مصر تطلق تقرير تقييم الجاهزية الوطنية للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع اليونسكو والاتحاد الأوروبي

عمرو طلعت: التقرير يعكس الوضع الراهن فيما يتعلق بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي ويعد من أوائل التقييمات في المنطقة العربية.
نعمل على رفع مستوى الوعي بالذكاء الاصطناعي بين مختلف الفئات العمرية والمهنية في المجتمع وتعزيز الابتكار في هذا المجال.
– نائبة المديرة العامة لليونسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية: التقرير يؤكد التزام مصر ببناء نظام ذكاء اصطناعي أخلاقي وشامل.
– مدير المكتب الإقليمي لليونسكو: تقرير جاهزية الذكاء الاصطناعي يثري التجربة الوطنية لمصر في تنفيذ النسخة الثانية من استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي.
شارك الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في إطلاق التقرير الوطني لتقييم جاهزية الذكاء الاصطناعي بمركز مصر الرقمية للإبداع بالجيزة. أُعدّ التقرير بالتنسيق الوثيق بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومكتب اليونسكو الإقليمي لمصر والسودان، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي. يهدف التقرير إلى تقييم جاهزية مصر لتبني الذكاء الاصطناعي بشكل مستدام ومسؤول، ودعم السياسات والاستراتيجيات الوطنية في هذا المجال الحيوي. ويساهم التقرير في جهود الدولة لبناء منظومة متكاملة للذكاء الاصطناعي تتسم بالمسؤولية والشمولية والالتزام بالمعايير الأخلاقية والدولية.
أُعِدَّ التقرير باستخدام منهجية تقييم الجاهزية لليونسكو (RAM) وبمشاركة خبراء من المنظمة. وليس مجرد تقييم، بل هو خطة عمل مشتركة تُحدد كيفية تعاون المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية وشركاء التنمية لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تخدم الصالح العام وتضمن عدم تخلف أحد عن الركب. كما يُقدِّم خارطة طريق شاملة للعمل، تُوجِّه الجهات الحكومية الفاعلة نحو ترسيخ القيم الأخلاقية في كل مرحلة من مراحل سياسات وممارسات الذكاء الاصطناعي، بدءًا من التصور والتطوير وصولًا إلى النشر والتنظيم. والهدف هو ضمان مساهمة الذكاء الاصطناعي في النمو الاقتصادي الشامل والتنمية الاجتماعية وبناء مستقبل مستدام.
في كلمته، أكد الدكتور عمرو طلعت على أهمية إصدار تقرير اليونسكو حول جاهزية مصر للاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، إذ يُعدّ هذا التقرير أداة تشخيصية دقيقة تُمكّن مصر من استغلال نقاط قوتها، وتحديد التحديات، واغتنام الفرص. وتوجه بالشكر الجزيل لشركاء مصر في اليونسكو والاتحاد الأوروبي على دعمهم، وعلى إجراء هذا التقييم، الذي يُعدّ من أوائل التقييمات من نوعه في المنطقة العربية.
