القطار الأخضر المدرع.. وسيلة تنقل ترافق رئيس كوريا الشمالية في مختلف رحلاته

لفت الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الأنظار مجددًا أمس لدى وصوله إلى العاصمة الصينية بكين، بقطاره الأخضر المدرّع الشهير. ورث هذه المركبة عن أبيه وجدّه، وأصبحت منذ ذلك الحين وسيلة نقل مهمة داخل بلاده وخارجها.
* رحلة بطيئة ولكن آمنة
وبحسب رويترز، فإن القطار، رغم أنه ليس أسرع وسيلة نقل، فإنه يعتبر الأكثر أمانا وراحة للزعيم، الذي يسافر مع حاشية كبيرة من الحراس والموظفين والمستشارين وفريق طبي، بالإضافة إلى سيارات المرسيدس المدرعة.
منذ توليه السلطة أواخر عام ٢٠١١، فضّل كيم استخدام القطار في رحلاته الخارجية المهمة، بما في ذلك إلى الصين وروسيا وفيتنام. وهذا يُظهر أن هذه الوسيلة التقليدية للنقل لا تزال تحظى بأهمية استراتيجية وسياسية لدى القيادة الكورية الشمالية.
* ماذا يوجد في قطار كيم؟
وتوفر الصور ومقاطع الفيديو التي تنشرها وسائل الإعلام الرسمية بين الحين والآخر لمحات نادرة من داخل القطار، الذي يتكون عادة من 10 إلى 15 عربة، بعضها مخصص حصريا لرئيس الدولة، والبعض الآخر لحاشيته.
وتشمل وسائل الراحة: “غرفة نوم كيم الخاصة، والتي توفر له الراحة الكاملة في الرحلات الطويلة، ومكتب مجهز للاجتماعات مع المسؤولين وإعداد القرارات، والذي يحتوي غالبًا على جهاز كمبيوتر مطلي بالذهب، والعديد من الهواتف الخاصة، وزجاجات المشروبات، وعلبة السجائر الخاصة به”.
كما تشمل سيارة مطعم مع أطعمة فاخرة، ومعدات اتصالات للتواصل الآمن والمشفر مع القيادة في بيونغ يانغ، وكابينة للأمن والطاقم الطبي في حالة الطوارئ، ومركبة لنقل المركبات المدرعة الجاهزة للاستخدام عند الوصول إلى أي مدينة.
تُظهر اللقطات المنشورة تصميمًا داخليًا فخمًا للغاية: “جدران خشبية مزخرفة، وستائر ذهبية وزرقاء، وأرائك وردية، وحتى إضاءة على شكل زهور”. كما وُثِّقت مقاعد بنقوش حمار الوحش – مزيج غريب من الطراز التقليدي والفخامة الباذخة.
* رفاهية تليق بالقائد
في القطار، لا يقتصر الأمر على السلامة فحسب، بل يشمل أيضًا الرفاهية الباذخة. يصف كتاب روسي صدر عام ٢٠٠٢ عن رحلة والد كيم إلى موسكو كيف نُقل نبيذ فاخر من باريس وجراد بحر حي على متن القطار لتوفير طعام فاخر للقائد ورفاقه طوال الرحلة.
* سرعة محدودة ولكن مضمونة
رغم أن تصميم القطار الداخلي يبدو عصريًا، إلا أن سرعته لا تُضاهي بأي حال من الأحوال سرعة القطارات فائقة السرعة في آسيا. ففي كوريا الشمالية، لا تتجاوز السرعة القصوى 45 كيلومترًا في الساعة بسبب ضعف البنية التحتية.
في الصين، بفضل جودة شبكة السكك الحديدية في البلاد، يمكن الوصول إلى سرعات تصل إلى 80 كيلومترًا في الساعة. ورغم بطء القطار، تُعدّ السلامة أولوية قصوى. فالقاطرات والعربات مضادة للرصاص ومُصممة لتحمل بعض الهجمات، مما يجعلها الخيار الأكثر أمانًا للحاكم.
* تقليد عائلي يستمر لأجيال
إن استخدام السكك الحديدية كوسيلة للنقل ليس بالأمر الجديد في كوريا الشمالية، بل هو تقليد يعود إلى قرون مضت: فقد سافر كيم إيل سونغ، الجد ومؤسس البلاد، بالقطار حتى وفاته في عام 1994.
ولم يستخدم كيم جونج إيل، الابن، القطار إلا في ثلاث رحلات إلى روسيا، بما في ذلك رحلة طويلة للغاية إلى موسكو في عام 2001، كما توفي هو نفسه على متن أحد قطاراته الخاصة في عام 2011.
وواصل كيم جونج أون، الحفيد والحاكم الحالي، الاعتماد على السكك الحديدية في سفره الدولي والداخلي.
* التدريب كأداة للدعاية
وفقًا لرويترز، لا يقتصر دور القطار على الأغراض العملية أو الأمنية، بل يلعب أيضًا دورًا في دعاية النظام. تُصوّر وسائل الإعلام الرسمية رحلات كيم بالقطار كوسيلة للتقرّب من الجمهور وزيارة المناطق النائية.
في عام ٢٠٢٠، شوهد كيم وهو يزور المناطق المتضررة من الإعصار بالقطار. سمح ذلك للكاميرات بإظهار جانب من شخصية الزعيم أقرب إلى شعبه. في عام ٢٠٢٢، وصفت وسائل الإعلام الرسمية رحلة كيم بالقطار بأنها جولة شاملة تفقد فيها محاصيل الذرة وروج لبناء يوتوبيا شيوعية.
* ما وراء القطار
القطار الأخضر هو أيضًا رمز سياسي وثقافي يعكس شخصية النظام الكوري الشمالي. يجمع بين السرية الأمنية والترف المفرط والدعاية الموجهة. وبينما يُظهر للعالم صورة زعيم يعيش في قصر متنقل، فإنه يكشف أيضًا عن مفارقة لافتة: بلد يعاني من عقوبات اقتصادية ونقص في الموارد، بينما يقود زعيمه قطارًا مدرعًا مليئًا بالرفاهية.