سياسي تونسي: انفراج كبير للبطالة في 2026
توفيق وايلي:
تُعدّ البطالة بين خريجي الجامعات مشكلةً رئيسية. ومن المتوقع أن يُخفّض تطبيق آليات جديدة معدل البطالة بنهاية العام الجاري.
ويجري العمل حالياً على استقطاب الخريجين الحاصلين على شهادات عليا تدريجياً.
يمكن للشركات الخاصة أن تساعد في خفض معدل البطالة إذا فهمت دورها بشكل صحيح.
يتوقع توفيق الوائلي، نائب رئيس حزب مسار 25 يوليو، تحسنًا ملحوظًا وانخفاضًا في البطالة في تونس العام المقبل، في ظل ارتفاع معدل البطالة بين خريجي الجامعات، والذي وصل إلى 24% في الربع الثاني من العام الجاري.
وبحسب آخر الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء التونسي، فإن عدد العاطلين عن العمل سيصل إلى حوالي 651 ألف شخص في الثلاثي الثاني من سنة 2025، أي بانخفاض قدره 13 ألف شخص مقارنة بالثلاثي الأول من نفس السنة.
انخفض معدل البطالة الإجمالي في تونس إلى 15.3% في الربع الثاني من عام 2025، مقارنةً بـ 15.7% في الربع الأول. ومع ذلك، ارتفع بين خريجي الجامعات إلى 24% في الربع الثاني، مقارنةً بـ 23.5% في الربع الأول.
وتشير بيانات المعهد أيضا إلى أن عدد العاملين في تونس سيصل إلى حوالي 4.26 مليون عامل في الثلاثي الثاني من سنة 2025، أي بزيادة قدرها 26 ألف عامل مقارنة بالثلاثي الأول من سنة 2025. 70% من هؤلاء العاملين هم من الرجال و30% من النساء.
وفي حديث خاص لوكالة الأناضول، قال القيادي في حزب مسار 25 يوليو الداعم للرئيس قيس سعيد، محمد الوائلي، إن البطالة في تونس “ستستمر في الانخفاض مع نهاية العام الجاري مع إدخال آليات جديدة خاصة في التوظيف في القطاعين العام والخاص”.
وعزا وايلي توقعاته بانخفاض البطالة في تونس إلى “اندماج المقاولين من الباطن (العاملين بدوام جزئي) في القوى العاملة، وكثير منهم أصبحوا شبه عاطلين عن العمل بسبب عملهم بدوام جزئي، لأن هذا من شأنه أن يجعلهم مندوبين لهم حقوق ومسؤوليات في مكان العمل”.
وأوضح أن هذه المؤشرات من شأنها أن “تساهم في خفض عدد العاطلين عن العمل وخفض معدل البطالة في تونس”.
البطالة بين خريجي الجامعات
قبل أيام، شارك العشرات من خريجي الجامعات التونسية العاطلين عن العمل في “يوم غضب” وسط تونس، مطالبين السلطات بتوفير فرص عمل لهم ووظيفة في القطاع العام.
تم تنظيم الحدث من قبل الخريجين تحت شعار “العمل، الحرية، الكرامة الوطنية… لا للمنافسة (امتحانات القبول)، لا للتسويف… التوظيف المباشر… لا تراجع، لا خروج”.
وردد المتظاهرون شعارات تطالب بحق العمل، من بينها “لا منابر، لا خطب في الشوارع، لا غضب”، و”حقي في العمل، حقي في الحياة، كفى إقصاء”، و”العمل، الحرية، الكرامة الوطنية”.
وقال وايلي، وهو مسؤول سابق في وزارة الشؤون الاجتماعية، إن “البطالة الجامعية تشكل مشكلة كبيرة”.
وأضاف: “مع ذلك، أعتقد أن الكثير منهم يعملون في قطاع غير قطاعهم، ويرغبون في العمل في القطاع العام (في الهيئات الحكومية) أو البحث عن عمل في مشاريع ضمن برنامج رئاسي. ومع ذلك، فهم يعتبرون أنفسهم حاليًا عاطلين عن العمل”.
