الاعتراف بدولة فلسطين.. أبرز ردود الفعل الإسرائيلية والفلسطينية

منذ 3 ساعات
الاعتراف بدولة فلسطين.. أبرز ردود الفعل الإسرائيلية والفلسطينية

أثار قرار عدد من الدول الغربية الاعتراف بالدولة الفلسطينية موجة من ردود الفعل المتباينة بين السياسيين والشعب على حد سواء.

وفي حين رأى المسؤولون الفلسطينيون أن هذه الخطوة قانونية وسياسية مهمة ينبغي استغلالها بخطة واضحة، وصفها محللون إسرائيليون بأنها خطوة “خاطئة” تهدد أمن إسرائيل وتشجع التطرف.

أعرب معظم الإسرائيليين عن غضبهم من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبرين إياه “مكافأة لحماس”. حتى أن بعضهم دعا إلى إنهاء الحرب أولاً لإطلاق سراح الأسرى. في حين اتخذ آخرون موقفًا أكثر تشددًا، رافضين أي اتفاق مع الفلسطينيين.

“الاعتراف يعزز الإرهاب”

صرح الدكتور دان ديكر، مدير مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية، لبي بي سي بأن اعتراف بعض الدول الغربية بالدولة الفلسطينية “غير صحيح سياسيًا ولا قيمة قانونية له”. وجادل بأنه لا يُسهم في السلام، بل “يُغذي الإرهاب ويُفاقم هشاشة الاستقرار الإقليمي”.

يعتقد ديكر أن أحداث الأمم المتحدة “قد تُعرّض حياة السجناء للخطر وتُشجّع الجماعات المتطرفة في الغرب، وخاصةً في بريطانيا”. وأضاف أن لدى إسرائيل خيارات عدة للرد، منها تطبيق قوانينها في غور الأردن وعلى تلال الضفة الغربية المطلة على مطار بن غوريون، حسب الضرورة لحماية السكان الإسرائيليين.

ويشير ديكر إلى أن إنشاء دولة فلسطينية ثانية بعد “دولة غزة”، كما يصفها، من شأنه أن يشكل تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل، لأنها قد تهاجم الطائرات التي تصل إلى مطار بن جوريون وهي تحمل صواريخ باليستية أو أسلحة حديثة.

ولذلك تطالب إسرائيل بالحفاظ على السيطرة على غور الأردن وممارسة السيادة على الضفة الغربية كإجراء مضاد لتصرفات بريطانيا وكندا وأستراليا وبلجيكا والبرتغال وفرنسا ودول أخرى.

وأكد أيضاً أن إسرائيل لديها خيارات دبلوماسية، مثل استدعاء السفراء من الدول التي أيدت القرار أو حتى إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس.

ولكنه أكد أن الهدف الأساسي لإسرائيل يظل “حماية بقائها في مواجهة التهديدات العديدة التي تواجهها على جبهات متعددة”.

“التطبيع يبقى مؤجلاً”

صوورة 1_2

ويضيف ديكر أن تطبيع العلاقات مع السعودية ودول الخليج سيؤجل إلى أن تضمن إسرائيل أمنها وبقائها، رغم تقديره الكبير لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورؤيته. وهو مقتنع بأن الأمن القومي يسبق كل الخطوات السياسية والاقتصادية.

وفيما يتعلق بالوضع في الضفة الغربية، يعتقد ديكر أن السلطة الفلسطينية فشلت في الحفاظ على السيطرة على المنطقتين (أ) و(ب)، حيث تعيش غالبية الفلسطينيين، وخسرت أمام ما يسميه “الميليشيات المدعومة من إيران”.

يقول إن إسرائيل تعمل على تفكيك هذه الجماعات المسلحة وضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. ويزعم أن العديد من سكان الضفة الغربية يرغبون الآن في مستقبل أكثر استقرارًا، بل إن بعضهم يفضل قبول الجنسية الإسرائيلية.

ويخلص ديكر إلى أن الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الدول الغربية كان “تجاهل أصوات الفلسطينيين أنفسهم، الذين يطالبون بقيادة جديدة خالية من الفساد وقادرة على احترام حقوقهم وتأمين أراضيهم”.

وهو مقتنع بأن الحل يكمن في “الاستماع إلى أصوات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، لا إلى الحسابات السياسية للغرب”. ويؤكد أن هذا وحده كفيلٌ بفهم أعمق لأهمية الديمقراطية في المنطقة.

