حسين فهمي: القاهرة السينمائي مهرجان عجوز.. والسينما المصرية أصبحت تجارية

مهرجان القاهرة السينمائي موجود منذ 46 عامًا ونحن نحاول تقديمه بروح شبابية وجذابة. تغطي الدولة 50% من الميزانية ورفضت عرض رعاية بقيمة مليون دولار لأسباب وطنية. أصبحت السينما المصرية تجارية أكثر من اللازم، ولذلك من الصعب اختيار فيلم يمثل السينما المصرية كل عام. قيمة المهرجان تكمن في الحضور الشخصي، لا في منصات التواصل الاجتماعي. لن نطارد المؤثرين. عندما أسافر للخارج يجب أن أستقل أفضل طائرة وأفضل سيارة وأقيم في أفخم فندق لأنني أمثل بلدي والمهرجان والفنانين المصريين. – الاختلافات الثقافية هي السبب وراء اهتمام الجمهور في دول الخليج بالجونة أكثر وأولئك في شمال أفريقيا أكثر اهتماما بالقاهرة. في الجلسة القادمة سنعرض 22 فيلمًا تم ترميمها من كلاسيكيات عالم السينما المصرية. لقد جعلنا تكريم محمد عبد العزيز وخالد النبوي نصب أعيننا. سنعلن عن جميع التفاصيل في ١٢ أكتوبر. محمد طارق: نعمل مع المهرجانات العربية لتغيير ثقافة العروض الحصرية للأفلام العربية. وستظهر نتائج هذا التعاون خلال الفترة المقبلة.
في جلسة نقاشية ثرية، أمس، التقى الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بممثلي الصحف المصرية في أحد فنادق القاهرة، للاستماع إلى تعليقاتهم وانتقاداتهم ومقترحاتهم. ووعد بأخذ معظمها في الاعتبار عند التحضير للدورة السادسة والأربعين، المقرر إقامتها في الفترة من ١٢ إلى ٢١ نوفمبر/تشرين الثاني.
بدأت الجلسة، التي استمرت ساعتين، بحضور حسين فهمي وفريق المهرجان، الذي ضمّ الناقد محمد طارق، والمدير الفني محمد نبيل، والناقد محمد سيد عبد الرحيم. استمعوا إلى تعليقات النقاد والصحفيين، وأشادوا بها. ثم فتح فهمي باب النقاش لأسئلة مفتوحة وموضوعية، وأجاب عليها بكل صراحة وجرأة.
تضمن السؤال الأول توجيه اتهامات واتهامات بالتقصير من إدارة المهرجان، حيث ذهب أحد الرعاة إلى مهرجان الجونة السينمائي بمبلغ ضخم، قدّره السائل بمليون ونصف مليون دولار، في حين أن هؤلاء الرعاة لا يأتون إلى القاهرة. وأكد حسين فهمي أن القاهرة مهرجان وطني، وأن هناك اعتبارات عديدة تحكم قبول أو رفض الرعاة. وكشف أن المهرجان تلقى عرض رعاية بقيمة مليون دولار هذا العام، لكنه رفضه لأسباب وطنية.
وأضاف أن ما يميز مهرجان القاهرة هو توازنه، إذ تساهم الدولة، ممثلةً بوزارة الثقافة، بنسبة 50% من ميزانيته، بينما يأتي الباقي من جهات راعية خاصة. وأشار إلى أن المهرجان التزم العام الماضي بمقاطعة المهرجان دعمًا للقضية الفلسطينية، وركز على الجهات الراعية المصرية، وهو التزام سيستمر هذا العام.
وأوضح أن وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو أشاد بالجهود المبذولة في المهرجان، وأن الوزارة دعمت المهرجان واستجابت لرغباته، فهو على قناعة بأن مهرجان القاهرة هو أهم مهرجان تنظمه وزارة الثقافة.
في معرض مقارنته بمهرجان الجونة السينمائي، قال حسين فهمي إن الجونة مهرجانٌ ترفيهيٌّ للغاية، وإن الإدارة تبذل جهدًا كبيرًا ورائعًا. ووصف مهرجان القاهرة السينمائي بأنه مهرجانٌ “قديم”، عمره 46 عامًا، لكنه يسعى جاهدًا للحفاظ على روحه الشبابية، ويتمتع بنفس جاذبية المهرجانات الأخرى.
عندما سُئل عما إذا كان لديه تفسير لسبب انجذاب الجمهور في دول الخليج إلى مهرجان الجونة السينمائي عبر وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من القاهرة، بينما يهتم جمهور شمال أفريقيا بالقاهرة أكثر من الجونة، أجاب حسين فهمي بإيجاز، مؤكدًا أن ذلك يعود إلى الاختلافات الثقافية. ثم تناول نهج المهرجان تجاه وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن الاهتمام بها مهم، وكذلك المؤثرون، لكن المهرجان لا يلاحقهم ولن يلاحقهم، فقيمة مهرجان القاهرة السينمائي تكمن في موقعه، لا في وسائل التواصل الاجتماعي.