وتابع وايلي: “خلال زيارته الأخيرة لاعتصام الأطباء العاطلين عن العمل (الحاصلين على درجة الدكتوراه)، وعدهم الرئيس، لكونهم أطباء ذوي خبرة، بمناصب عليا، حتى داخل الحكومة. سيُخفّض توظيفهم معدل البطالة بين خريجي الجامعات، الذي يبلغ حاليًا حوالي 24%”.
وخلال زيارته لاعتصام طلبة الدكتوراه العاطلين عن العمل أمام وزارة التعليم العالي يوم 21 أوت، صرّح الرئيس سعيد: “إن مشكلة البطالة، وخاصة بين طلبة الدكتوراه، أولوية وطنية”.
وأضاف سعيد: “إننا نبذل قصارى جهدنا لضمان عملية توظيف عادلة تراعي مبادئ الكفاءة والجدارة وتضمن مكافأة عادلة تتناسب مع المؤهلات الأكاديمية”.
ويظل آلاف الأكاديميين التونسيين يواجهون معضلة التوظيف المؤقت لدى وزارة التعليم العالي، رغم مطالبتهم المتكررة بالحصول على وظائف دائمة.
-انفراجة متوقعة
أنا متأكد من أنه بين الآن ونهاية العام، ستكون هناك صيغة جديدة للتعامل مع مشكلة الخريجين العاطلين عن العمل. ستكون هناك تشريعات خاصة بهم، وسيتم انتدابهم إلى الخدمة العامة، على الرغم من توصيات البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى الداعية إلى وضع حد أقصى للانتدابات، كما قال وايلي.
وأضاف: “لم تلتزم تونس بتوصيات البنك الدولي بعدم زيادة فرص العمل. ومع ذلك، يتم توظيف موظفين جدد في حدود ميزانية الدولة”.
تجدر الإشارة إلى أن آلاف خريجي الجامعات وأساتذة الجامعات عاطلون عن العمل. كما فشلت السلطات في تطبيق القانون رقم 38، الذي ينص على توظيف شخص واحد من كل أسرة فقيرة. صادق البرلمان السابق على القانون في 29 يوليو/تموز 2020، لكن الرئيس سعيد رفض تطبيقه بعد 25 يوليو/تموز 2021، مدعيًا أن الحكومة السابقة “باعتهم أوهامًا”.
علق وايلي قائلاً: “يتم توظيف خريجي الجامعات تدريجيًا. على وجه الخصوص، هناك إمكانية لتوظيف أشخاص عاطلون عن العمل لأكثر من عشر سنوات، وخاصةً العائلات التي لديها عدة أفراد عاطلين عن العمل. أولاً، يتم توظيف أحدهم، ثم الآخر، وهكذا”.
وتابع: “هناك حلول لحاملي الشهادات العليا، وهي نفسها الحلول للأطباء العاطلين عن العمل. ويجب ألا ننسى أن الدولة تُسدد حاليًا القروض الخارجية، وتعتمد على مواردها لتحقيق النجاح في قطاعي السياحة والتصدير”.
وفيما يتعلق بالانخفاض المتوقع في معدل البطالة، قال وايلي: “من المستحيل أن نقول بكمية النقاط، لكن المعدل سينخفض بشكل كبير”.
وأضاف: «في عام 2026 سنشهد تحسناً وانخفاضاً ملحوظاً في معدلات البطالة في كافة القطاعات، سواء بين خريجي الجامعات أو طلبة الدكتوراه أو العاطلين عن العمل بشكل عام».
وبحسب المعهد التونسي للإحصاء فإن عدد خريجي الجامعات في تونس العاطلين عن العمل منذ أكثر من عشر سنوات يبلغ نحو 15 ألف شخص.
-وعود رئاسية بمناصب عليا
وأضاف وايلي أن عملية توظيف طلاب الدراسات العليا والدكتوراه “سوف تكتمل في المستقبل القريب حيث يقوم الرئيس بإعداد التشريع في مجلس النواب لدعم هؤلاء الأفراد”.
