آخرها استهداف منزل مدير مجمع الشفاء.. انتقام إسرائيلي من عائلات الصحفيين والأطباء في غزة
أعرب مدير مجمع الشفاء الطبي، الدكتور محمد أبو سلمية، صباح اليوم عن صدمته واستشهاد شقيقه وعدد من أبنائه جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلته في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة. يأتي هذا القصف في إطار سياسة الاحتلال الانتقامية ضد كل عناصر الصمود ونشر الحقيقة في قطاع غزة، الذي يعاني منذ عامين من حرب مدمرة، أسفرت عن استشهاد أكثر من 65 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 166 آخرين.
تُذكّر هذه الجريمة البشعة بحوادث متكررة سعت فيها قوات الاحتلال للانتقام من الصحفيين والأطباء بقصف منازلهم وذبح عائلاتهم. وكان ذلك جزءًا من حرب نفسية لكسر شوكة المقاومة وتدمير مصادر رزق سكان قطاع غزة. وفيما يلي أبرز هذه الجرائم:
وائل الدحدوح: ينتقمون منا من خلال الأطفال.
منذ بداية الحرب، تميّز الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح بتقاريره الدقيقة عن القصف الإسرائيلي والمجازر العديدة التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال عدوانها المتواصل على قطاع غزة. ونقل حجم الدمار والاعتداءات السافرة على المدنيين العزل في قطاع غزة.
أثار هذا التقرير اللافت تعاطفًا عالميًا وأثار غضب قوات الاحتلال. في ساعات المساء الأولى من يوم الأربعاء، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هاجمت قوات الاحتلال منزلًا في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، حيث لجأت عائلة الدحدوح. قُتلت زوجة الصحفي الفلسطيني وابنه وابنته.
بثت الجزيرة على الهواء مباشرة مراسلها وائل الدحدوح، الذي بكى وهو يتأمل جثث أفراد عائلته في المستشفى. وفي فيديو آخر، ربت على جثمان ابنه قائلًا: “أنتم تنتقمون منا بأبنائنا، لا بأس. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
بعد أسابيع، اغتال أفراد الطاقم ابنه الأكبر، حمزة، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت صحفيين غرب خان يونس، جنوب غزة. قال الدحدوح آنذاك: “لا شيء أشد إيلامًا من فقدان دم المرء، وخاصةً دم ابنه الأكبر. كان حمزة رفيق دربي، وكل شيء بالنسبة لي”.
“إنهم ينتقمون منا بأطفالنا”. ودّع مراسل #الجزيرة، وائل الدحدوح، عائلته، التي تضم زوجته وابنه وابنته، بعد استشهادهم في قصف إسرائيلي لمنزل في مخيم النصيرات وسط غزة، حيث كانوا قد فروا. #أخبار #حرب_غزة pic.twitter.com/BiOmRCiZXz
– قناة الجزيرة (AJArabic) 25 أكتوبر 2023
آلاء النجار: طبيبة فلسطينية ألهمت العالم بصبرها.
كانت الدكتورة آلاء النجار تعمل في مجمع ناصر الطبي عندما تعرض منزلها في حي قيزان بخان يونس لغارة جوية في 23 مايو. أصيب تسعة من أطفالها بالحروق وأصبحوا في حالة دمار كامل.
وأثارت هذه الحادثة، التي أظهرت قمة الوحشية ضد الطواقم الطبية وعائلاتهم في قطاع غزة، صدمة لدى الرأي العام العالمي، خاصة في ظل الصمود والصبر الذي أظهره النجار بعد تلقيه الخبر.
وصفت شقيقتها، سحر النجار، اللحظات الأولى بعد الحادث المأساوي في تصريح لها على بودكاست “يوميات الشرق الأوسط”: “قلت لها مصدومةً: رحل الأطفال يا علاء. فأجابت بإيمان وخضوع: إنهم يعيشون مع ربهم في رعاية”.
المراسل مؤمن الشرفي: صواريخ الطاقم تتحرك بسرعة أكبر من قدرتها على الوفاء بوعد اللقاء.
أصيب المراسل مؤمن الشرفي بصدمة شديدة عندما تلقى نبأ استشهاد 21 فرداً من عائلته، قبيل لحظات من تقديمه تقريراً مباشراً حول آخر تطورات الحرب.