وأشار الدكتور عمرو طلعت إلى أن التقرير يعكس الوضع الراهن لتنفيذ النسخة الأولى من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، مع التركيز بشكل دقيق على خمسة محاور رئيسية، تشمل: الأبعاد القانونية والتنظيمية لتبني الذكاء الاصطناعي المسؤول؛ والأبعاد الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك محو الأمية الرقمية والتعليمية ذات الصلة وسد الفجوة الرقمية؛ والأبعاد العلمية والتعليمية، بما في ذلك الإنفاق المرتبط بالبحث والتطوير والابتكار وإطلاق المبادرات التعليمية في هذا المجال؛ والأبعاد الاقتصادية لتبني الذكاء الاصطناعي في مصر في القطاعين العام والخاص، وتحليل السوق، ودور هذه التقنيات في مختلف قطاعات الإنتاج والخدمية، وتأثيرها على سوق العمل؛ والأبعاد التقنية المتعلقة بالبنية التحتية الرقمية في مصر، ورصد مدى ملاءمتها للتبني السريع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
أوضح الدكتور عمرو طلعت أن توصيات التقرير تغطي ثلاثة مجالات رئيسية: الترتيبات التنظيمية، والأطر المؤسسية، وبناء القدرات. وأكد أن هذه التوصيات ستُدرج في المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي (2025-2030). واستعرض المجالات الرئيسية للاستراتيجية والتطبيق العملي لتوصيات التقرير، مشيرًا إلى أن المجال الأول، المتعلق بالحوكمة، يتضمن تطبيق سياسة البيانات المفتوحة. كما أشار إلى أنه يجري حاليًا وضع خارطة طريق لتشريعات قد تكون ضرورية لتوسيع نطاق استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مصر. وأشار أيضًا إلى أنه يجري النظر في أحكام محددة لمشتريات الذكاء الاصطناعي من قبل الجهات الحكومية للحد من التحيز الخوارزمي وتعزيز الاستخدام الآمن والمسؤول لأنظمة الذكاء الاصطناعي.
وأضاف الدكتور عمرو طلعت أن المحور الثاني، الذي يتناول البيانات، يتضمن في البداية تطبيق سياسة الحوسبة السحابية، والتعاون مع جميع الجهات الحكومية لتوفير بيانات مجهولة المصدر ومجمعة للمبتكرين والباحثين بما يحقق التوازن بين حماية الخصوصية وتجنب القيود المفروضة على مشاركة البيانات بما يعيق نمو تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى المحور الثالث، الذي يتضمن تطوير تطبيقات ذات أثر تنموي في مختلف القطاعات، منها تطبيق لتحويل النص المنطوق إلى نص مكتوب بدقة تزيد عن 96%، والذي تم تنفيذه في قطاع العدالة، وتطبيق آخر للكشف المبكر عن بعض الأمراض الشائعة. وأوضح أن المحور الرابع يركز على توفير قدرات حوسبة قوية من خلال توسيع نطاق قوة الحوسبة واكتساب موارد الحوسبة، ليس فقط لاستخدامها من قبل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهات التابعة لها، ولكن أيضًا لإتاحة بعض هذه الموارد للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأضاف الدكتور عمرو طلعت أن المحور الخامس، الذي يركز على بناء المهارات الرقمية في مجال الذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تدريب ما يقرب من 30 ألف مهندس متخصص للغاية بحلول عام 2030. وسيُستكمل ذلك بتوسيع برامج محو الأمية الرقمية، وخاصة للنساء في المناطق الريفية والحضرية، لرفع مستوى الوعي بين السكان حول فوائد ومخاطر هذه التقنيات. وأشار إلى وجود تعاون مع وزارة التربية والتعليم لتطبيق الذكاء الاصطناعي ودمجه في مختلف المراحل التعليمية. وأضاف أن المحور السادس يركز على نشر الوعي بالذكاء الاصطناعي بين مختلف الفئات العمرية والمهنية في المجتمع وتشجيع الابتكار. وقد تم إطلاق برامج تدريبية متنوعة لأعضاء السلطة القضائية والمحامين وغيرهم. كما تم إطلاق مسابقة كبرى تستهدف مختلف الفئات العمرية وتركز على الذكاء الاصطناعي والبرمجة.
أكد الدكتور عمرو طلعت أن المشاريع المُنجزة تُمثل خطواتٍ في رحلةٍ طويلة نحو تبني الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وآمن وشامل ومستدام. وأكد التزام مصر بالاستفادة من جميع التوصيات والمقترحات الواردة في هذا التقرير، ومواصلة مشاركة هذه الخبرات مع فرق العمل العربية والأفريقية ذات الصلة.
وفي كلمتها، قالت الدكتورة نوريا سانز، مديرة المكتب الإقليمي لليونسكو في مصر والسودان: “يُمكّن تقرير جاهزية الذكاء الاصطناعي مصر من المشاركة في حوار متعدد الأطراف مع أكثر من 70 دولة طبقت المنهجية نفسها. ويُثري هذا التبادل التجربة الوطنية لمصر في تنفيذ النسخة الثانية من استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي”.
