مصير الفائدة في مصر.. هل يتأثر بالموجة العالمية للخفض؟

منذ 1 ساعة
مصير الفائدة في مصر.. هل يتأثر بالموجة العالمية للخفض؟

يرى مصرفيون، أجرى ايجي برس مقابلات معهم، أن خفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لن يكون العامل الحاسم في اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في أكتوبر المقبل.

وأكدوا أن قرار البنك المركزي يعتمد بالدرجة الأولى على تطور معدلات التضخم المحلية، في حين يقتصر تأثير الاحتياطي الفيدرالي على دعم استقرار الجنيه وجاذبية أدوات الدين.

وفي اجتماعه أمس، خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة الرئيسية للمرة الأولى في عام 2025 بنسبة 0.25 بالمئة إلى 4 بالمئة و4.25 بالمئة على التوالي، بما يتماشى مع توقعات السوق رغم ارتفاع التضخم.

ويخطط البنك المركزي لعقد اجتماعه السادس لعام 2025 في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، بعد خفض أسعار الفائدة بنسبة 2% للمرة الثالثة في عام 2025 في اجتماعه الأخير، إلى 22% للودائع و23% للقروض.

مثير للإعجاب، ولكن

قال الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة رغم تأثيره على الاقتصاد المصري، إلا أنه ليس العامل الأساسي أو المباشر الذي تعتمد عليه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في قراراتها.

وأوضح أن قرار البنك المركزي سيعتمد بالأساس على تطور معدل التضخم الكلي والأساسي في مصر، كما سيراقب أيضا التطورات العالمية ومعدلات النمو والتوترات الجيوسياسية قبل الموافقة على أي تعديلات على أسعار الفائدة.

انخفض معدل التضخم في المناطق الحضرية في مصر للشهر الثالث على التوالي إلى 12% في أغسطس/آب، مقارنة بـ13.9% في يوليو/تموز.

وأكد عبد العال أن تأثير خفض سعر الفائدة الأميركية كان غير مباشر، إذ أدى انخفاض أسعار الفائدة على الدولار إلى تراجع التضخم الضمني عالمياً، وهو ما يعتبره البنك المركزي مؤشراً إيجابياً قد يساهم لاحقاً في خفض معدلات التضخم المحلية.

وأضاف أن أهم أثر محتمل للقرار هو تعزيز استقرار الجنيه المصري. فمع تحسن سعر صرف العملة المحلية، ستنخفض تكاليف الاستيراد، لاعتماد مصر الكبير على الواردات. وسيساعد ذلك على خفض تكاليف الإنتاج وأسعار السلع الاستهلاكية النهائية، وتخفيف الضغوط التضخمية التي قد تنشأ، على سبيل المثال، عن ارتفاع أسعار الوقود. وهذا سيسمح للبنك المركزي بمواصلة تيسير السياسة النقدية.

أشار عبد العال إلى أن تأثير خفض سعر الفائدة الأمريكي على تكلفة الدين الخارجي ظل محدودًا. ويُشكل جزء كبير من ديون مصر سندات يورودولارية ذات عائد ثابت. كما أوضح أن الجدارة الائتمانية لمصر لا تزال العامل الحاسم في تكاليف الاقتراض، إذ يُجبرها انخفاض التصنيف الائتماني على دفع تكاليف أعلى نظرًا لارتفاع المخاطر التي تُدركها الجهات المُقرضة.

وأوضح عبد العال أن هناك جانباً إيجابياً محتملاً، وهو أن مصر قد تستغل انخفاض أسعار الفائدة عالمياً لإعادة شراء بعض سنداتها القديمة ذات العوائد المرتفعة التي تصل إلى 11% وإصدار سندات جديدة بعوائد أقل بنحو 5%، وبالتالي تخفيف أعباء خدمة الدين.

من جانبها، قالت سحر الدماطي نائب رئيس البنك الأهلي المصري سابقاً، إن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة سيكون له تأثير إيجابي على مصر من ناحيتين: أولاً، سيدعم الاقتصاد الأميركي ويحتوي الركود، وثانياً، سيساهم في خفض تكاليف خدمة الديون المصرية، خاصة القروض قصيرة الأجل ذات العائد المتغير، والتي ترتبط بقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وأضاف الدماطي أنه حتى لو تم اتخاذ قرار برفع أسعار الفائدة الأميركية فإن تأثير ذلك على الاقتصاد المصري لن يكون كبيرا.

وأكدت أن الاقتصاد الأمريكي يمر بفترة ضعف، وأن آفاقه غير واعدة. وهذا يعني أن التأثير يقتصر على زيادة طفيفة في تكاليف خدمة الدين لجزء من القروض المصرية ذات أسعار الفائدة المتغيرة، بينما تظل غالبية القروض الأخرى مرتبطة بأسعار فائدة ثابتة.

أشار الدماطي إلى أن الاقتصاد المصري يستفيد أيضًا من حالة عدم اليقين في الولايات المتحدة. فقد أدى الخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى توتر في الأسواق الأمريكية، مما دفع بعض صناديق الاستثمار إلى الاستثمار في الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر. ويتجلى ذلك في ارتفاع الاستثمار الأجنبي في سندات الحكومات المحلية.

وأكد الدماطي أن قرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري مستقلة إلى حد كبير عن قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لأنها تعتمد بالأساس على عوامل داخلية، خاصة معدل التضخم وهو العامل الأهم.

وأشارت إلى أن إلغاء دعم الوقود بشكل كامل لن يكون له تأثير جذري، حيث تم تنفيذ نحو 90% منه بالفعل.

أوضح الدماطي أن استقرار سعر الصرف وتوافر العملات الأجنبية عاملان حاسمان أيضًا. وأشار إلى أن السوق المصرية تشهد حاليًا وفرة في العملات الأجنبية بفضل مصادر متعددة، منها الاستثمارات المباشرة، مثل استثمارات إعمار والشربتلي، واتفاقيات مبادلة العملات مع دول مثل الكويت، وتزايد النشاط في المناطق الحرة.

وبالإضافة إلى مصادر الدخل التقليدية مثل الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج، فإن ذلك يقلل من تأثير القرارات الخارجية على السياسة النقدية للبنك المركزي، بحسب الدماطي.


شارك