رصد شبكات المقاومة ونشر القلق.. لماذا تقطع إسرائيل الاتصالات عن غزة ثم تعيدها؟

منذ 1 ساعة
رصد شبكات المقاومة ونشر القلق.. لماذا تقطع إسرائيل الاتصالات عن غزة ثم تعيدها؟

وتعمل إسرائيل على تعطيل الاتصالات لتحديد ومراقبة شبكة اتصالات المقاومة الفلسطينية وتتبع موجاتها والعمل على اختراقها.

وأدى انقطاع الاتصالات إلى وضع الفلسطينيين في حالة نفسية صعبة نتيجة الخوف والقلق الدائم على أقاربهم وعائلاتهم.

ومن خلال هذه السياسة تحاول إسرائيل عزل قطاع غزة عن العالم الخارجي ومنع الصور والكلمات من مغادرة القطاع.

أحد أهداف إعادة الاتصال هو التواصل مع شبكة الأشخاص الذين يتواصلون معه محليًا.

كما تهدف إلى دعم عملياتها الميدانية من خلال التواصل مع فرق المؤسسات الدولية والفلسطينيين لغرض الإخلاء والتخفيف من التهديدات.

على مدار حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، والتي استمرت قرابة عامين، قطعت إسرائيل الاتصالات والإنترنت مرارًا وتكرارًا عمدًا لفترات طويلة. ويعتقد مسؤول أمني فلسطيني أن هذه الخطوة تهدف إلى “أهداف استخباراتية وعسكرية ونفسية وإعلامية”.

هذا الانقطاع للتيار الكهربائي، الذي يستمر عادةً لساعات أو أيام، ويعزل قطاع غزة تمامًا عن العالم الخارجي، له تأثير مباشر على قطاعات حيوية تعمل أصلًا بمستويات متدنية، كالدفاع المدني وخدمات الطوارئ والمستشفيات. كما يُعطّل توزيع المساعدات الإنسانية ويُشلّ الحياة اليومية.

ورغم الإدانة الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لهذه السياسة التي تصفها إسرائيل بـ”الخطيرة وغير الأخلاقية”، فإنها تواصل تنفيذها دون مراعاة للقانون الدولي، مما يثبت مرة أخرى تجاهلها التام للمعايير الإنسانية وحياة المدنيين في قطاع غزة.

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، اليوم الأربعاء، عن انقطاع خدمات الإنترنت والهاتف الثابت في مدينة غزة وشمال قطاع غزة، نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل.

وقالت الشركة في بيان لها: “انقطعت خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة في قطاع غزة ومحافظتي شمال غزة بسبب الهجوم المستمر للجيش الإسرائيلي على العديد من طرق النقل الرئيسية في المنطقة”.

وأضافت الشركة: “إن فرقنا تعمل على مدار الساعة لحل المشكلات وسط الوضع الميداني الخطير”.

منذ بدء الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قطعت إسرائيل خدمات الإنترنت والاتصالات بشكل كامل أكثر من اثنتي عشرة مرة، وفقًا لبيان صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان. ويُعدّ هذا جزءًا من سياسة ممنهجة تهدف إلى عزل غزة عن العالم وتعطيل جهود الإغاثة الإنسانية.

– الأهداف الإسرائيلية للحصار

وقال مسؤول أمني فلسطيني (طلب عدم الكشف عن هويته) للأناضول، إن إسرائيل تستغل انقطاع الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة لتحقيق عدة أهداف.

قال المسؤول الأمني إن الهدف الرئيسي كان الاستطلاع “الاستخباراتي والعسكري”، إذ سبق لإسرائيل أن استفادت خلال الحرب من قطع الاتصالات والإنترنت عن أجزاء واسعة من شمال قطاع غزة. وقد تم ذلك لتحديد ومراقبة شبكة اتصالات المقاومة الفلسطينية، وتتبع تردداتها واختراقها، واستهداف أعضاء الفصائل والقيادات العسكرية.

وأما الهدف النفسي الثاني فإن انقطاع الاتصالات يضع الفلسطينيين في وضع نفسي صعب، حيث يشعرون بالخوف والقلق الدائم على أقاربهم وأحبائهم في مناطق أخرى من قطاع غزة.

وتابع: “الفلسطينيون في خضم حرب. يسمعون أصوات الانفجارات وأهوال الإبادة الجماعية، لكنهم لا يعرفون مكان أو مصدر التهديد، مما يسبب لهم القلق والخوف”.

وأوضح أن عزلة قطاع غزة عن العالم تؤدي أيضاً إلى شعور الفلسطينيين في قطاع غزة بأنهم “وحيدون ولا أحد يشعر بما يتعرضون له من إبادة وجرائم وحشية”.

