنهاء الحرب، مما أدى إلى توتر العلاقات بينها وبين الحكومة.

بدأ الصراع في منطقة أمهرة في أبريل/نيسان 2023 بمناوشات مع القوات الحكومية، لكنه سرعان ما تصاعد إلى تمرد واسع النطاق عندما شنت قوات فانو هجوما واسع النطاق في أغسطس/آب من ذلك العام للسيطرة على أكبر مدن المنطقة.

ومنذ ذلك الحين، أدى العنف إلى نزوح أكثر من 100 ألف شخص وترك 4.7 مليون طفل بدون مدارس.

ويستمر عدد القتلى في هذا الصراع في الارتفاع. وفي الشهر الماضي، أعلنت الحكومة الفيدرالية أن أكثر من 300 مقاتل من فانو قتلوا في أحدث موجة من القتال المتجدد.

وحدد المقال ثلاثة عوامل رئيسية أدت إلى تصاعد الصراع المسلح في منطقة أمهرة:

سوء إدارة عملية الانتقال السياسي

بين عامي 1991 و2018، كانت إثيوبيا تحت حكم الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، وهي تحالف قوي بين أربعة أحزاب عرقية تمثل تيغراي وأمهرا وأورومو وشعوب الجنوب.

مع تصاعد الأزمة السياسية والاحتجاجات الشعبية منذ عام 2014 نتيجة القمع السياسي والاعتقالات التعسفية، أصبح التغيير ضروريا للجبهة. انضم حزبان – منظمة شعب أورومو الديمقراطية (OPDO) والحركة الديمقراطية الوطنية أمهرة (NDM) – إلى قواهما للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي (TPLF) من موقعها المهيمن. وحققوا ذلك من خلال استغلال الاحتجاجات التي قادها الشباب بين عامي 2015 و2018.

وفي أعقاب استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين في عام 2018، مهد الحزبان الطريق أمام صعود آبي أحمد إلى السلطة.

لفترة من الوقت، بدت العلاقة بين جناحي أورومو وأمهرا داخل التحالف متساوية، لكن هذا لم يدم طويلا. في ديسمبر 2019، دمج آبي أحمد التحالف في حزب واحد، حزب الازدهار.

وقد اكتسب فصيل أورومو الهيمنة داخل حزب الازدهار واحتكر المناصب السياسية المهمة والفرص الاقتصادية، بما في ذلك السيطرة على العاصمة أديس أبابا.

تم طرد أو اعتقال أو نفي الزعماء الأمهريين الذين عارضوا علناً هيمنة الأورومو. تم اغتيال رئيس منطقة أمهرة، أمباتشو ميكونين، في يونيو/حزيران 2019.

المضايقات والاختطاف من أجل الحصول على فدية والاعتقالات هي جزء من الحياة اليومية لسكان أمهرة الذين يحاولون الوصول إلى العاصمة أديس أبابا. يتعرض أفراد المجتمع الأمهري للعنف بدوافع عرقية في مختلف أنحاء البلاد.

وأثارت هذه الأحداث موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء منطقة أمهرة.

تأثير حرب تيغراي

أنهى اتفاق السلام الذي تم توقيعه في جنوب أفريقيا عام 2022 عامين من الحرب الدموية في تيغراي والمناطق المجاورة، لكنه أدى إلى تفاقم مشاعر التهميش بين الأمهرا.

ورغم أن الاتفاق أنهى القتال في تيغراي، إلا أن مطالب وممثلي الأمهرة تم تجاهلها، على الرغم من أن المنطقة تأثرت بشدة بالحرب.

كما أن الغموض الذي يكتنف الاتفاق بشأن مصير المناطق المتنازع عليها بين منطقتي أمهرة وتيجراي – مثل منطقة ويلكيت – أدى إلى زيادة انعدام الثقة.

وفي أبريل/نيسان 2023، قررت الحكومة حل القوات الخاصة الإقليمية. ويبدو أن هذه الخطوة كانت بمثابة محاولة لتوحيد القوات المسلحة في البلاد. ومع ذلك، ونظراً للصراعات الإقليمية غير المحسومة وطموحات القومية الأوروموية، فقد تم تفسير نزع سلاح قوات الأمهرة على أنه محاولة لإضعاف دفاعات المنطقة. في المقابل، لم يتم نزع سلاح قوات دفاع تيغراي، التي تضم أكثر من 200 ألف مقاتل، مما يزيد من الشعور بالضعف والخطر بين سكان أمهرة.

وأدت الاحتجاجات الشعبية إلى اشتباكات مع القوات الحكومية، وسرعان ما تطورت إلى انتفاضة قادتها فصائل فانو.

