الاعترافات الدولية بـ فلسطين تجدد الحديث عن حل الدولتين.. فما هو؟

منذ 4 ساعات
الاعترافات الدولية بـ فلسطين تجدد الحديث عن حل الدولتين.. فما هو؟

عاد مصطلح “حل الدولتين” إلى واجهة النقاش السياسي والإعلامي عقب التطورات الأخيرة في القضية الفلسطينية. أعلنت بريطانيا العظمى اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوةٍ وُصفت بالتاريخية. تنضم هذه الخطوة إلى موجةٍ متنامية من الأصوات الأوروبية الداعية للاعتراف، رغم الاعتراضات والتحذيرات الإسرائيلية.

بينما تشير التقارير الإعلامية إلى أن دولًا أخرى تستعد لاتخاذ الخطوة نفسها، يُطرح سؤال جوهري: ما المقصود بحل الدولتين؟ وما هي فرص تحقيقه في ظل الظروف الراهنة؟

*ما هو حل الدولتين؟

حل الدولتين هو رؤية سياسية تقوم على إنشاء دولتين مستقلتين تتعايشان جنبًا إلى جنب. تقع دولة فلسطين على الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها الوحيدة القدس الشرقية. أما الأراضي الفلسطينية المتبقية، فتُصبح دولة إسرائيل.

تعود جذور هذا المفهوم إلى عام ١٩٤٧، عندما اقترحت الأمم المتحدة خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين، إحداهما يهودية والأخرى عربية، مع وضع القدس تحت إدارة دولية. إلا أن العرب رفضوا الخطة آنذاك.

بعد حرب 1967، أصبح مطلب إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود ما قبل الحرب المطلب الأكثر انتشاراً، وخاصة بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي دعا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة مقابل السلام.

إلا أن التحول الأبرز نحو هذا الحل حدث في تسعينيات القرن الماضي مع توقيع اتفاقيات أوسلو عام ١٩٩٣ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. نصّت هذه الاتفاقية على الاعتراف المتبادل، وأنشأت إطارًا انتقاليًا لإقامة دولة فلسطينية في نهاية عملية التفاوض. ومنذ ذلك الحين، أصبح حل الدولتين حجر الزاوية في معظم المبادرات الدولية لإنهاء الصراع.

* ما هي حدود عام ١٩٦٧؟ ماذا يعني الخط الأخضر؟

حدود عام ١٩٦٧ هي الخطوط الفاصلة بين إسرائيل والدول العربية قبل اندلاع حرب يونيو/حزيران ١٩٦٧. وتُعرف أيضًا باسم “الخط الأخضر”، وهو اسم أُطلق عليها لأنها رُسمت على الخرائط كخط أخضر بعد اتفاقيات الهدنة لعام ١٩٤٩ التي أنهت حرب ١٩٤٨.

كانت الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، تحت الإدارة الأردنية، بينما كان قطاع غزة تحت الإدارة المصرية، إلى أن سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وسيناء بعد حرب عام ١٩٦٧. وبدأ المجتمع الدولي يعتبر هذه المناطق “أراضي محتلة”.

عندما نتحدث عن “إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود عام ١٩٦٧”، فإننا نعني انسحاب إسرائيل عبر تلك الحدود ورفضها احتلال أو ضم أي أراضٍ أخرى. وهذا من شأنه أن يُمكّن من إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشرقية. تُعدّ هذه الحدود الآن المرجع الرئيسي لمعظم خطط السلام الدولية.

* عدم التزام إسرائيل بحل الدولتين

ورغم أن الفلسطينيين ومعظم الدول العربية يعتبرون الأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط أرضاً فلسطينية خالصة، فإن “حل الدولتين” يُطرح كخيار تسوية لإنهاء الصراع.

ولكن حتى هذا الاقتراح لم يلق التزاماً حقيقياً من الجانب الإسرائيلي، إذ وضعت السياسة الإسرائيلية عقبات كبيرة في طريق تنفيذه، وعلى وجه الخصوص:

1. التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية

لقد قامت إسرائيل ببناء مئات المستوطنات في الضفة الغربية، مما أدى إلى تجزئة الأراضي الفلسطينية وجعل فكرة الدولة المتصلة مستحيلة تقريبا.

وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 500 ألف مستوطن يهودي يعيشون في الضفة الغربية، بالإضافة إلى حوالي 200 ألف مستوطن في القدس الشرقية.

2. جدار الفصل العنصري

قامت إسرائيل ببناء جدار فاصل يحيط بأجزاء كبيرة من الضفة الغربية داخل حدودها.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن الجدار يعزل نحو 9.4% من الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك أجزاء من القدس الشرقية.

وأدى الجدار إلى مصادرة نحو 10% من أراضي الضفة الغربية.

وبحسب تقرير إسرائيلي نشر في يوليو/تموز الماضي، فإن عدد البؤر الاستيطانية غير القانونية ارتفع بنسبة 40% – من 128 إلى 178 – في عهد حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.

3. رفض حق العودة والقدس العاصمة الموحدة

– ترفض الحكومات الإسرائيلية الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.

– يصر على اعتبار القدس العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل.

في عام 1980، أقر الكنيست الإسرائيلي “قانون القدس” الذي نص على أن المدينة “الموحدة” هي العاصمة الأبدية لإسرائيل، على الرغم من معارضة المجتمع الدولي لضم القدس الشرقية.

وبالإضافة إلى ذلك، تواصل الحكومات الإسرائيلية توسيع المستوطنات في القدس الشرقية بهدف تغيير التركيبة الديموغرافية للمدينة ومنع القدس الشرقية من أن تصبح عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.

* اعتراف الولايات المتحدة بالقدس يزيد من التعقيد

وأصبح الوضع أكثر تعقيدا بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2017 ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك في مايو/أيار 2018. وقد شجعت هذه الخطوة إسرائيل على مواصلة سياسة خلق الأمر الواقع، وخاصة داخل المدينة المقدسة.

* نتنياهو يرد على الاعترافات: “لن تكون هناك دولة فلسطينية”.

في تصريحاته الأخيرة، علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على موجة الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين: “هذا لن يحدث. لن تكون هناك دولة فلسطينية”.

وأعلن أيضا عن خطط جديدة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، مما يشكل تحديا إضافيا لجميع الجهود الرامية إلى إحياء حل الدولتين.


شارك