غضب إسرائيلي من هزال المحتجزين بالدفعة الخامسة.. كيف أدت سياسيات التجويع التي مارسها الاحتلال في الوصول للمشهد؟

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل لن تتجاهل مشهد المعتقلين الثلاثة وهم في حالة ضعف وهزال أثناء اقتيادهم إلى منصة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة ثم تسليمهم إلى لجنة الصليب الأحمر.
• رسالة المقاومة: نحن في اليوم التالي
وجاءت عملية التسليم والتسليم بعد وصول موكب وحدة الظل وقوات أمن كتائب القسام وطواقم الصليب الأحمر إلى نقطة التسليم والتسليم وسط قطاع غزة. استقبال الأسرى الإسرائيليين إلياهو داتسون يوسف شرابي، وأور أبراهام ليشا ليفي، وأوهاد بن عامي، وسط حضور جماهيري كبير في دير البلح لحضور حفل تسليم الأسرى.
وكان لتسليم الأسرى دلالات رمزية عديدة، إذ شارك في العملية مئات المقاتلين من كتائب القسام من مختلف الوحدات العسكرية.
خلال الحملة، تم رفع لافتة كبيرة على منصة التوزيع كتب عليها “نحن الطوفان… نحن اليوم التالي” بثلاث لغات: العربية والعبرية والإنجليزية.
وتضمنت اللافتة صورة “قبضة” وصورة العلم الفلسطيني، في إشارة قوية إلى استمرار المقاومة.
وذكر المركز الفلسطيني للإعلام أن كتائب القسام اختارت عبارة “نحن اليوم التالي” بعد تقارير بثتها هيئة الإذاعة الإسرائيلية بأن إسرائيل وافقت على فكرة تمكن كل أو بعض قادة حماس من مغادرة غزة والانتقال إلى دولة أخرى. وتأتي هذه الخطوة على خلفية تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن وأماكن أخرى حول العالم.
رداً على خطاب نتنياهو وغضب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الوضع الصحي والجسدي للأسرى، سارعت المقاومة الفلسطينية إلى إعلان استشهاد أحد الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة، نتيجة نقص الدواء والغذاء.
وأضافت أن الأسرى يعانون من نفس الظروف التي يعاني منها الشعب الفلسطيني من الجوع والحرمان ونقص الدواء والغذاء.
• مذبحة الدقيق. يقوم الطاقم بنصب كمين للجوعى
وفي فبراير/شباط الماضي، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على مئات المواطنين الذين تجمعوا عند دوار النابلسي في قطاع غزة للحصول على مساعدات غذائية. وقد سقط أكثر من 100 شهيد ومئات الجرحى.
اطلع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على أدلة تشير إلى تورط جيش الاحتلال في المجزرة، وأكد أن عشرات الشهداء قتلوا بالرصاص وليس بالدهس أو التدافع كما ادعى الناطق باسم جيش الاحتلال.
نصب جيش الاحتلال كميناً للشعب الجائع، وارتكب واحدة من أبشع الجرائم في الوقت الذي كانت فيه المساعدات الإنسانية الشحيحة تصل إلى وسط قطاع غزة عبر شارع الرشيد. ويتسبب هذا في تجمع النازحين وسكان مدينة غزة والمناطق الشمالية فور سماعهم بوصول المساعدات الإنسانية أو توزيعها.
حدث هذا في دوار النابلسي، حيث بدأت عمليات تسليم المساعدات، وتوافد حشود من الفلسطينيين إلى هناك. وفي تلك اللحظة بدأت قوات الاحتلال بشن هجمات قنص مكثفة على الحشود. واستخدموا الآليات العسكرية والدبابات والجنود، إضافة إلى الطائرات بدون طيار التي استهدفت المدنيين.
• دوار في الكويت. رصاص الاحتلال يقتل الصائمين
وبعد نحو أسبوعين من مجزرة الدقيق، كرر الاحتلال الإسرائيلي جريمته في مكان آخر، بمجزرة الدوار في الكويت، التي وقعت في منتصف شهر مارس/آذار الماضي.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن 23 فلسطينياً قتلوا وأصيب 23 آخرون، بقصف إسرائيلي قرب دوار الكويت في مدينة غزة.
وأضاف المكتب الإعلامي أن عناصر جيش الاحتلال بالإضافة إلى الدبابات أطلقوا النار بالرشاشات على المواطنين الجائعين الذين كانوا ينتظرون أكياس الدقيق والمساعدات الإنسانية خلال شهر رمضان المبارك.
• المطبخ العالمي
وفي أوائل شهر أبريل/نيسان، تعرضت قافلة تابعة لمطبخ وورلد سنترال لتوزيع الغذاء في شمال قطاع غزة لهجوم من قبل طائرة بدون طيار إسرائيلية. وأدى ذلك إلى استشهاد سبعة من العاملين في المجال الإنساني.
