خبراء: تصريحات باراك ونتنياهو مقدمة لتوسيع العدوان الإسرائيلي على لبنان

منذ 2 ساعات
خبراء: تصريحات باراك ونتنياهو مقدمة لتوسيع العدوان الإسرائيلي على لبنان

المحلل السياسي اللبناني يوسف دياب: الحكومة الأميركية تتبنى بوضوح مسار نتنياهو التصعيدي. الخبير العسكري اللبناني هشام جابر: هناك احتمال أن يتصاعد العدوان الإسرائيلي بهجوم بري محتمل من سوريا.

في أعقاب انتقادات مسؤولين في الحكومة اللبنانية لتصريحات المبعوث الأميركي توماس باراك بشأن تعامل بيروت مع قضية نزع سلاح حزب الله، حذر خبراء من أن هذا الموقف يعكس تصعيداً إسرائيلياً أميركياً مشتركاً قد يفتح الباب أمام حرب شاملة على الجبهة اللبنانية.

وفي حين رد رئيس مجلس النواب نبيه بري بحدة على تصريحات باراك، رافضا ما وصفه بالتحريض، أكد رئيس الوزراء نواف سلام تصميم الدولة على توسيع سلطتها من دون المساس بسيادتها.

في المقابل، رأى محللون وخبراء عسكريون أن هذه التصريحات هي محاولة لخلق أمر واقع قد يشكل بداية لتصعيد العدوان الإسرائيلي على لبنان.

زعم باراك في مقابلة تلفزيونية يوم الاثنين: “لبنان اكتفى بالكلام ولم يفعل شيئًا. على الحكومة اللبنانية أن تتحمل مسؤوليتها وتعلن بوضوح أنها ستنزع سلاح حزب الله، الذي يعيد حاليًا بناء قوته”.

في اليوم نفسه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “نحن في صراع ونحقق انتصارات على أعدائنا. يجب علينا القضاء على المحور الإيراني، ونحن قادرون على ذلك. هذا ما ينتظرنا في العام المقبل، الذي قد يكون عامًا تاريخيًا لأمن إسرائيل”.

وانتقد بري الثلاثاء تصريحات باراك بشأن تعامل بيروت مع قضية نزع سلاح حزب الله، وقال إن جيش بلاده ليس حارس حدود لإسرائيل، وإن سلاحه ليس المقصود منه إثارة الاضطرابات بل حماية السلم الداخلي.

أعرب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام عن استغرابه من تصريحات باراك التي تُشكك في مصداقية الحكومة ودور الجيش. وأكد عزم الحكومة على تنفيذ بيانها الوزاري، لا سيما فيما يتعلق بالإصلاحات وتوسيع سلطة الدولة وضبط السلاح.

وأعرب سلام عن ثقته بقدرة الجيش اللبناني على حماية السيادة وتنفيذ المهام الموكلة إليه، بما في ذلك الخطة التي قدمها إلى مجلس الوزراء في وقت سابق من الشهر الجاري.

ودعا سلام المجتمع الدولي إلى زيادة دعمه للجيش اللبناني والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة ووقف انتهاكاتها تنفيذا لإعلان وقف الأعمال العدائية في تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

في الخامس من أغسطس/آب، قررت الحكومة اللبنانية حصر حيازة الأسلحة، بما في ذلك من قبل حزب الله، بيد الدولة، وأصدرت تعليماتها للجيش بوضع خطة لتنفيذ هذا القرار خلال شهر واحد وقبل نهاية عام 2025. إلا أن حزب الله وحركة أمل واجها مقاومة لهذا القرار.

وأكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم مراراً أن الحزب لن يسلم سلاحه حتى انسحاب إسرائيل من لبنان ووقف عدوانها عليه وإطلاق سراح الأسرى والبدء بإعادة الإعمار.

وفي الخامس من سبتمبر/أيلول، وافقت الحكومة اللبنانية على خطة الجيش لحصر ضبط الأسلحة بيد الدولة، لكنها قررت إبقاء مضمونها واعتباراتها سرية.

التصعيد الإسرائيلي

واعتبر الصحافي والمحلل السياسي اللبناني يوسف دياب تصريحات باراك مؤشرا على التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، وحذر من “تداعيات خطيرة” قد تشهدها البلاد في الفترة المقبلة.

وقال دياب لوكالة الأناضول إن “الإدارة الأميركية تتبنى بشكل واضح مسار نتنياهو التصعيدي، وخاصة تجاه ما يسمى محور إيران”. وأشار إلى أن نتنياهو كان قد صرح في وقت سابق بأن العام المقبل سيكون “عام القضاء على هذا المحور”.

وأضاف: “الوضع في لبنان مقلق وكل المؤشرات تشير إلى أن البلاد تدخل مرحلة تصعيد خاصة في ظل احتمال توجيه إسرائيل عملياتها نحو الجبهة اللبنانية”.

