مُسيَّرات الحوثي تضرب إسرائيل.. رسائل مغلفة بالنار والبارود

من قلب اليمن الذي مزقته الحرب الأهلية الداخلية، تطلق ميليشيات الحوثي الصواريخ والطائرات بدون طيار، ناقلة رسائل تصفها الجماعة اليمنية بأنها علامة على التضامن مع غزة والرد على الغارات الجوية الإسرائيلية القاتلة على المناطق التي تسيطر عليها.
كان يوم الأحد، السابع من سبتمبر/أيلول، يومًا مخيفًا للإسرائيليين. فقد صُدموا بإسقاط طائرة مسيرة دون إطلاق صفارات الإنذار، على عكس ثلاث طائرات مسيرة أخرى أطلقتها الجماعة اليمنية في الهجوم نفسه، والتي زعمت إسرائيل إسقاطها.
مسيرة مفاجئة لمطار رامون
سقطت طائرة عسكرية حوثية مُسيّرة في قاعدة رامون الجوية جنوب النقب. وانتشرت تقارير أولية عن سقوط ضحايا. وعادةً ما تُخفي إسرائيل عواقب الهجمات التي تتعرض لها.
طائرة مسيرة يمنية تتمكن من اختراق كافة الدفاعات والوصول إلى مطار رامون في إيلات جنوب فلسطين المحتلة والانفجار في صالة المسافرين. اليمن الحبيبة، وفية للتحالف pic.twitter.com/g272sLQlXH
— تامر | تامر (@tamerqdh) ٧ سبتمبر ٢٠٢٥
وأعلنت هيئة المطارات الإسرائيلية أن طائرة مسيرة أطلقت من اليمن أصابت صالة القادمين في مطار رامون، وأعلنت إغلاق المجال الجوي وتعليق الحركة الجوية في المطار.
وفي حديث لصحيفة الشروق، قال الخبير العسكري والاستراتيجي العميد سمير راغب، إن هجمات الحوثيين نجحت في الماضي في ضرب الوحدات العسكرية والمطارات في إسرائيل بشكل مباشر.
وأضاف أن هجوم اليوم شكل إحراجا للحكومة الإسرائيلية وكشف عن عيوب وثغرات في منظومة الدفاع الجوي التي تدعي تل أبيب أنها منيعة وغير قابلة للاختراق.
يُجادل راغب بأن هجوم اليوم استُخدمت فيه طائرات مُسيّرة، يبلغ مداها 2000 كيلومتر، وهي بطيئة مقارنةً بالصواريخ، ويمكن رصدها. لذا، فإن عدم رصد إسرائيل لها يُشير بوضوح إلى وجود ثغرات.
وأشار إلى أن مطار رامون الذي تعرض للهجوم اليوم هو مطار عسكري في جنوب النقب، وأن وصول الطائرة المسيرة إليه يمثل نجاحا كبيرا وسط القتال الحضري المستمر.
من مطار رامون بعد تعرضه لهجوم من طائرة مسيرة من اليمن وتم إغلاق المجال الجوي الجنوبي فوقه أمام حركة الطيران. pic.twitter.com/a8CR3jMivS
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) ٧ سبتمبر ٢٠٢٥
خلل في نظام المراقبة والدفاع
في حين أقرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتحطم طائرة حوثية مسيرة في مطار رامون، أفادت إذاعة جيشه أن الطائرة المسيرة أصابت المطار دون رصدها. كما أشارت إلى أخطاء جسيمة حالت دون رصدها.
وذكرت الإذاعة أن القوات الجوية أمرت بإجراء تحقيق شامل لتحديد الخطأ الجسيم الذي حال دون اكتشاف واعتراض الطائرة اليمنية المسيرة.
