لماذا غضبت إسرائيل من شارة المفتاح على بدلة محمود عباس؟
أثارت تصريحات محمود عباس حول حمله “مفتاح عودة اللاجئين” على صدره خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هجوماً إسرائيلياً وصل إلى حد اتهامه بالدعوة إلى إبادة إسرائيل.
وقال أستاذ الإعلام في جامعة القدس أحمد رفيق عوض: “إن إسرائيل تحاول استخدام هذا المفتاح لخلق ضجة بهدف نزع الشرعية عن عباس وإسقاط السلطة الفلسطينية”.
وقال أحمد أبو هولي، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية: “إن مفتاح العودة هو أحد الأدلة على التهجير القسري والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل”.
الكاتب والروائي الفلسطيني وليد الهودلي: الإسرائيليون يريدون إنكار وجودنا، ونحن نؤكد حقنا في الوجود، والمفتاح رمز لذلك.
أثار دبوس على شكل مفتاح يرتديه الرئيس الفلسطيني محمود عباس على صدره، يرمز إلى حق العودة للاجئين الفلسطينيين، هجوما إسرائيليا وانتقادات حادة، بما في ذلك اتهامات بأنه يدعو إلى إبادة إسرائيل.
على الجانب الأيسر من بدلته، يرتدي عباس منذ فترة طويلة هذا الدبوس على شكل مفتاح، يرمز إلى تصميم اللاجئين على العودة إلى منازلهم التي أجبروا على تركها.
وظهر المفتاح خلال كلمة الرئيس الفلسطيني عبر الفيديو أمام الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس، وفي وقت سابق خلال المؤتمر الدولي لدعم حل الدولتين يوم الاثنين.
يوم الاثنين، اعترفت فرنسا ومالطا ولوكسمبورغ وبلجيكا وأندورا وموناكو بدولة فلسطين في “مؤتمر حل الدولتين” بنيويورك. وبذلك، ارتفع عدد أعضاء الأمم المتحدة إلى 159. وقد أبدت إسرائيل استياءها الشديد من هذا الاعتراف، واصفةً إياه بـ”تسونامي سياسي”.
هددت إسرائيل الفلسطينيين الذين رحّبوا بهذه الخطوة بالعقاب. وتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن “دولة فلسطين لن تُقام”، بينما أعلن وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش أن “الرد الوحيد على الاعتراف بدولة فلسطين هو الضم الفوري” للضفة الغربية المحتلة.
– الغضب الإسرائيلي
هذه ليست المرة الأولى التي يرتدي فيها الرئيس الفلسطيني رمزَ المفتاح. فقد شوهد أيضًا على صدره في اجتماعات سابقة للأمم المتحدة، وفي اجتماعات بمدينة رام الله بالضفة الغربية.
وزعمت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها أن الدبوس يمثل “ازدواجية خطيرة من جانب محمود عباس”.
وأضافت أن “عباس كان يرتدي دبوسًا على شكل مفتاح، وهو رمز لا لبس فيه لهدفه المتمثل في القضاء على إسرائيل”.
وتعتبر تل أبيب حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم المحتلة بمثابة “إبادة لإسرائيل”.
لقد احتلت إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان لعقود من الزمن، وترفض الانسحاب من هذه الأراضي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود ما قبل عام 1967.
– التمرد الاصطناعي
ويرى أستاذ الإعلام في جامعة القدس أحمد رفيق عوض أن “إسرائيل تريد استخدام هذا المفتاح لخلق ضجة بهدف نزع الشرعية عن محمود عباس ومحاصرته وإسقاط السلطة الفلسطينية، لأنها ترى في ذلك دليلاً على حل الدولتين”.
وقال عواد لوكالة الأناضول: “إسرائيل تريد محاسبة عباس على محاولته تدمير إسرائيل من خلال تذكيره بحق العودة للاجئين”.
وأضاف: “إسرائيل تدرك تماما أن عباس يريد التفاوض على حق العودة في إطار دولي، لكنها تحاول نزع الشرعية عنه وتستخدم كل الذرائع لتحقيق ذلك”.
شاهد على الطرد
أكد أحمد أبو هولي، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، أن “العديد من القادة الفلسطينيين والأحرار في أنحاء العالم يحملون على صدورهم المفتاح لتأكيد الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني”.
وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، أشارت هولي إلى أن مفتاح العودة يكمن في “الأدلة على التهجير القسري والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل”.
وأضاف: “أهلنا الذين هُجّروا عام ١٩٤٨ نتيجة النكبة، أغلقوا أبواب بيوتهم على أمل العودة. احتفظوا بالمفاتيح ووثائق بيوتهم ووعدوا بالعودة قريبًا. طال الانتظار أكثر من سبعة عقود، وتوارثوا مفتاح العودة جيلًا بعد جيل، ولا يزال شاهدًا على جريمة التهجير حتى يومنا هذا”.
“النكبة” هو مصطلح يستخدمه الفلسطينيون لوصف اليوم الموافق 15 مايو/أيار 1948، عندما أُعلن عن قيام إسرائيل على معظم أراضيهم.
منذ عام 1948، تعرض الفلسطينيون لمراحل مختلفة من التهجير القسري والهجرة بسبب خطط الاستيطان والتوسع الإسرائيلي، والتوغل البري في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، والقتال والحروب التي اندلعت في قطاع غزة.
– أتمنى العودة
اتفق الكاتب والروائي الفلسطيني وليد الهدلي مع أبو هولي، قائلاً: “مع مرور الوقت، أصبح مفتاح العودة رمزًا للالتزام بالعودة، ولكل لاجئ أملٌ في التمكن من العودة وفتح وطنه من جديد، مهما طال الزمن. فالقضية لا تخضع لمرور الزمن”.
وقال الهودلي لوكالة الأناضول: “إن الركيزة الأساسية للشعب الفلسطيني وقضيته هي طرد الناس من ديارهم وتدمير نحو 500 قرية وبلدة بشكل كامل خلال نكبة عام 1948”.
وأضاف: “في تلك الفترة قامت العصابات الصهيونية بتهجير الفلسطينيين من منازلهم، وكان الكثير منهم يحمل المفتاح معهم، على أمل استخدامه لفتح منازلهم عند عودتهم”.
ورأى أن “المفتاح يؤكد الالتزام الفلسطيني بحق العودة، وأن الفلسطينيين لا يستطيعون التخلي عنه”.
وختم الهودلي حديثه قائلا: “إنهم (الإسرائيليون) يريدون إنكار وجودنا، ونحن نؤكد حقنا في الوجود، والمفتاح رمز لكل ذلك”.
تشير سجلات الأونروا حتى أغسطس/آب 2023 إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين يبلغ حوالي 5.9 مليون لاجئ. يعيش حوالي 2.5 مليون منهم في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويمثل هذا العدد حوالي 42% من إجمالي اللاجئين المسجلين (15% في الضفة الغربية و27% في قطاع غزة)، وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وفي الدول العربية، تشير البيانات إلى أن نحو 40% من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا يعيشون في الأردن، مقابل 10% في سوريا و8% في لبنان، بحسب المصدر نفسه.
وذكرت الوكالة أن هذه الأرقام تقديرات دنيا، إذ لا تشمل اللاجئين الفلسطينيين غير المسجلين لديها. وحسب تعريف الأونروا، يشمل هذا العدد النازحين بين عام ١٩٤٩ وعشية حرب حزيران/يونيو ١٩٦٧، بالإضافة إلى النازحين خلال تلك الحرب ممن لم يكونوا لاجئين أصلاً.