انتشرت الانتفاضة ووجدت دعما واسعا بين سكان المنطقة والشتات الإثيوبي الأمهري.

ويدور الصراع في منطقة تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة إقليم تيغراي، ويفرض ضغطًا كبيرًا على قدرات الجيش الفيدرالي الإثيوبي.

وتتراوح أهداف فصائل فانو من الدفاع عن مصالح الأمهرة إلى المطالبة بالتغييرات الدستورية إلى الإطاحة بالحكومة الفيدرالية بقيادة آبي أحمد.

لكن الانتفاضة لا تزال في مراحلها الأولى؛ إنها تفتقر إلى قيادة موحدة، وبنية تنظيمية متماسكة، وسلسلة قيادة واضحة. وتظل الانقسامات والصراعات بين الفصائل قائمة، ولا توجد حتى الآن أهداف واضحة أو استراتيجية موحدة.

جهود السلام الكاذبة

وتبدو حكومة آبي أحمد عازمة على قمع انتفاضة فانو بالقوة العسكرية، وأعلنت حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في أغسطس/آب 2023، ثم تم تمديدها لاحقا.

على الرغم من انتهاء حالة الطوارئ في منطقة أمهرة رسميًا في يونيو/حزيران 2024، إلا أن بعض القيود لا تزال قائمة، بما في ذلك حظر التجول الفعلي في المدن الكبرى مثل العاصمة بحر دار.

وتعتمد حملة الحكومة لمكافحة التمرد على النشر المكثف لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية واستخدام الضربات بطائرات بدون طيار.

وفي المقابل، أعربت الحكومة عن استعدادها المشروط للدخول في مفاوضات السلام، لكنها تجنبت اتخاذ خطوات حقيقية لبناء الثقة مثل إطلاق سراح السجناء السياسيين من أمهرة.

ولم يحقق مجلس السلام (المكون من 15 عضوا يمثلون مناطق مختلفة في أديس أبابا وأمهرة)، الذي تم تشكيله للتوسط بين الحكومة والفانو، أي نتائج ملموسة، وأكد المتحدث باسمه أن الحكومة الفيدرالية مترددة في الدخول في مفاوضات جادة.

وتتمثل جوهر جهود الحكومة لتحقيق السلام في الدعوات المتكررة للمسلحين لتسليم أنفسهم. وتشير التقارير إلى أن الحكومة الإثيوبية تحاول التفاوض مع كل فصيل من فصائل فانو على حدة (تتكون فانو من أربعة فصائل رئيسية) من أجل تفتيت التمرد بشكل أكبر.

• مستقبل الصراع في أمهرة

 

ومن غير المرجح أن ينجح العمل العسكري لحكومة آبي أحمد، إلى جانب جهود السلام المحدودة، لأن حزب الازدهار الحاكم لا يتمتع بشعبية كبيرة في منطقة أمهرة. ومن ثم فإنه من الضروري الشروع في عملية سلام حقيقية وليس مجرد التخلي عن مطالب الاستسلام أو محاولات احتواء فصائل معينة.

ويجب أن تبدأ هذه العملية بخطوات بناء الثقة، مثل إطلاق سراح النشطاء والصحفيين والأكاديميين والسياسيين الأمهريين المعتقلين تعسفيا.

ويجب على الحكومة الفيدرالية أيضًا الانخراط في مفاوضات شاملة تضم جميع فصائل فانو، ومنظمات المجتمع المدني، وزعماء المجتمع المحلي، والمعارضة في الداخل وفي الشتات. ويمكن للوسطاء الإقليميين والدوليين المحايدين أن يلعبوا دوراً فعالاً أيضاً.

وبحسب المقال، فإن المحاولات السابقة للتفاوض مع الفصائل المسلحة في كل من تيغراي وأوروميا أدت في بعض الحالات إلى إطالة أمد التمرد أو إثارة تمردات جديدة.

ويؤكد الباحثون أن عملية السلام يجب أن تعالج التحديات البنيوية العميقة، مثل ضمان حماية أقليات الأمهرة في المناطق الأخرى وتمثيلها العادل في المؤسسات المحلية والإقليمية والفيدرالية. وينبغي أيضًا حل النزاعات الإقليمية من خلال عملية تعتمد على السياق التاريخي والمبادئ الدستورية وقبول السكان المتضررين.

وأشار الباحثون إلى أن السلام الدائم في إثيوبيا لن يكون ممكنا إلا إذا انتهت دورة الهيمنة العرقية في النظام الفيدرالي للحكومة.


شارك