وأكد أن “لبنان يعيش مرحلة خطيرة من الترقب”، مشيرا إلى أن “إسرائيل لم تعد تميز بين الأهداف المدنية والعسكرية، والدليل على ذلك أن الهجوم الأخير أدى إلى مقتل عائلة لبنانية بأكملها”.

قالت وزارة الصحة اللبنانية في بيان يوم الأحد إن “هجوم طائرة مسيرة للعدو الإسرائيلي على قضاء بنت جبيل أدى إلى ارتفاع حصيلة القتلى إلى خمسة بينهم ثلاثة أطفال وجريحين”.

وحذر دياب من أن “المرحلة المقبلة قد تكون من أصعب المراحل التي يمر بها لبنان، مع إمكانية حدوث تصعيد كبير في شهري سبتمبر وأكتوبر، كما حدث في العام 2024”.

وشدد على أن تحركات حزب الله في ذكرى اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين يجب أن تكون موضع مراقبة، “مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل قد ترغب في توجيه ضربة استباقية في هذا الوقت لمنع الحزب من أخذ زمام المبادرة أو تعزيز حضوره على الساحة الوطنية والدولية”.

اغتالت إسرائيل نصر الله في سلسلة من الهجمات العنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر/أيلول 2024. واغتيل صفي الدين في سلسلة من الهجمات اللاحقة في 3 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام.

البيانات المرفوضة

وانتقد الخبير العسكري اللبناني هشام جابر تصريحات باراك، معتبرا أنها تحمل تهديدات مباشرة للبنان وتعبر عن موقف “دولة عظمى تنسى حدود مسؤولياتها”، على حد تعبيره.

في تصريح لوكالة الأناضول، قال جابر: “يبدو أن باراك نسي أنه يمثل قوة عظمى كالولايات المتحدة. فهو يواصل توجيه تهديدات يومية للبنان، وفي الوقت نفسه يرسل رسائل تهديد لإسرائيل”. ووصف تل أبيب بأنها “ثور جامح لا يعرف حدودًا ولا خطوطًا حمراء”.

وأضاف أن تصريحات باراك حول “فشل الحكومة اللبنانية” غير مقبولة لا رسميا ولا علنيا، وقال إنه “ليس من حقه الحد من دور الجيش اللبناني أو دفعه إلى صدام مع المقاومة (حزب الله)”.

خطة واسعة النطاق

وفي هذا السياق، يرى جابر أن هناك احتمالاً لتوسع الحرب الإسرائيلية على لبنان، لأن «المنطقة عالقة في حلقة مفرغة بسبب العدوان الإسرائيلي اليومي المتواصل».

وأشار إلى أن “المجزرة الأخيرة في مدينة بنت جبيل الجنوبية، والتي أثارت إدانة دولية، كانت مدفوعة بشكل متعمد بسياسة الترهيب”.

وتابع: “تزعم إسرائيل امتلاكها قدرات استخباراتية متطورة عبر الأقمار الصناعية والوحدة 8200 (وحدة استخبارات إلكترونية). فكيف ترتكب مجزرة بحق عائلة بأكملها؟ هذا ليس جهلاً استخباراتياً، بل عمل حربي وإرهاب منظم”.

وحول السيناريوهات العسكرية المستقبلية، أشار إلى “احتمال توسع العدوان الإسرائيلي وتصعيد وتيرته من خلال هجوم بري إسرائيلي محتمل من الأراضي السورية باتجاه البقاع الأوسط، بهدف فصل شمال البقاع عن البقاعين الأوسط والجنوبي، ومحاولة خلق واقع جديد على الأرض”.

ولكنه أضاف: “إن تنفيذ هذه الخطة سيكون أكثر تكلفة بالنسبة لإسرائيل من الهجوم على جنوب لبنان”.

وحذر من “تأجيج التوترات على الحدود السورية اللبنانية، وخاصة في منطقة البقاع الشمالي، حيث وقعت في السابق اشتباكات بين حزب الله والجيش السوري”.

وختم قائلاً: “قد يتكرر دور المقاومة جنوب الليطاني، كما كان قبل عام 2000. وهذا قد يؤدي إلى تصعيد عسكري غير متوقع، وربما حتى إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من باطن الأرض، في سيناريو لا يمكن التنبؤ بنتائجه”.

في أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدواناً على لبنان، والذي تصاعد إلى حرب شاملة في سبتمبر/أيلول 2024، مما أسفر عن مقتل أكثر من 4000 شخص وإصابة نحو 17 ألف آخرين.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه بين حزب الله وإسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، فإن إسرائيل انتهكت الاتفاق أكثر من 4500 مرة، ما أسفر عن مقتل 276 شخصا على الأقل وإصابة 613 آخرين، بحسب أرقام رسمية.

وفي انتهاك للاتفاق، تحتل إسرائيل، من بين أراضٍ أخرى احتلتها لعقود من الزمن، خمسة تلال لبنانية احتلتها في الحرب الأخيرة.


شارك