هجوم نوعي بعد هجمات مذهلة
جاء الهجوم على إسرائيل، الذي انطلق من الأراضي اليمنية، بعد أيام من إعلان جماعة الحوثي تكثيف عملياتها ضد إسرائيل عقب اغتيال رئيس الوزراء غير المعترف به دوليًا وعدد من الوزراء. وقد اعتبرت إسرائيل هذا الهجوم ضربة استراتيجية وحاسمة، إلا أن خبراء عسكريين قللوا من أهميته.
وقال العميد سمير راغب في تصريح لصحيفة الشروق، إن اغتيال إسرائيل لوزراء حكومة الحوثيين لا يمثل شيئا، لأن حكومة الحوثي ليست دولة على الإطلاق.
ويضيف راغب أن معظم عمليات جماعة الحوثي ضد إسرائيل هي عمليات لامركزية، ما يجعل من الصعب السيطرة عليها أو منعها كما تدعي إسرائيل.
إخلاء مطار رامون بعد هجوم بطائرة مسيرة يمنية يعلن المطار عن تعليق عمليات الهبوط والإقلاع حتى إشعار آخر . pic.twitter.com/2KQUYbKRiU
— نجيب الأشموري (@najeebalashmory) 7 سبتمبر 2025
كيف سيكون رد فعل إسرائيل؟
عادةً ما ترد إسرائيل على مثل هذه الهجمات بضربات مكثفة على الجبهة اليمنية. ويتوقع راغب استمرار هذا الوضع بعد غارة الطائرة المسيرة اليوم.
ويقول الخبير العسكري إن إسرائيل سترد بقوة على هذا الهجوم، وستواصل التركيز على الهجمات على مواقع مثل مستودعات الوقود ومحطات الطاقة، وهي كلها أهداف غير عسكرية.
في الوقت نفسه، يستبعد راغب تكرار سيناريو حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي. ويرجع ذلك إلى أن اليمن، على عكس لبنان، بعيدة نسبيًا عن إسرائيل (منطقة حدودية). علاوة على ذلك، فإن اليمن شاسعة ووعرة التضاريس، مما يجعل الوضع صعبًا للغاية على إسرائيل.
هل عمليات الحوثيين في قطاع غزة “فعالة”؟
وتنفذ جماعة الحوثي اليمنية عملياتها منذ أشهر وتقول إنها لن تتوقف حتى تنتهي الحرب الإسرائيلية على غزة ورفع الحصار.
وبينما يعتقد راغب أن هجمات الحوثيين على إسرائيل ستستمر حتى مع تكثيف إسرائيل لهجماتها على اليمن، إلا أنه يقلل من فعالية هجمات الجماعة اليمنية، خاصة في ظل تداعيات التصعيد في قطاع غزة.
يقول الخبير العسكري إنه منذ دخول الحوثيين الصراع، وتهديدهم السفن وإطلاق الصواريخ، لم يتغير شيء على طاولة المفاوضات. وكان الراغب أكثر صراحةً، مؤكدًا أن الجماعة اليمنية وهجماتها غير مطروحة على طاولة المفاوضات إطلاقًا.
ويشير إلى أن هجمات الحوثيين، وخاصةً ضد السفن في البحر الأحمر، تُسبب خسائر اقتصادية، لا سيما للدول المطلة عليه. إلا أن التكاليف على إسرائيل ليست كبيرة، وستقوم الولايات المتحدة بتعويض إسرائيل عن أي خسائر.
راغب مقتنع بأن هجمات الحوثيين لن توقف التصعيد في قطاع غزة، ولن تُنهي الحرب، ولن تُمهّد الطريق لإعادة الإعمار أو إيصال المساعدات الإنسانية. بل إنه يعتقد أن الوضع قد يخدم مصالح إسرائيل.
ويوضح أن إسرائيل تستغل هذه الهجمات لنشر فكرة أنها تخوض حرباً على سبع جبهات (كما تدعي دائماً)، وبالتالي تنأى بنفسها عن دائرة الدولة التي تقتل المدنيين في غزة.