هل يواصل الجنيه تماسكه أمام الدولار وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية بالمنطقة؟

منذ 2 ساعات
هل يواصل الجنيه تماسكه أمام الدولار وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية بالمنطقة؟

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، وصل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار إلى أعلى مستوى له في عام، بدعم من زيادة تدفقات النقد الأجنبي من السياحة، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، والأموال الساخنة.

الجنيه المصري أكثر قدرة على الصمود رغم التوترات.

أكد الخبير المصرفي محمد عبد العال، أن سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري سيظل مستقرا رغم التوترات الإقليمية، مؤكدا أن العملة المحلية لم تعد تتأثر بالأحداث الجارية بقوة كما في الماضي.

وأوضح أن السياسة النقدية الحالية متوازنة وتراعي كافة التطورات الجيوسياسية من خلال سيناريوهات استباقية يضعها البنك المركزي بالتنسيق مع وزارة المالية والبنوك.

وأضاف عبد العال أن الجنيه المصري استعاد قوته ومتانته، مدعومًا بعوامل داعمة، أبرزها تحويلات المصريين بالخارج التي بلغت رقمًا قياسيًا بلغ 36.5 مليار دولار، وزيادة الصادرات، وتدفقات قوية للاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، والتي قاربت 8.5 مليار دولار خلال شهر واحد.

وساهم ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي إلى نحو 49 مليار دولار، وهو ما يكفي لتغطية التزامات الحكومة لمدة تسعة أشهر، وقوة الأصول الأجنبية الصافية لدى البنك المركزي والبنوك التجارية، والتي بلغت 18.5 مليار دولار بنهاية يوليو/تموز، فضلاً عن اتساع الفارق في العائد الحقيقي لصالح الجنيه عقب خفض سعر الفائدة أمام الدولار، في تعزيز العملة المحلية.

وأوضح أن البنك المركزي لا يتدخل ماليًا في سوق الصرف الأجنبي، بل يدعمه بعوامل نفسية، كخفض رسوم معالجة معاملات الاستيراد ورفع القيود على استخدام البطاقات في الخارج. وتزامن ذلك مع انخفاض معدلات التضخم وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي.

أكد عبد العال أن سعر الصرف يخضع لآلية مرنة تخضع لقوى العرض والطلب. وأشار إلى أن الجنيه أظهر صموده في أبريل الماضي عندما انخفض إلى 51.73 جنيهًا للجنيه تحت تأثير إعلانات التعريفات الجمركية الأمريكية، قبل أن يستعيد توازنه سريعًا مع تخفيف هذه السياسات.

وأشار إلى أن صانعي السياسات قد استفادوا من أزمة تدفقات الأموال الساخنة التي أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية، حين سُحب ما يقارب 22 مليار دولار خلال فترة وجيزة. ولذلك، تُدار هذه الأموال حاليًا بمرونة وتُستخدم لضمان السيولة اليومية مع الحفاظ على القدرة على السداد الفوري لتجنب أي صدمات سوقية محتملة.

نظراً للطبيعة الديناميكية للتدفقات النقدية والاستثمارات، لا يتوقع عبد العال وجود فجوة تمويلية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. كما يتوقع أن تُبقي لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقبل لتجنب الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع أسعار الوقود.

وفرة الدولار

من جانبها، أكدت سحر الدماطي نائب رئيس البنك الأهلي المصري السابق، أن توافر الدولار في السوق المصرية هو السمة الأبرز حاليا، وهو ما ينعكس على تراجعه أمام الجنيه.

يعود هذا النمو إلى التدفقات الاستثمارية الضخمة مؤخرًا، وتحسن أداء قطاعات رئيسية كالصادرات والسياحة. ومن المتوقع أن تشهد هذه القطاعات ازدهارًا ملحوظًا مع افتتاح المتحف المصري الكبير حال استقرار الأوضاع الجيوسياسية، بالإضافة إلى استمرار تحويلات المصريين بالخارج.

وأضاف الدماطي أن السياسة النقدية الأميركية ساهمت أيضاً، إذ أدت تخفيضات أسعار الفائدة التي قام بها مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى إضعاف الدولار عالمياً وتشجيع صناديق الاستثمار على العودة إلى مصر والأسواق الناشئة.

وعن توقعات سعر الصرف، أكد الدماطي أن التحليلات تشير إلى أن الجنيه مقوم بأقل من قيمته الحقيقية، وهو ما يدعم فرص تحسنه خلال الفترة المقبلة.

أوضحت أن المؤسسات الدولية تُقدم توقعات مختلفة لسعر صرف الدولار بنهاية العام. بعضها يتراوح بين 44.5 و45 جنيهًا، والبعض الآخر بين 47 و47 جنيهًا. إلا أنها توقعت أن يبلغ سعر الصرف حوالي 47 جنيهًا للدولار بنهاية العام في حال استمرار الوضع الراهن وعدم حدوث تصعيد جيوسياسي.

وأكدت أن كل هذه التوقعات الإيجابية تتوقف على عدم حدوث تطورات جيوسياسية مفاجئة، لأن حدوثها سيكون كافيا لتغيير كافة الحسابات الاقتصادية والمالية.


شارك