ردًا على انتقادات البعض بشأن رحلات رئيس المهرجان والمكتب الفني إلى المهرجانات الدولية الكبرى، والتي تُموّل من ميزانية المهرجان، والسؤال المتكرر حول ما إذا كانت هذه الرحلات من أموال دافعي الضرائب، صرّح الفنان حسين فهمي بأنه عندما يسافر إلى الخارج للمشاركة في مهرجان دولي كبير، فإنه يُمثّل بلده مصر ومهرجان القاهرة والفنانين المصريين. وأوضح أنه عندما يسافر إلى الخارج، يحرص على الإقامة في أفخم الفنادق، وليس الصغيرة أو المتوسطة. وأوضح أنه يقابل ضيوفًا دوليين مهمين، ومن غير اللائق القول بأن حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة، يقيم في فندق صغير، فهذا لا يعكس قيمة مصر والمهرجان والفنانين المصريين.
أكمل حديثه بإصرار: “يجب أن أستقل أفضل طائرة وأفضل سيارة وأقيم في أفضل فندق، فأنا في هذه الرحلات أمثل الشعب المصري، والجميع يراقبني”. وفي الوقت نفسه، كشف أنه سيدفع فرق درجة الإقامة وتذاكر الطيران من جيبه الخاص خلال الرحلة، ولن يُدرجه في ميزانية المهرجان، مؤكدًا أن فواتير ذلك متاحة.
وفي هذا الصدد، أوضح محمد طارق، المدير الفني للمهرجان، أن أربعة أعضاء فقط من إدارة مهرجان القاهرة السينمائي سافروا إلى مهرجان كان السينمائي الأخير، بينما سافر عشرة أعضاء من مهرجان الجونة السينمائي. وبالمقارنة مع المهرجانات على البحر الأحمر أو في الدوحة، كان وفدهم أكبر. وأشار إلى أن فريق مهرجان القاهرة السينمائي تولى جميع الأعمال في الجناح المصري في مهرجان كان السينمائي وكان ملتزمًا تمامًا مثل شركاء المهرجان في الجناح، وهم مهرجان الجونة السينمائي وهيئة السينما المصرية، على الرغم من الفارق الكبير في عدد وفود مهرجان القاهرة السينمائي مقارنة بالوفود الأخرى. وبالتالي، فإن الحديث عن إهدار المال العام في حالة السفر إلى مهرجان القاهرة السينمائي غير صحيح، حيث أن الفريق يراعي ضميره في المقام الأول. ومع ذلك، هناك شيء آخر قد لا يدركه البعض: هناك رقابة مالية على جميع نفقات ميزانية المهرجان، مما يمنح دافعي الضرائب ضمانًا بأن الميزانية تُنفق بشكل صحيح.
خلال الجلسة، ناقش محمد طارق أيضًا التغييرات في استراتيجية المهرجان للعروض الأولى للأفلام في العالم العربي وشمال إفريقيا. وأكد أنه عُقد اجتماع مع المهرجانات العربية في الجناح المصري بمهرجان كان السينمائي، وتمت مناقشة التعاون بين المهرجانات لتغيير ثقافة العرض الأول التي ينتهجها كل مهرجان، والتي تُقصي جمهور الدول الأخرى من عرض الفيلم. ومع ذلك، لا تناقض في عرض الفيلم في أكثر من دولة عربية، خاصة وأن كل مخرج وصانع أفلام عربي استثمر سبع سنوات من العمل الدؤوب في إنتاج فيلمه يستحق أن يُشاهده أكبر عدد ممكن من الجمهور العربي في أكثر من مهرجان كبير. وأشار إلى أن هذا التعاون بين المهرجانات العربية سيُظهر نتائج إيجابية في الفترة المقبلة.
فيما يتعلق بجوائز الدورة الـ46، أكد حسين فهمي الأخبار المتداولة حول تكريم المخرج محمد عبد العزيز بجائزة الهرم الذهبي التقديرية، والفنان خالد النبوي بجائزة فاتن حمامة للتميز. إلا أنه نفى نية تغيير هذه الجوائز، حيث تم اختيارها بثقة تامة. وأكد أن خالد النبوي ممثل بارع، أظهر التزامًا كبيرًا تجاه صناعة السينما، وشارك في أفلام بالخارج، وقدم مسرحية باللغة الإنجليزية في أمريكا.
خلال الجلسة، تحدث حسين فهمي أيضًا عن صعوبة اختيار فيلم لتمثيل السينما المصرية في مسابقات المهرجان. وأكد أن المشكلة الحالية تكمن في أن الأفلام المصرية أصبحت تجارية أكثر من اللازم، على عكس الماضي. لطالما اهتمت السينما المصرية بالجانب التجاري لضمان ربح للمنتجين يُمكّنهم من استمرار الإنتاج، مع الحفاظ على الجانب الفني. ومع هيمنة الجانب التجاري، تظهر مشاكل كل عام في اختيار الأفلام المصرية لمسابقات المهرجان. في الوقت نفسه، رفض فهمي الإعلان عما إذا كان المهرجان سيعرض فيلمًا مصريًا أم لا، مؤكدًا أنه سيتم الإعلان عن البرنامج الكامل للدورة السادسة والأربعين في مؤتمر صحفي يوم 12 أكتوبر.
قبل ختام المؤتمر الصحفي، أكد حسين فهمي على دور المهرجان في ترميم كلاسيكيات السينما المصرية، معلنًا أن المهرجان قد رمم بالفعل اثني عشر فيلمًا من التراث السينمائي المصري، والتي ستُعرض هذا العام، بالإضافة إلى الأفلام العشرة المرممة العام الماضي. وستضم دورة هذا العام 22 فيلمًا مصريًا مرممًا.