وأخيرا، هناك الهدف الإعلامي، لأنه من خلال هذه السياسة، تريد إسرائيل “عزل قطاع غزة عن العالم الخارجي لمنع تسرب الصور والكلمات من القطاع للتغطية على الإبادة الجماعية التي ارتكبت هناك”، حسب المصدر الأمني.

-لماذا تتصل مرة أخرى؟

بعد فترة التعليق، تقرر إسرائيل أو تسمح باستئناف الاتصالات من خلال السماح لفرق الصيانة الفلسطينية بالعمل دون هجوم.

ومن خلال استعادة الاتصال، تهدف إسرائيل إلى تحقيق عدة أهداف أخرى، وفي مقدمتها “الاتصال بشبكتها من المتعاونين المحليين، لأن هذه الشبكة تمثل ركيزة لا غنى عنها في مجتمع الاستخبارات”.

وتابع: “كما يهدف إلى دعم العمليات الميدانية على الأرض من خلال التواصل مع الفرق الدولية والأممية، وكذلك مع الفلسطينيين، لتمكين عمليات الإخلاء والتهديدات والتنسيق المدني”.

وأوضح أن إسرائيل “تستغل الاتصالات العامة الفلسطينية للتجسس على مئات الآلاف من المكالمات وجمع المعلومات التي يمكن استخدامها لأغراض أمنية”.

وأضاف: “خاصة في ظل التقدم الكبير الذي تحرزه إسرائيل في استخدام أنظمة وخوارزميات الذكاء الاصطناعي لجمع وتحليل البيانات والمعلومات واستخدامها لأغراضها العسكرية والتجسسية في قطاع غزة”.

في أبريل/نيسان الماضي، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن إسرائيل طورت أدوات ذكاء اصطناعي جديدة لتحقيق التفوق في الحرب على غزة. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التقنيات كانت لها أحيانًا عواقب وخيمة.

وقال المصدر نفسه إن إعادة إسرائيل للاتصالات كانت “جزءًا من الدعاية الإنسانية التي تروج لها تل أبيب بأنها لا تنتهك القانون الدولي ولا تضر بالمدنيين أو حياتهم”.

وفي هذا السياق، قال المصدر الأمني إن إسرائيل تستخدم الإنترنت والاتصالات في حربها النفسية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وتابع: “ويتم ذلك من خلال بث الرسائل التحذيرية وأوامر الإخلاء، وتشويه صورة المقاومة، والتواصل مع الفلسطينيين للحصول على معلومات عن أسراهم في قطاع غزة، ونشر الشائعات، وغيرها من وسائل الحرب الإعلامية”.

وفي 6 سبتمبر/أيلول، حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان له من “الخطر الداهم المتمثل في انقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت بشكل كامل في قطاع غزة بسبب الهجمات المستهدفة والمتكررة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأبراج السكنية والمباني الشاهقة في مدينة غزة”.

وأضاف أن انقطاع الاتصالات له “عواقب كارثية على المستوى الإنساني وعلى التواصل بين الأفراد في أوقات الحاجة”.

وأكد أن قيام إسرائيل بتعطيل الاتصالات والانترنت في قطاع غزة بشكل كامل أو جزئي يمثل “سياسة ممنهجة لعزل الفلسطينيين عن العالم الخارجي”.

وأكد أن هذه الممارسة “لا تنتهك حق أساسي من حقوق الإنسان فحسب، بل تحرم المدنيين بشكل مباشر من مواردهم الحيوية وتعطل عمل العاملين في المجال الإنساني والطبي والإعلامي، مما يجعلها أداة قوية في سياق الإبادة الجماعية المستمرة”.

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان كافة الأطراف المعنية إلى الضغط على إسرائيل لوقف تدمير البنية التحتية المتبقية للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة، ووقف جميع الهجمات غير القانونية ضد المدنيين والمباني المدنية.

وفي الثامن من أغسطس/آب، وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة اقترحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة.

في 11 أغسطس/آب، شنّ الجيش هجومًا على المدينة، بدءًا من حي الزيتون (جنوب شرق المدينة). سُمّيت العملية لاحقًا “مركبات جدعون 2”. تضمّن الهجوم تدمير منازل بالروبوتات المفخخة، وقصفًا مدفعيًا، وإطلاق نار عشوائي، وتهجيرًا قسريًا.

بدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد أسفرت هذه الإبادة الجماعية عن مقتل 65,062 فلسطينيًا وإصابة 165,697 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء. كما تسببت في مجاعة أودت بحياة 432 فلسطينيًا، بينهم 146 طفلًا.


شارك