“الحاجة إلى ترجمة الاعتراف إلى حقائق سياسية”

وقال فضل طهبوب عضو المجلس الوطني الفلسطيني في القدس لبي بي سي إن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية يمثل موقفا قانونيا مهما، فهو يؤكد الحق الفلسطيني في إقامة الدولة، بغض النظر عن الجدوى العملية لهذا الإجراء في الوقت الحاضر.

ويضيف طهبوب: “يجب أن يترجم هذا الاعتراف الرسمي إلى حقائق سياسية وعملية قابلة للتنفيذ، وليس مجرد تصريحات شكلية تبقى غير فعالة”.

وفي تصريحه، أوضح طهبوب أن الواقع على الأرض لا يؤيد إقامة الدولة فوراً، حيث استولت إسرائيل على مساحات شاسعة من الأرض، ومزقت النسيج الجغرافي والسياسي للضفة الغربية والقدس، وتسيطر بحكم الأمر الواقع على الأراضي المحتلة.

يعتقد طهبوب أن التحرك نحو الاعتراف يجب أن يقترن باستراتيجية فلسطينية واضحة. يشمل ذلك إعلان دولة ضمن حدود عام ١٩٦٧ – دولة تحت الاحتلال – ثم إطلاق حملة قانونية ودبلوماسية واسعة للمطالبة، بكل الوسائل، بإنهاء هذا الاحتلال وتحقيق استقلال الدولة عن المجتمع الدولي والعربي.

يُشير طهبوب إلى صعوبة تطبيق قرارات المجتمع الدولي على أرض الواقع. ويُجادل بأن إسرائيل لا تلتزم بقواعد المجتمع الدولي بنفس السهولة. لذا، فإن مجرد الاعتراف الدولي لا يكفي إن لم يُتبع بخطوات عملية لخلق واقع جديد.

ويدعو إلى خلق “واقع سياسي وقانوني جديد”: الاعتراف الدولي الرسمي بدولة فلسطينية ذات حدود معترف بها دوليا، وأن يرتبط هذا الاعتراف بمطالب واضحة بإنهاء الاحتلال وفقا للقانون الدولي، على حد تعبيره.

من أبرز مطالب طهبوب توحيد الصف الفلسطيني وصياغة استراتيجية وطنية موحدة تُعرض على العالم، وتُبرز موقفًا فلسطينيًا موحدًا. كما يجب بذل جهود دبلوماسية عربية ودولية، ومواصلة النضال القانوني والسياسي لتحقيق ثمار هذا الاعتراف.

وحذر أيضا من أن الاعتراف سيبقى مجرد شعارات فارغة إذا لم يترجم إلى إجراءات ملموسة تنفذها المنظمات الدولية والدول المعترفة.

وخلص طهبوب إلى أن الطريق إلى دولة فلسطينية معترف بها دوليًا لن يكون فوريًا، بل يتطلب وقتًا طويلًا وجهودًا داخلية وخارجية مكثفة، وتنسيقًا فلسطينيًا داخليًا لضمان موقف واضح وقوي تجاه المجتمع الدولي. وبدون هذا التنسيق، لن يكون للاعتراف أي فائدة عملية حقيقية.

الشارع الإسرائيلي: بين دعم حل الدولتين والتطرف

صوورة 2_3

تتجلى في الشارع الإسرائيلي تبايناتٌ في وجهات النظر حول مستقبل الصراع. يعتقد بعض المواطنين أن حل الدولتين كفيلٌ بضمان الأمن والسلام، شريطة حماية إسرائيل من أي تهديد وجودي.

وأكد آخرون أن الحرب والقتل يجب أن تنتهي قبل أن يكون هناك أي مسار سياسي.

وفي المقابل، اتخذت الأصوات المتطرفة مواقف ترفض وجود الفلسطينيين رفضاً قاطعاً، بل وذهبت إلى حد الدعوة إلى “إبادتهم”.

يعكس هذا التباين مستوى القلق في المجتمع الإسرائيلي، الذي يعتبر إطلاق سراح الرهائن أولوية قصوى. وينطبق هذا بشكل خاص على عائلات الرهائن، الذين يخشون أن تؤدي العملية العسكرية البرية الجارية في غزة إلى مقتل رهائن إسرائيليين.

ورغم هذه الأصوات المتعارضة، فإن استمرار الصراع يظل معتمداً على قدرة الأطراف على الاستفادة من الاعتراف الدولي لصياغة حلول عملية توفق بين الأمن والحقوق وتحد من التصعيد.


شارك