كل ما تريد معرفته عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.. السياسات الداعمة للنمو والتشغيل

منذ 23 أيام
كل ما تريد معرفته عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.. السياسات الداعمة للنمو والتشغيل

استعرضت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي محاور وفصول “السرد الوطني للتنمية الاقتصادية”، الذي تم إطلاقه في 7 سبتمبر الماضي، لتحقيق التكامل بين رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة.

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن “الخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية” تهدف إلى بناء نموذج اقتصادي قائم على تكامل وترابط الأولويات، بما يضمن مسارًا متسقًا لتحقيق نمو شامل ومستدام. ويبدأ ذلك بإعادة توجيه السياسات الصناعية والتجارية نحو القطاعات القابلة للتداول، وربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل، وتكثيف الجهود لتحسين بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات التنظيمية. علاوة على ذلك، يهدف هذا إلى إحداث نقلة نوعية في قطاعات الاقتصاد الحقيقي، وزيادة خلق القيمة، وتحقيق الإمكانات الهائلة للاقتصاد المصري.

وأضافت المشاط أن البرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي يُعدّ الأداة الأهم للدولة لتحقيق هذه الأهداف، فهو الإطار التنفيذي الذي يُترجم الرؤية الاقتصادية إلى إجراءات وتدابير عملية تُعالج الاختلالات المؤسسية والتنظيمية والهيكلية في الاقتصاد، وتُمكّن من تحقيق نمو أكثر استدامة وشمولاً. ويرتكز البرنامج على ثلاثة محاور رئيسية: تحسين الاستقرار الاقتصادي الكلي، وزيادة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم التحول الأخضر.

وأضافت أن جوهر الإصلاحات الهيكلية يكمن في توحيد السلطات والرسوم، وتحسين كفاءة إدارة الدولة، وإعادة تعريف دورها المذكور. وينبغي للدولة أن تنسحب تدريجيًا من الاقتصاد، وأن تتحول إلى جهة تنظيمية ومشجعة وحافزة للاستثمار، وخاصةً الاستثمار الأجنبي المباشر. وسيسهم هذا التحول في تعزيز مشاركة القطاع الخاص، وخلق فرص العمل، وزيادة الصادرات، وتحسين مستويات المعيشة. وسيسهم ذلك في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المديين المتوسط والطويل.

الاستقرار الاقتصادي الكلي

نظراً لأهمية الاستقرار الاقتصادي الكلي كعنصر أساسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، يُسلّط الفصل الأول الضوء على عدد من التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المصري. وتشمل هذه التحديات، على وجه الخصوص، الفجوة المزمنة بين الادخار والاستثمار، وضعف الإنتاجية، وصعوبة تعبئة الموارد المحلية. كما يُسلّط الضوء على الحاجة إلى إدارة أكثر كفاءة للاستثمارات العامة.

يتناول هذا الفصل التدابير المقترحة لتعزيز مرونة الاقتصاد المصري واستدامته المالية من خلال تخصيص الموارد بكفاءة أكبر وتوجيهها نحو قطاعات الإنتاج والتصدير ذات الأولوية. كما يُشدد على أهمية التكامل بين قانون التخطيط العام رقم 18 لسنة 2022 وقانون المالية العامة الموحد رقم 6 لسنة 2022، وتطبيق اللائحة التنفيذية لقانون التخطيط، مما يُسهم في تحديد فجوات التنمية على المستويين الوطني والمحلي.

ويتناول الفصل أيضا أهمية مواءمة خطة الاستثمار الحكومية مع الموازنة متوسطة الأجل، وضرورة تطوير إطار مؤسسي لتحديد فجوة التمويل ومصادرها، وضمان الاتساق بين السياسات الاقتصادية المختلفة في تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي الوطني.

علاوةً على ذلك، يُناقش الفصل الجهود المبذولة لتنفيذ استراتيجية تمويل التنمية الوطنية المتكاملة. والهدف هو حشد الموارد الوطنية والدولية وتوجيهها لدعم القطاعات ذات الأولوية والتحول إلى اقتصاد أخضر. كما يهدف إلى زيادة حصة الاستثمار العام الأخضر إلى 70% بحلول عام 2030، ودمج البُعد البيئي في تخطيط التنمية. ويختتم الفصل بتحديد التوجه العام للسياسة المالية، حيث ينصب التركيز على تحفيز القطاع الخاص، وتحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات، وزيادة كفاءة الاستثمار والإنفاق الحكومي. وهذا يُسهم في توفير حيز مالي يسمح بزيادة الإنفاق على أولويات التنمية، وخاصةً التعليم والصحة والحماية الاجتماعية.

الاستثمار الأجنبي المباشر

يتناول الفصل الثاني الاستثمار الأجنبي المباشر ليس فقط كآلية لسد فجوات التمويل، بل أيضًا كمحرك استراتيجي لتوطين المعرفة، ونقل التكنولوجيا، والاندماج في سلاسل القيمة العالمية، وخلق وظائف عالية الإنتاجية تُحفّز النمو طويل الأجل. علاوةً على ذلك، يستكشف مختلف القضايا المتعلقة بتشجيع الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال تحديد القطاعات ذات الأولوية المؤهلة للدعم ضمن الاستراتيجية الوطنية لتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر.