في 6 كانون الأول/ديسمبر 2023، أعرب الصحافي الفلسطيني عن حزنه عبر الإذاعة عندما أعلن استشهاد والديه وعدد من أشقائه وزوجاتهم وأطفالهم نتيجة قصف إسرائيلي بالبراميل المتفجرة خلف حفرة بعمق خمسة إلى ستة أمتار.
وأوضح أن والده، محمود، البالغ من العمر 87 عامًا، رفض رفضًا قاطعًا فكرة التهجير جنوبًا وتكرار تجربة نكبة 1948، حين طُرد من قرية حربية. كما رفضت والدته فكرة التهجير القسري والتهجير، مؤكدةً دائمًا أن التعليم سلاح الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وبصوت مرتجف، روى أن والدته أرسلت له قبل أيام رسالة صوتية عبر تطبيق واتساب، أعربت فيها عن شوقها إليه، داعية له بالسلامة وسلامة جميع زملائه الصحفيين.
وأشار إلى أنه وعدهم بلقائهم فور انتهاء الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة، إلا أن صواريخ الاحتلال كانت سريعة جداً بحيث لم تتمكن من الوفاء بهذا الوعد.
الصيدلي إياد شقورة: بأي ذنب قتلوا؟!
الدكتور إياد شقورة، الصيدلي الذي عمل في قسم الطوارئ خلال الحرب، اعتاد رؤية سيل من الجرحى والشهداء، لكنه فقد وعيه عندما وصلت جثث أطفاله وأمه وأقاربه إلى المستشفى.
أصيب شقورة بالصدمة عندما علم أن أفراد عائلته كانوا من بين ضحايا الغارة الجوية التي ضربت منزلاً في خان يونس، جنوب قطاع غزة، في 8 نوفمبر 2023.
وبدموع في عينيه، ألقى شقورة نظرة أخيرة على أحبائه، ملفوفين بالأكفان البيضاء، مستلقين على طاولة الجنازة في غرفة الطوارئ.
سأل الرجل متألمًا: “ما الذنب الذي ارتكبوه ليستحقوا إلقاء أطنان من القنابل والمتفجرات على رؤوسهم؟ الحمد لله. حالهم ليس أفضل من الأطفال الذين سبقوهم إلى الله”.
“الحمد لله…الحمد لله.” كان يؤدي واجبه. هكذا استقبل الطبيب الفلسطيني إياد شقورة جثامين أبنائه الشهداء الذين استشهدوا بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي لمنزلهم في خان يونس جنوب قطاع غزة. pic.twitter.com/Juue3E3xxs
— رضوان الأخرس (@rdooan) 6 نوفمبر 2023
– محمد قريقع ينعى وفاة والدته نعمة “التي هي في حاجة ماسة إليها”.
فقد الصحفي الفلسطيني الراحل محمد قريقع والدته المسنة، الستينية التي كانت تعاني من أمراض القلب والسكري، أثناء مداهمة مستشفى الشفاء. وبعد بحثٍ وموجة احتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي، عُثر على جثتها هامدة على جانب الطريق قرب المجمع الطبي.
محمد، الذي قُتل تقريبًا في نفس المكان الذي ودع فيه والدته، ظهر في مقطع فيديو مفجع في أوائل أبريل/نيسان 2024، وهو يبكي كطفل ويعلن أنه عثر على جثة والدته.
كان قريقع يتيما، وحيد أمه، التي استشهدت تحت الحصار والجوع والخوف خارج مستشفى الشفاء. بكى وهو يقف أمام جثمانها: “عرفتها في نومها، من أظافرها. أنا ابنها الوحيد، أمي المسكينة. نعمة امرأة بسيطة، فقتلوها”.
أنس الشريف: الله يرحمك يا بابا، أنا السبب.
بتاريخ 12/11/2023، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة الصحفي الشهيد أنس الشريف في مخيم جباليا، ما أدى إلى استشهاد والده بعد تهديد الشريف من قبل جيش الاحتلال.
وقال الشريف حينها إن طائرات الاحتلال هاجمت المنزل الذي يقطنه والده جمال (65 عاماً) في مخيم جباليا، ما أدى إلى استشهاده على الفور.
وقال في مقابلة تلفزيونية إنه اضطر لدفن والده في ساحة مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي كانت تؤوي النازحين.
بدا الصحفي الفلسطيني مصدومًا خلال جنازة والده، وطلب لقاءً أخيرًا معه. بكى وقال: “رحمك الله يا أبي، أنا المذنب”.