وأشار إلى أن الرئيس وعدهم “بالعمل ككوادر في مناصب سياسية مثل المحافظين أو نواب المحافظين الأولين أو المحافظين أو الأمين العام لولاية إذا كان تخصصهم في القطاع المالي”.
وأضاف وايلي: “سيُكرّس الأطباء أنفسهم لهذه المهام، والرئيس مهتمٌّ جدًّا بتعيينهم في هذه المناصب. وتُجرى حاليًا دراسةٌ حول هذه المسألة، وستُحيلها الحكومة إلى البرلمان لإقرارها”.
وأضاف أنه تم توظيف آلاف الأساتذة والمعلمين، مؤكدا أن الرئيس وعد طلاب الدكتوراه بإجراءات للحد من البطالة.
في 14 فبراير/شباط، أصدرت الرئاسة التونسية بيانًا عقب اجتماعٍ بين الرئيس ووزير التعليم العالي، منذر بلعيد، ووزير التربية، نور الدين النوري. وتوافق البيان على حلٍّ لمشكلة طلاب الدكتوراه. وسيتم توظيف أول 5000 منهم كمعلمين، على أن يتم تعيين الـ 5000 المتبقين في مرحلة ثانية لم تُحدد بعد.
وفي جلسة برلمانية عقدت مؤخرا، حيث تم توجيه أسئلة إلى وزير التعليم العالي، انتقد العديد من أعضاء البرلمان ما اعتبروه “اعتمادا مفرطا على العقود المؤقتة لتوظيف الأطباء وخريجي الجامعات” ودعوا إلى إيجاد حلول دائمة لهذه المشكلة.
مساهمة القطاع الخاص
وقال وايلي إن الشركات الخاصة تعد أحد الحلول لمحاربة البطالة في تونس، خاصة الشركات العاملة في قطاعات الفلاحة والصناعة والإعلام وغيرها.
وأضاف: “كل شركة لديها 50 مساهمًا، ويبلغ عدد الشركات الخاصة في تونس أكثر من 247 جمعية مدنية. ومع ذلك، فإن الكثير منها لا يفهم دور الجمعيات المدنية، وكيفية تشكيلها، وما هي آليات عملها. فهي تعمل بشكل مشابه للتعاونيات”.
تجدر الإشارة إلى أن مؤسسات المجتمع المدني لا تُقارن بشركات القطاع الخاص التقليدية، بل تُمثل آلية قانونية جديدة أقرها الرئيس قيس سعيد بالمرسوم رقم 15 لسنة 2022، بهدف تمكين المواطنين من إنشاء مؤسسات تعاونية لإدارة المشاريع المحلية.
وأشار الوائلي إلى أن وزيرة الخارجية حسنة جيب الله، “التي هي أدنى من الوزير بدرجة واحدة ومكلفة بحقيبة خاصة”، أثارت قضية شركات القطاع الخاص ودورها في الحد من البطالة بعد تعيينها في أغسطس/آب 2024.
وفي تصريحات صحفية في فبراير/شباط الماضي، قال وزير الخارجية إن عدداً من خبراء الاقتصاد وصفوا الشركات الخاصة بأنها “ملاذ ضريبي” لأنها حصلت على مزايا ضريبية “غير مسبوقة” من خلال التمويل الخاص عبر المؤسسات المالية.
وأفادت بأن 42 شركة خاصة حصلت على تمويل بلغ إجماليه أكثر من 13 مليون دينار (نحو 4.5 مليون دولار أميركي)، بحسب وسائل إعلام محلية.
في 24 أغسطس/آب، توقع البنك المركزي التونسي نموًا اقتصاديًا بنسبة 3.2% للبلاد هذا العام، وفقًا لوكالة الأنباء الرسمية. ويعزى ذلك إلى تحسن النشاط في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات.
وفي عام 2024، يتوقع أن يسجل الاقتصاد التونسي نموا بنسبة 1,4%، مع جذب استثمارات أجنبية بقيمة 2,95 مليار دينار (1,03 مليار دولار أميركي)، مقابل 2,53 مليار دينار (886,7 مليون دولار أميركي) في عام 2023، أي بزيادة قدرها 16,7%.