الأكبر في تاريخها.. صواريخ نووية وطائرات بدون طيار وأسلحة ليزر في عرض ضخم ببكين‬

منذ 3 ساعات
الأكبر في تاريخها.. صواريخ نووية وطائرات بدون طيار وأسلحة ليزر في عرض ضخم ببكين‬

استحوذت الصين على اهتمام عالمي بأكبر عرض عسكري لها على الإطلاق، احتفالًا بالذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية. استعرض العرض، الذي أُقيم في وسط مدينة بكين، ترسانة جديدة من الأسلحة الاستراتيجية الحديثة، مؤكدًا مكانة الصين المتنامية كقوة عسكرية تسعى إلى تغيير ميزان القوى الدولي.

أُقيم العرض العسكري في ساحة تيانانمن الشهيرة، وشارك فيه آلاف الجنود. وحلقت تشكيلات من الطائرات المقاتلة والمروحيات في سماء بكين، بينما مرت شاحنات ضخمة محملة بأحدث الصواريخ والأسلحة الاستراتيجية. وأوضح هذا المشهد للعالم أن الصين قوة لا يستهان بها.

الحضور العالمي والرسائل السياسية

لم يكن الحدث شأنًا داخليًا فحسب. فبالإضافة إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ، حضر أكثر من 20 رئيس دولة وحكومة، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. يعكس هذا المشهد التحالفات الجديدة التي تتجلى بشكل متزايد على الساحة الدولية.

في خطاب ألقاه أمام أكثر من 50 ألف متفرج، وجّه شي جين بينغ رسالة مزدوجة إلى العالم: “اليوم، تواجه البشرية خيارًا بين السلام أو الحرب، الحوار أو المواجهة، النصر للجميع أو الهزيمة للجميع”. حملت هذه الكلمات نبرة تحذيرية ورسالة دبلوماسية في آن واحد.

ثلاثية الردع النووي

كانت إحدى أكبر المفاجآت في المعرض هي الكشف لأول مرة على الإطلاق عن الثالوث النووي الصيني، وهو مجموعة من الصواريخ الاستراتيجية التي تحمل رؤوسًا نووية يمكن إطلاقها من البر والبحر والجو.

من بين هذه الصواريخ، يبرز صاروخ دونغفنغ-5 سي (DF-5C)، وهو صاروخ باليستي عابر للقارات عالمي المدى قادر على إطلاق رؤوس حربية مستقلة متعددة على أهداف متعددة. يُعد هذا الطراز أحدث طراز في برنامج الصواريخ الصيني، الذي بدأ في سبعينيات القرن الماضي.

كشفت الصين أيضًا عن صاروخ جديد أكثر مرونة يُسمى DF-61، يُمكن نقله بسهولة على شاحنات متنقلة، مما يُصعّب اكتشافه واستهدافه. ومن بين الصواريخ المعروضة صواريخ مضادة للسفن تفوق سرعتها سرعة الصوت، مثل YJ-15 وYJ-17 وYJ-19. هذه النماذج المُحسّنة قادرة على اختراق أنظمة الدفاع الجوي الحديثة، مما يُعزز قوة الردع البحري الصينية.

طائرات بدون طيار في السماء وتحت الماء

من الجوانب البارزة في المعرض الصيني عرض أنواع مختلفة من الطائرات المسيرة، سواءً كانت جوية أو تحت الماء. ووفقًا لشبكة ABC News، أوضحت خبيرة الأمن جينيفر باركر أن نموذجين جديدين من الطائرات المسيرة تحت الماء عُرضا في المعرض: أحدهما للاستطلاع والاستخبارات، والآخر للعمليات الهجومية، والآخر يمكن تزويده بالمتفجرات أو الألغام البحرية.

ويثير هذا التطور مخاوف في الدول الغربية، وخاصة في منطقة المحيط الهادئ، حيث تشير التقديرات إلى أن الصين تسعى إلى تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في هذه الأنظمة غير المأهولة حتى تتمكن من العمل في مسارح العمليات بالتنسيق مع الطائرات المقاتلة المأهولة.

وضم المعرض أيضًا طائرات هليكوبتر بدون طيار تطلقها السفن، مما يعكس الرؤية المستقبلية للجيش الصيني للحرب البحرية والجوية.

تم تصميم الأسلحة الليزرية لإسقاط الطائرات والصواريخ.

عُرضت أيضًا أنظمة الطاقة الموجهة بالليزر، التي تُمثل مستقبل الدفاع الجوي. وعُرضت نماذج لأسلحة ليزر مُثبتة على الشاحنات، بالإضافة إلى تلك التي يُمكن تركيبها على السفن. تُستخدم هذه الأنظمة لاعتراض طائرات العدو المُسيّرة وصواريخه.

الميزة الرئيسية لهذه التقنية هي انخفاض تكلفتها مقارنةً بالصواريخ الاعتراضية التقليدية، التي يكلف كل منها ملايين الدولارات. هذا يجعل الليزر خيارًا أكثر فعالية واقتصادية.

الفضاء الإلكتروني والمعلومات والحرب المستقبلية

ولم يقتصر العرض على الأسلحة التقليدية؛ بل تم الإعلان أيضًا عن وحدة جديدة للفضاء الإلكتروني، تتألف من حوالي 10 آلاف جندي من جيش التحرير الشعبي مكلفين بالدفاع عن الأمن السيبراني وشن حرب المعلومات.

لماذا الآن؟ رسائل العروض الصينية

وفقًا لشبكة ABC News، يعتقد المراقبون أن الرسائل التي أرادت الصين إيصالها من خلال هذا الاستعراض للقوة العظمى يمكن تلخيصها في اتجاهين رئيسيين: أولًا، إظهار تفوقها التكنولوجي، إذ يعكس التنوع الواسع في الصواريخ والطائرات المسيرة والأسلحة السيبرانية انتقال الجيش الصيني إلى مستوى جديد من التحديث والاستعداد. ثانيًا، ردع الخصوم، إذ تستهدف هذه الرسالة تحديدًا الولايات المتحدة وحلفائها في المحيط الهادئ، حيث تتصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي وتايوان.

الصين بين السلام واستعراض القوة

 

رغم الطابع العسكري البحت للاستعراض العسكري، سعت القيادة الصينية إلى إضفاء طابع مزدوج عليه: الجمع بين الردع العسكري وتأكيد التزامها بالسلام. إلا أن المراقبين يتفقون على أن هذا الاستعراض الكبير لم يكن مجرد احتفال وطني، بل رسالة استراتيجية للمجتمع الدولي: الصين تدخل مرحلة جديدة من الوجود العسكري، ولن تكتفي بالجوانب الاقتصادية والسياسية لصعودها كقوة ناشئة، بل ستمتلك أيضًا أدوات ردع حديثة لمنافسة القوى التقليدية الكبرى.


شارك