إعلان البندقية.. تفاصيل أول تحرك أوروبي جاد لدعم قيام الدولة الفلسطينية

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، اعتراف بلاده رسميا بدولة فلسطين، وذلك في افتتاح كلمته في مؤتمر حل الدولتين الذي ترأسته السعودية وفرنسا في نيويورك.
قال ماكرون من على منصة الأمم المتحدة: “حان وقت السلام. علينا أن نمهد الطريق للسلام. تُعلن فرنسا اليوم اعترافها بدولة فلسطينية”.
وجاء القرار الفرنسي بعد يوم واحد من إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اعتراف بلاده بالدولة الفلسطينية، وهي الخطوة التي قال إنها تهدف إلى “إبقاء الأمل في السلام وحل الدولتين حيا”.
إن الاعتراف بفلسطين من قبل قوتين أوروبيتين كبيرتين يفتح الباب أمام موجة أوسع من الاعتراف الدولي وينعش عملية حل الدولتين بعد سنوات من الركود.
تُذكرنا هذه الخطوة بمؤتمر أوروبي آخر عُقد قبل 45 عامًا في مدينة البندقية الإيطالية عام 1980. في ذلك الوقت، اجتمع رؤساء الدول والحكومات ووزراء خارجية المجموعة الأوروبية التي كانت تضم آنذاك تسع دول، ونشروا ما عُرف بـ”إعلان البندقية”.
وقد مثل هذا الإعلان أول موقف أوروبي مشترك يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ويدعو إلى إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في جميع مفاوضات السلام، ويؤكد على عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية، ويرفض أي تغيير أحادي الجانب في وضع القدس.
-ماذا حدث في البندقية؟
وفي يونيو/حزيران 1980، أجرى رؤساء الدول والحكومات ووزراء خارجية بلدان الجماعة الأوروبية تبادلاً شاملاً للآراء بشأن كافة جوانب الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك حالة المفاوضات التي أعقبت الاتفاقيات الموقعة بين مصر وإسرائيل في مارس/آذار 1979.
واتفقا على أن التوترات المتصاعدة في المنطقة تشكل تهديدا خطيرا وتجعل الحل الشامل للصراع العربي الإسرائيلي أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، بحسب الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية.
ورأت الدول الأعضاء التسع في الجماعة الأوروبية أن لأوروبا دوراً خاصاً تلعبه في الشرق الأوسط بسبب روابطها التقليدية ومصالحها المشتركة، ودعتها إلى العمل بشكل أكثر عملية من أجل تحقيق السلام.
– المطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة
واستندت هذه الدول في مواقفها إلى قراري مجلس الأمن 242 و338، فضلاً عن المواقف التي حددتها في مناسبات سابقة، وخاصة في البيانات الصادرة في 29 حزيران/يونيه 1977، و10 أيلول/سبتمبر 1970، و26 آذار/مارس، و18 حزيران/يونيه 1979، وفي الخطاب الذي ألقاه نيابة عنها وزير الخارجية الأيرلندي في الدورة الرابعة والثلاثين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 أيلول/سبتمبر 1979.
وعلى هذا الأساس، أعلنوا أن الوقت قد حان لتعزيز الاعتراف بمبدأين أساسيين يدعمهما المجتمع الدولي وتنفيذهما:
1. حق كافة دول المنطقة، بما فيها إسرائيل، في الوجود والأمن.
2. العدالة لجميع الشعوب، بما في ذلك الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
أكدوا مجدداً على حق جميع دول المنطقة في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها ومضمونة. واعتبروا أن الضمانات اللازمة للحل السلمي ينبغي أن تُقدم من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعند الاقتضاء، على أساس إجراءات أخرى متفق عليها. وأعلنوا استعدادهم للمشاركة في نظام ضمانات دولية ملموسة وملزمة، بما في ذلك ضمانات ميدانية، كجزء من حل شامل.
وأكدوا على ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، التي لا تقتصر على قضية اللاجئين فحسب. ويجب تمكين الشعب الفلسطيني، إدراكًا منه لوجوده كوحدة، من ممارسة حقه الكامل في تقرير المصير من خلال عملية مناسبة في إطار حل شامل.
وأعربوا عن اقتناعهم بأن تحقيق هذه الأهداف يتطلب مشاركة ودعم جميع الأطراف المشاركة في الحل السلمي الذي يسعون إليه.
وأكدوا أن هذه المبادئ تنطبق على جميع الأطراف، بما في ذلك الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي يجب أن تشارك في المفاوضات.
– القدس
كما أقروا بالأهمية الخاصة التي تشكلها قضية القدس بالنسبة لجميع الأطراف.
وأكدوا أنهم لن يقبلوا بأي مبادرة أحادية الجانب لتغيير وضع المدينة، وأن أي اتفاق في هذا الشأن يجب أن يضمن حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة للجميع.
وأعربوا عن اعتقادهم بأن إسرائيل يجب أن تنهي الاحتلال، وأعربوا عن قناعتهم العميقة بأن المستوطنات الإسرائيلية تشكل عقبة خطيرة أمام عملية السلام في الشرق الأوسط، واعتبروا هذه المستوطنات، وكذلك التغييرات في السكان والممتلكات في الأراضي العربية المحتلة، مخالفة للقانون الدولي.