يُسلِّط الفصل الضوء على الروابط بين أولويات جذب الاستثمار وقطاعي التجارة والصناعة، مما يعكس التوجه نحو توجيه الاستثمارات نحو الأنشطة الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية. كما يبحث في مدى توافق هذا التوجه مع الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، مع التركيز على القطاعات ذات إمكانات النمو العالية وتوفير فرص العمل المستدامة. ويُسلِّط الضوء على الدور المتنامي لريادة الأعمال والشركات الناشئة في جذب الاستثمار، ويُؤكِّد على أهمية ميثاق الشركات الناشئة المصري كأداة تنظيمية لدعم توسيع هذا الدور.

يتناول الفصل أيضًا التغيير الهيكلي في نظرة الدولة لدورها في النشاط الاقتصادي، والذي يتحقق من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في قيادة جهود التنمية الاقتصادية. كما يستعرض الاستراتيجيات والإصلاحات الرامية إلى تحسين مناخ الاستثمار وخلق بيئة أعمال تنافسية وجاذبة، بما يتوافق مع معايير تقرير “جاهزية بيئة الأعمال”.

التنمية الصناعية

يتناول الفصل الثالث استراتيجية التنمية الصناعية ووثيقة السياسة التجارية. ويركز على تحديد القطاعات الصناعية والتجارية ذات الأولوية، وتقديم رؤية جديدة وشاملة لتحسين أداء التجارة الخارجية وتحفيز الصادرات. كما يتناول الإصلاحات اللازمة لتسريع نمو الصناعة والتجارة، مع التركيز بشكل خاص على دمج استراتيجيات الاستثمار الأجنبي المباشر والتوظيف. ويولي الفصل اهتمامًا خاصًا لجهود الحكومة لمعالجة آثار آلية تعديل انبعاثات الكربون الحدودية، وتأمين الوصول إلى الأسواق الأوروبية، وتعزيز تنافسية الصادرات المصرية.

يتناول الفصل الثالث جهود الحكومة في تطوير الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية ودمجها في الاستراتيجية الوطنية لترويج التجارة الخارجية. كما يتناول السياسة التجارية لمصر ودمجها في استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر. ويقدم نظرة عامة على قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والرقمنة والسياحة والطاقة، باعتبارها قطاعات رئيسية للتحول الهيكلي للاقتصاد المصري.

زيادة كفاءة ومرونة سوق العمل

ونظراً لأهمية تنمية رأس المال البشري وتعزيز بيئة الابتكار وريادة الأعمال في إطار النموذج الاقتصادي الجديد، يركز الفصل الرابع على تحسين كفاءة ومرونة سوق العمل من خلال الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، التي تشكل ركيزة أساسية لتحقيق النمو وزيادة الإنتاجية وتعزيز فرص العمل اللائق، وخاصة للشباب والنساء.

يعكس هذا التوجه رغبةً في توجيه حصة متزايدة من الاستثمار العام إلى التعليم والصحة والتدريب الفني. والهدف هو بناء منظومة مهارات متكاملة تلبي احتياجات الاقتصاد، وتُحسّن التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل من خلال تطوير المهارات الفنية والتكنولوجية، وتحسين جودة التدريب المهني. وهذا يُسهم في معالجة اختلالات سوق العمل، وزيادة معدلات التوظيف، وتعزيز الاندماج في الاقتصاد الرسمي. وفي الوقت نفسه، تعمل الحكومة على تعزيز ريادة الأعمال والابتكار من خلال إصلاح الأطر القانونية والتنظيمية، وتسهيل الحصول على التمويل، وتوفير حوافز للقطاعات الناشئة.

التخطيط الإقليمي لتوطين التنمية الاقتصادية

في هذا السياق، يتناول الفصل الخامس جهود تطبيق قانون تخطيط الدولة على المستويات الوطنية والقطاعية والإقليمية والمحلية، بما يرفع كفاءة منظومة التخطيط ويضمن تكامل أهداف التنمية. وفي هذا السياق، يُسلّط الضوء على ثلاثية التوطين الفعال، القائمة على التكامل المتكامل بين البرامج المحلية المُطوّرة، والخطط المدنية، وآليات المشاركة المجتمعية. كما يُركّز على توطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات، بما يحقق العدالة المكانية في توزيع الاستثمارات والخدمات.

ويؤكد الفصل على الدور المركزي للبيانات والأدلة في صياغة سياسات التنمية الدقيقة والفعالة من خلال الاعتماد على الدراسات الإحصائية ومؤشرات التنمية واستخدامها لتحديد أولويات التدخل وتوجيه الموارد إلى المجالات التي هي في أمس الحاجة إليها.

علاوةً على ذلك، يُناقش آليات تحسين التنافسية بين المحافظات، لا سيما مؤشر تنافسية المحافظات. كما يُسلَّط الضوء على المشروع الوطني للتنمية الريفية المصرية “حياة كريمة” كأحد أكبر برامج التنمية المكانية الشاملة، بالإضافة إلى منصة “مصدر” لرصد ومتابعة مؤشرات التنمية المستدامة.

وفي إطار دمج البعد البيئي في التنمية المحلية، يسلط الفصل الضوء على الجهود المبذولة لتوطين العمل المناخي من خلال المبادرات الوطنية مثل المبادرة الوطنية للمشاريع الخضراء الذكية وبرنامج نوفي، فضلاً عن المبادرات الأخرى التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى المحلي.


شارك