بتاريخ 3/3/2024، تعرضت شاحنة تحمل مساعدات إنسانية لقصف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة. وجاء الهجوم مفاجئا وأسفر عن استشهاد 9 أشخاص كانوا واقفين حول الشاحنة لتلقي المساعدة، فيما أصيب آخرون بإصابات متفاوتة. وتزامن هذا الهجوم مع هجمات أخرى نفذت في اليوم ذاته على عدة نقاط توزيع مساعدات في قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا بين شهداء وجرحى.
وأفاد شهود عيان أن الشاحنة كانت تحتوي على مواد غذائية وأساسية للسكان المتضررين من الحصار والعمليات العسكرية المستمرة. وتجمع السكان حول موقع التوزيع فور وصول الشاحنة، على أمل الحصول على بعض السلع الأساسية التي أصبحت نادرة نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة. وفجأة، استهدفت طائرات الاحتلال الشاحنة بقصف مباشر بالقنابل اليدوية، ما أدى إلى انفجار أدى، بحسب يورو نيوز، إلى استشهاد وإصابة العديد من المتواجدين.
وأثارت هذه الحادثة استنكاراً واسع النطاق من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي. واعتبروا أن استهداف المدنيين أثناء توزيع المساعدات يعد انتهاكا للقانون الدولي، الذي يركز على حماية المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية في مناطق الصراع.
• ماذا يقول القانون الدولي بشأن جرائم الجوع؟
ويعتبر القانون الدولي استخدام الجوع كسلاح في الحرب “جريمة” ويحظر تجويع المدنيين أو حرمانهم من المساعدات الإنسانية.
وتشمل الاتفاقيات الدولية التي تتناول هذه القضية ما يلي:
– اتفاقيات جنيف لعام 1949 التي تنص في المادة 54 على حظر تدمير أو إتلاف الممتلكات الضرورية لبقاء السكان المدنيين، بما في ذلك الغذاء.
– وقد تناول البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 هذه المشكلة أيضاً، حيث عزز حماية السكان المدنيين، ونص صراحة في المادة 54(2) على أن التجويع كوسيلة للحرب محظور، وأن تدمير إمدادات الغذاء وموارد المياه والسلع الأساسية الأخرى محظور.
ويعتبر نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 أن التجويع جريمة حرب. وتنص المادة 8(2)(ب)(xxv) من هذا النظام الأساسي على أن الاستخدام المتعمد للتجويع كأسلوب من أساليب الحرب في النزاعات المسلحة الدولية يشكل جريمة، وتنص على الملاحقة الجنائية للمسؤولين عن ذلك.
ويؤكد القانون الدولي الإنساني على ضرورة السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين في المناطق المتضررة من النزاعات المسلحة ويعتبر منع وصول تلك المساعدات جريمة خطيرة.
– قرارات مجلس الأمن: الجوع جريمة حرب
وطالبت عدة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي بحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية، مؤكدة أن أي استخدام للتجويع كوسيلة ضغط أو كسلاح يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي.
ويعد القرار رقم 2417 لسنة 2018 من أهم القرارات التي تناولت قضية التجويع كأداة من أدوات الحرب. وأدان مجلس الأمن بالإجماع استخدام تجويع المدنيين واعتبره جريمة حرب.
ويدعو القرار الأطراف المتحاربة إلى احترام القانون الإنساني الدولي وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لمن يحتاجون إليها.
وسبق ذلك القرار رقم 1296 في عام 2000، الذي أكد على ضرورة تجنب الهجمات التي تستهدف المدنيين أو استخدامها كوسيلة لممارسة الضغط. وقد ثبت أيضاً أن منع إيصال المساعدات أو حرمان السكان المدنيين من الغذاء والماء قد يشكل جرائم ضد الإنسانية.
خلال الأزمة الحالية، عقد مجلس الأمن عدة اجتماعات لمناقشة الوضع في قطاع غزة. وشدد الأعضاء على ضرورة حماية المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، مع التأكيد على أهمية امتثال جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي.
في 22 كانون الأول/ديسمبر 2023، اعتمد مجلس الأمن القرار رقم 2720، الذي دعا إلى زيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، بما في ذلك توفير الوقود والغذاء والإمدادات الطبية.
ودعا إلى فتح كافة المعابر الحدودية، بما فيها معبر كرم أبو سالم. ولتسهيل إيصال المساعدات، اقترح تعيين منسق إنساني لإعادة الإعمار في غزة.
• أميركا تعرقل إنهاء الجوع الفلسطيني
وفي 25 مارس/آذار 2024، اعتمد المجلس القرار رقم 2728، الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان لتخفيف معاناة المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وقد حظي القرار بتأييد 14 عضوا، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.