عن معاناة النزوح وقسوته.. مهرجان ميدفست يعرض مجموعة من الأفلام بعنوان حدود

قدمت قاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، التي تستضيف برامج الأفلام في مهرجان ميدفيست مصر للأفلام القصيرة، أحدث برامجها السينمائية “الحدود”.
تضمن البرنامج خمسة أفلام: “لو أطير” من ألمانيا، و”السعودية ترحل” من مصر، و”شيء لأخبرك به” من فرنسا، و”ضائع” من مصر، و”عبور الليل” من النمسا. جميعها تتناول فكرة النزوح وقساوة هذه التجربة على النفس البشرية.
يصوّر كل فيلم تجربة نزوح أو سفر مختلفة، تُعبّر عن فقدان الأمان والعائلة والدفء والوطن. تختلف أسباب الرحلة من تجربة لأخرى، لكنها تشترك جميعها في الشعور بالعجز في مواجهة الموقف الصعب. يتخطى بعض أبطال الفيلم هذا الشعور الخيالي، كما في فيلم “لو كنت أستطيع الطيران”.
وبعد العروض أقيمت حلقة نقاشية بمشاركة الفنانة لينا شاماميان، والمخرج السوداني محمد العمدة، والاستشاري النفسي أحمد أبو الوفا، ومنتج المحتوى الطبي محمد الشوربجي، وساري العسيري، مسؤول التنسيق الإقليمي في المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية للهجرة.
ناقش الضيوف صعوبة الأفلام وتأثيرها العاطفي، وذكر كلٌّ منهم المشاهد التي أثّرت فيه أكثر من غيرها. واتفق معظمهم على أن مشهد سقوط الطفل من سيارة النازحين في الفيلم المصري “ضياع” ومشهد موت إحدى الشخصيات أثناء النزوح في الفيلم النمساوي “ليلة العبور” كانا الأكثر تأثيرًا فيهم.
قالت لينا شاماميان: “الفيلم النمساوي مؤلم ومحزن للغاية، لكن الحزن شيء جميل وقريب من قلبي. لقد أثر فيّ لأنني أعرف أناسًا من حولي مروا بالتجارب نفسها. هذه الأفلام التي تتناول الهجرة والفرار عبر الحدود تطرح دائمًا تساؤلات حول الظروف التي تُجبر الإنسان على اختزال حياته في حقيبة. لكن الفيلم الأخير كان مؤلمًا للغاية لأنه يضع الإنسان أمام قرار صعب: مسألة مدى إنسانيته وهل يستطيع التخلي عنها في المواقف الصعبة. شعرتُ بالظلم والعجز مع الأبطال.”
علق المخرج محمد العمدة قائلاً: “الواقع أسوأ من الأفلام. قد تُبكينا الأفلام لعشر دقائق، لكن الواقع أصعب بكثير، إذ يصعب تصوير مشاعر الإنسان على الشاشة في لحظات معدودة. ليس بالضرورة أن يكون الفيلم مليئًا بالدراما ليكون مؤثرًا؛ بل قد يكون خفيف الظل وفي الوقت نفسه يحمل قسوة بالغة”.
أعرب رئيس البلدية عن تحفظاته بشأن أسلوب بعض الأفلام، قائلاً: “أشعر بالغضب من النظرة الغربية للاجئين، وخاصةً القادمين من أفريقيا. ففي هذه الأفلام، يُنظر للأفارقة بازدراء دائمًا. لا ينبغي النظر إلى النازحين كوحدة واحدة؛ فهذه نظرية خاطئة. تتنوع أسباب النزوح، لذا ينبغي أن تكون السياقات التي تُعالج فيها هذه الأسباب متنوعة أيضًا”.
قال استشاري الطب النفسي أحمد أبو الوفا: “الحزن أم المشاعر. فكما تحزن على مآسي الآخرين، عليك أن تحزن على مآسيك. عليك أن تتطور وتهتم بنومك وصحتك لتتمكن من مساعدة من تلتقي بهم. أحيانًا يمكنك إنقاذ العالم بمساهمتك البسيطة، ويجب ألا نسمح لأنفسنا بفقدان قدرتنا على التعاطف”.
يذكر أن مهرجان ميدفيست افتتح يوم الأربعاء 17 سبتمبر بحضور عدد من صناع السينما منهم أمير رمسيس ويسرا اللوزي وأمينة خليل التي تم تكريمها في حفل الافتتاح، بالإضافة إلى الأطباء النفسيين الدكتورة منى الرخاوي والدكتور نبيل القط.
انطلق مهرجان ميدفيست مصر عام ٢٠١٧ كحدث سنوي يجمع صناع الأفلام والأطباء وعلماء النفس والجمهور لتجربة فريدة. يربط المهرجان بين الفن والصحة من خلال عروض أفلام من مصر وحول العالم، بالإضافة إلى حلقات نقاش وورش عمل. ويهدف إلى تسليط الضوء على دور السينما في تصوير التحديات الإنسانية وخلق مساحة للتفاهم الاجتماعي.