أقساط المدارس الخاصة.. ارتفاع يزيد أعباء غالبية اللبنانيين

** رئيس اتحاد لجان أولياء الأمور بالمدارس الخاصة لمى الطويل: إن زيادة الرسوم المدرسية غير مبررة وغير قانونية وتشكل خطراً على الأمن التعليمي في لبنان. تحت ذريعة إعادة رواتب المعلمين إلى مستويات ما قبل الأزمة، تحاول المدارس الخاصة تحقيق الأرباح على حساب عائلات طلابها. ** نبيل قسطا، الأمين العام للمدارس البروتستانتية الخاصة: وتأتي هذه الزيادة نتيجة المأساة والفوضى التي شهدتها البلاد خلال السنوات الست الماضية بعد انهيار الليرة. وألقى تراجع قيمة الليرة عبئاً ثقيلاً على المدارس الخاصة، وأثر على رواتب المعلمين.
في حين أن القلق الرئيسي لدى اللبنانيين هو الشأن الأمني والاقتصادي، فإن الارتفاع الكبير في رسوم المدارس الخاصة أدى إلى تفاقم معاناة الذين يرسلون أطفالهم إلى هذه المدارس ويهدد بتداعيات اجتماعية.
يرتاد أكثر من 70% من طلاب لبنان مدارس خاصة، مقابل حوالي 30% فقط في المدارس الحكومية. هذا وفقًا لإحصاءات رسمية وخاصة تعكس واقع قطاع التعليم الحكومي في البلاد.
يبدأ العام الدراسي في لبنان في سبتمبر/أيلول من كل عام. وحسب الأرقام الرسمية، يتجاوز عدد الطلاب في المدارس الحكومية هذا العام 328 ألف طالب، مقارنةً بأكثر من 760 ألف طالب في المدارس الخاصة.
بحسب مراقبين، تشهد الرسوم المدرسية ارتفاعًا مستمرًا منذ عامين. ففي العام الماضي، فرضت المدارس زيادة بنسبة 70%، تلتها زيادة بنسبة 30% هذا العام.
في بداية الأزمة الاقتصادية عام ٢٠١٩، قُدِّرت الرسوم الدراسية بحوالي ٢٠٠ دولار أمريكي سنويًا. أما اليوم، فيقول المراقبون إنها تتجاوز ٣٠٠٠ دولار أمريكي، بل وتتجاوز في بعض الجامعات ٥٠٠٠ دولار أمريكي.
وبحسب مؤسسة المعلومات الدولية (منظمة مستقلة)، فإن معدل التسرب المدرسي بين الأطفال في سن الدراسة يبلغ نحو 52%، في حين يبلغ معدل الأمية في لبنان نحو 7,6%.
** «الأمن التعليمي» في خطر
وقالت رئيسة اتحاد لجان أولياء أمور المدارس الخاصة، لما الطويل، لوكالة الأناضول، إن هذه الزيادة في الرسوم المدرسية “غير مبررة وغير قانونية وتشكل تهديدا للأمن التعليمي في البلاد”.
ويرى الطويل أن المدارس الخاصة “تحاول تحقيق الأرباح على حساب أهالي طلابها بحجة إعادة رواتب المعلمين إلى مستويات ما قبل الأزمة”.
لكن نتائج دراسة أجرتها لجنة اتحاد الأهل ومصلحة الدروس الخصوصية في وزارة التربية أظهرت، بحسب الطويل، أن الزيادة يجب أن تتراوح فقط بين 36 دولاراً أميركياً و150 دولاراً كحد أقصى للطالب الواحد (الدولار يعادل نحو 90 ألف ليرة لبنانية).
في الواقع، ارتفعت الرسوم المدرسية بأكثر من ألف دولار، بل تقترب في بعض المدارس من 7 آلاف دولار. ووفقًا للمتحدث الرسمي، قد تتجاوز أسعار الزي المدرسي والقرطاسية أحيانًا 300 دولار.
في نهاية عام ٢٠١٩، عانى لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أدت، وفقًا للبنك الدولي، إلى انهيار مالي يُعتبر الأسوأ في العصر الحديث. فقدت الليرة اللبنانية أكثر من ٩٨٪ من قيمتها.
** زيادة “مبررة”
في المقابل، تبرر المدارس الخاصة ارتفاع رسومها الدراسية بتحسين رواتب المعلمين وجودة التعليم. ومنذ الأزمة الاقتصادية عام ٢٠١٩ وجائحة كوفيد-١٩ عام ٢٠٢٠، زادت هذه المدارس رسومها الدراسية تدريجيًا لسد الفجوة المالية في ميزانياتها.
وقال أمين عام المدارس الإنجيلية الخاصة نبيل قسطا لوكالة الأناضول إن ما يحدث هو “نتيجة المأساة والفوضى التي حلت بالبلاد خلال السنوات الست الماضية، عندما انهارت قيمة الليرة اللبنانية”.
وأضاف: “أدى هذا الواقع إلى انخفاض حاد في رسوم المدارس الخاصة آنذاك، مما شكل عبئًا كبيرًا على المدارس، وأثر بدوره على رواتب المعلمين. ما يحدث اليوم هو محاولة لإعادة الوضع إلى ما كان عليه بعد هذا التدهور”.
صرح قسطا بأن زيادة الرسوم ستُعيد رواتب المعلمين إلى مستويات ما قبل الأزمة، والتي كانت 800 دولار أمريكي، بحد أدنى 300 دولار أمريكي. إلا أنه لم يستبعد استغلال المدارس للوضع الراهن كذريعة لزيادة كبيرة في الرسوم.
دعا الأمين العام للمدارس البروتستانتية إلى تحسين ودعم المدارس الحكومية لتتمكن من منافسة المدارس الخاصة. سيؤدي ذلك إلى تقليل الطلب على المدارس الخاصة، وبالتالي إجبارها على فرض رسوم دراسية أقل.
** زيادة “غير مقبولة”
في التاسع من سبتمبر/أيلول، صرّح الرئيس اللبناني جوزيف عون في بيان: “إنّ زيادة الأقساط المدرسية في المدارس الخاصة في لبنان غير مبررة وغير مدروسة. لا يمكن قبولها ويجب إعادة النظر فيها”.
ودعا عون خلال استقباله وفداً من اتحاد لجان أولياء أمور المدارس الخاصة، إلى النظر في “الوضع الاقتصادي للعائلات اللبنانية التي تكافح لتأمين الأقساط المدرسية لأولادها في ظل الارتفاع غير المقبول للأقساط المدرسية”.
وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة لعام ٢٠٢٣، يعيش أكثر من ٨٠٪ من سكان لبنان تحت خط الفقر. ويتجاوز التضخم أحيانًا ٣٠٠٪، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين ويجعل تلبية الاحتياجات الأساسية تحديًا يوميًا.