250 مسيرة و800 ألف متظاهر محتمل.. فرنسا تواجه يوم غضب اجتماعي ينتهي بـ58 اعتقالًا

منذ 12 ساعات
250 مسيرة و800 ألف متظاهر محتمل.. فرنسا تواجه يوم غضب اجتماعي ينتهي بـ58 اعتقالًا

شهدت فرنسا واحدة من أكبر موجات التعبئة الاجتماعية منذ تولي الرئيس إيمانويل ماكرون منصبه يوم الخميس. خرج مئات الآلاف إلى شوارع مدن مختلفة في أكثر من 250 مظاهرة، بما في ذلك إضرابات واسعة النطاق في المدارس والنقل والرعاية الصحية. وأعلنت وزارة الداخلية اعتقال 58 شخصًا، في ظل حالة أمنية متوترة بشكل غير مسبوق.

اعتقالات وتوترات أمنية

وذكرت محطة الإذاعة الفرنسية “20 دقيقة”: “على الرغم من أن السلطات قللت من شدة التعبئة، ووصفتها بأنها “أقل من المتوقع”، فإن الأرقام سلطت الضوء على مدى التوترات بين الشوارع والحكومة: فقد تم تسجيل أكثر من 250 مسيرة واحتجاج، وشارك فيها ما يقدر بنحو 800 ألف شخص”.

أعلن وزير الداخلية المستقيل برونو ريتايو تسجيل 230 احتجاجا و95 محاولة لإحداث اضطرابات، شارك فيها 10 آلاف شخص.

وأكد أن الشرطة اعتقلت 58 شخصًا، منهم 11 في باريس. وفي مرسيليا، اعتُقل 22 شخصًا هذا الصباح بالقرب من مركز تيراس دو بورت التجاري، وصودرت خلاله معدات كالأقنعة ورذاذ الطلاء والألعاب النارية.

**تعزيزات غير مسبوقة ورسائل رمزية

نشرت السلطات الفرنسية قوات أمنية ضخمة، بما في ذلك مركبة مدرعة جديدة تُسمى “سنتور”، مزودة بكاميرات تصوير حراري وقاذفات غاز مسيل للدموع. هذا الانتشار، الذي اعتبره المراقبون رسالة سياسية أكثر منه إجراءً أمنيًا، يعكس قلق الحكومة العميق إزاء الاضطرابات في الشوارع، وفقًا للإذاعة الفرنسية.

باريس هي مركز ديناميكية واستعراضات المدن الأخرى

وفي باريس، حيث تشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد المتظاهرين بلغ ما بين 50 ألفاً و100 ألف شخص، تحركت الحشود بعد الظهر من ساحة الباستيل باتجاه الجمهورية ثم الأمة، متبعة طريقاً نقابياً تقليدياً، حسبما ذكرت الإذاعة الفرنسية.

وبحسب الإذاعة الفرنسية، شاركت مدن أخرى أيضًا: ففي مرسيليا كانت هناك مظاهرة ضخمة بدأت في الميناء القديم، وفي ليون كانت هناك مظاهرات مشتركة للطلاب والنقابات، بينما تجمعت الحشود في ليل في الشمال ورين في الغرب، وكذلك في مدن مثل نيس ولو هافر وأفينيون وشيربورغ.

المدارس والصحة في مركز الاحتجاج

كان قطاع التعليم في طليعة الحراك. وأعلن اتحاد SNES-FSU أن 45% من معلمي المدارس الثانوية والإعدادية شاركوا في الإضراب، احتجاجًا على العودة إلى المدارس وانخفاض الأجور.

في المقابل، أغلقت نحو 90 في المائة من الصيدليات أبوابها احتجاجا على قرار الحكومة خفض الحوافز للأدوية الجنيسة، ووصفت هذه السياسة بأنها “كارثية للمهنة”.

**حركات الريف والمبادرات الرمزية

في رين، نُظمت مسيرةٌ لأشخاصٍ غاضبين على دراجات هوائية. جاب العشرات من سكان الريف شوارع المدينة لنشر رسالة مفادها أن “المناطق الريفية تعاني أيضًا من السياسات الاقتصادية”.

واستبقت السلطات المحلية المظاهرات بتغطية نوافذ مواقف السيارات والساحات العامة بالخشب لمنع أعمال التخريب المحتملة.

**مواقف مختلفة بين النقابات والسياسيين

اتهمت صوفي بينيه، الأمينة العامة للاتحاد العام للعمال الفرنسي، وزير الداخلية برونو ريتايو “بإضافة الوقود إلى النار” من خلال استخدام “عنف الشرطة ضد المتظاهرين السلميين”.

مع ذلك، دعا جان لوك ميلينشون، زعيم حزب “فرنسا الأبية”، إلى الانضباط المطلق وتجنب أي تجاوزات قد تستغلها السلطات لتبرير العنف. ودعا فابيان روسيل، زعيم الحزب الشيوعي، الحكومة إلى “الاستماع إلى صرخة الشعب بدلاً من مواجهته بالغاز المسيل للدموع والهراوات”.

التأثيرات المباشرة على وسائل النقل العام

تعطلت حياة الباريسيين بشكل كبير: إذ لم تعمل خطوط المترو إلا خلال ساعات الذروة، وأُغلقت عشر محطات رئيسية، مثل الأوبرا والباستيل. كما شهدت شبكة قطارات RER اضطرابات كبيرة: حيث عمل قطار RER A بنسبة 75% فقط من طاقته الاستيعابية، وانخفضت خدمات قطار RER B إلى النصف، مما أثر بشكل مباشر على الوصول إلى مطار شارل ديغول.

يوم طويل… ورسالة واضحة

ورغم أن بعض المسؤولين الحكوميين وصفوا الحركة بأنها أضعف من المتوقع، فإن رؤية العشرات من مسيرات الاحتجاج، والإضرابات المدرسية والصحية، والاضطرابات المرورية، كشفت عن أزمة ثقة عميقة بين السلطات والشعب الفرنسي.

كانت رسالة 18 سبتمبر واضحة: يريد الناس أن تُسمع أصواتهم، ولن تكون الحلول الأمنية كافية لتبديد الغضب الاجتماعي المتزايد.


شارك