يقدم التقرير نظرة شاملة على مشهد الذكاء الاصطناعي في مصر، ويقيّم السياسات والمؤسسات والأطر القانونية وآليات إشراك أصحاب المصلحة. ويستند إلى توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وهي أداة التقييس العالمية الوحيدة في هذا المجال، والتي اعتمدتها 193 دولة عضوًا بالإجماع عام 2021.
يُسلِّط التقرير الضوء أيضًا على التقدم الملحوظ الذي أحرزته مصر حتى الآن، مثل إطلاق النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي (2025-2030) وإنشاء المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي (2019). وفي الوقت نفسه، يُشدّد على وجود مجالات تحتاج إلى مزيد من التنسيق بين الابتكار والأخلاقيات.
في كلمتها عبر الفيديو، قالت ليديا بريتو، نائبة المدير العام بالنيابة للعلوم الاجتماعية والإنسانية في اليونسكو: “إن التقدم في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يصاحبه مخاطر متزايدة. إن غياب أطر حوكمة مناسبة يُعمّق أوجه عدم المساواة، ويُضعف مهارات الشباب، ويُقوّض حقوق الإنسان. يُؤكد هذا التقرير التزام مصر ببناء منظومة أخلاقية وشاملة للذكاء الاصطناعي، ونتطلع إلى العمل معًا لتنفيذ توصياته”.
تضمنت الفعالية أيضًا حلقة نقاشية بعنوان “مسار مصر نحو الذكاء الاصطناعي المسؤول”، برئاسة الدكتورة هدى بركة، مستشارة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية القدرات التكنولوجية. وشارك في الحلقة النقاشية كلٌ من جيمس رايت، أخصائي البرامج في مقر اليونسكو؛ والدكتور مصطفى المهدي، مسؤول البرامج في المكتب الإقليمي العربي وممثل الاتحاد الدولي للاتصالات؛ والمستشار أحمد صالح، ممثل وزارة الخارجية في المجلس القومي للإعلام؛ والمهندسة سهى عثمان، ممثلة جامعة الدول العربية؛ ومحمود عبد العزيز، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Division X.
ومن الجدير بالذكر أنه في إطار إعداد التقرير، تم عقد اجتماعات تشاورية لأصحاب المصلحة على المستوى الوطني بشأن المجالات التي يغطيها هذا التقييم، بمشاركة مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة والخبراء، بما في ذلك ممثلين عن القطاعين العام والخاص والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني ورواد الأعمال الشباب.
تؤكد مشاركة مصر في منهجية تقييم جاهزية الذكاء الاصطناعي (RAM) مكانتها كدولة رائدة إقليميًا في التحول الرقمي المسؤول، وتجسّد التزامها بالحوكمة الأخلاقية، وطموحها في قيادة تطوير ذكاء اصطناعي متمحور حول الإنسان، يتسم بالتحول والإنصاف. كما ساهمت هذه المشاركة في تعزيز الحوار بين القطاعات، ومهدت الطريق لنشر نتائج التقرير على نطاق أوسع بين أصحاب المصلحة على المستويين الوطني والدولي.
حضر الحفل السفيرة أنجلينا آيخهورست، رئيسة وفد الاتحاد الأوروبي لدى مصر ورئيسة جامعة الدول العربية؛ والسيدة إيلينا بانوفا، منسقة الأمم المتحدة في مصر؛ والمهندسة غادة لبيب، نائبة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المسؤولة عن التطوير المؤسسي؛ والدكتور حسام عثمان، نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي المسؤول عن الابتكار والبحث العلمي؛ والدكتور أحمد خطاب، مدير المعهد القومي للاتصالات؛ والسيدة سماح عزيز، رئيسة الإدارة المركزية للعلاقات الدولية بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين من القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى ممثلي منظومة الأمم المتحدة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني.