7.5 مليار دولار.. هل تنجح الاستثمارات القطرية في إنعاش الاقتصاد المصري؟

أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، عن إطلاق حزمة من الاستثمارات القطرية المباشرة في مصر بقيمة 7.5 مليار دولار، في إطار تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلن زعيما مصر وقطر الاتفاق في قمة مشتركة في أبريل/نيسان الماضي على ضخ هذه الاستثمارات في السوق المصرية خلال الفترة المقبلة، بما يسهم في تعزيز جهود التنمية الاقتصادية المستدامة.
الاستثمارات المباشرة، لا ودائع
أكد الخبير المصرفي الدكتور محمد عبد العال أن تدفق الاستثمارات القطرية يُعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني حاليًا. وأكد أن هذه الأموال ليست ودائع أو قروضًا، بل هي استثمارات مباشرة تُسهم في خفض الديون الخارجية ودعم مسيرة التنمية.
وأضاف أن هذه التدفقات ستزيد من كفاءة تنفيذ خطط التنمية في قطاعات رئيسية مثل الصناعة والتصنيع الزراعي والتكنولوجيا، إضافة إلى الأنشطة المتوقعة في القطاع العقاري، ما يعزز معدلات النمو ويدعم نشاط السوق.
تحويل الودائع إلى مشاريع استثمارية
وأوضح الدكتور وائل النحاس المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، أن جزءاً من هذه الحزمة سيستهدف استبدال بعض الودائع القطرية بمشاريع استثمارية، خاصة في قطاعات التنمية السياحية مثل الساحل الشمالي، بما يتماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن هذه الخطوة ستعزز احتياطيات مصر من النقد الأجنبي من خلال تحويل الودائع من التزامات الحكومة إلى أصول داخل الاحتياطي النقدي الأجنبي، ومن ثم زيادة قدرة البلاد على مواجهة الضغوط الخارجية أو انسحاب الاستثمارات غير المباشرة.
وتحتفظ قطر بـ 4 مليارات دولار ودائع لدى البنك المركزي المصري، والتي تم تجديدها تلقائيا على مدى السنوات الأربع الماضية بعد مصالحة العلا بين مصر وقطر.
التركيز على الزراعة والسياحة والطاقة
في حين لم يُفصّل مدبولي توقيتَ التمويل أو طبيعةَ المشاريع، صرّح وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الأسبوع الماضي بأنه سيتم الإعلان عن مشاريع قطرية خلال الأسابيع المقبلة. وأشار إلى أن الزراعة والأمن الغذائي والسياحة والطاقة الجديدة والمتجددة هي القطاعات الأكثر اهتمامًا بقطر في مصر.
تهدف مصر إلى جذب 42 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السنة المالية 2025/2026، التي بدأت مطلع يوليو. وصرح مدبولي أيضًا بأن الحكومة لديها رؤية اقتصادية حتى عام 2030 تتجاوز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وسيتم عرض هذه الرؤية على الجمهور تحت عنوان “الخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية: إجراءات لتعزيز النمو وخلق فرص العمل”.
مشروع علمي حول السياحة الرومانية
وبحسب صحيفة “الاقتصاد الشرق” التابعة لبلومبيرغ، بلغت الاستثمارات القطرية في مصر 618.5 مليون دولار في السنة المالية 2023-2024، مقارنة بـ 548.2 مليون دولار في العام السابق. وبلغت الاستثمارات المصرية في قطر 171.5 مليون دولار خلال الفترة نفسها، مقارنة بـ 86.8 مليون دولار في العام السابق.
وفي لقاء بين رئيس الوزراء المصري ونظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تم الاتفاق على مشروع مدينة سياحية متكاملة على مساحة 60 ألف فدان تخصص لجهاز قطر للاستثمار بنظام الانتفاع.
التركيز على العقارات والسياحة
أكد الخبير المصرفي الدكتور محمد بدرة أن الاستثمارات القطرية في مصر حاليًا تركز على المشاريع العقارية والسياحية، على غرار الاستثمارات الخليجية الأخرى في السوق المحلية. وأعرب عن أمله في أن تتوسع هذه الاستثمارات لتشمل قطاعي التصنيع والصناعة مستقبلًا، بما يُحقق قيمة مضافة أكبر للاقتصاد.
وأشار بدرة إلى أن قطر تستحوذ بالفعل على حصة كبيرة من السوق المصرية من خلال بنك قطر الوطني وبالتالي لديها رؤية واضحة للقطاعات الأكثر ربحية.
ما هو العائد الاستثماري للاقتصاد المصري؟
وبحسب الخبراء فإن هذه الاستثمارات لن تحقق عوائد فورية نظرا للتقلبات الاقتصادية العالمية والظروف الصعبة في الأسواق المالية والركود الذي يؤثر على الاقتصادات الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة.
يتوقع النحاس أن تمر مصر بمرحلة حرجة خلال الأشهر المقبلة. ومن بين أجندة العمل مراجعة صندوق النقد الدولي واحتمال اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة، مثل رفع دعم الوقود أو إقرار قوانين جديدة. وأكد أن التحدي الأكبر الذي تواجهه الحكومة هو رد فعل الجمهور على هذه الإجراءات.
في المقابل، يرى بدرة أن تحويل الودائع القطرية إلى استثمارات مباشرة سيضمن بقاء هذه الأموال في السوق المصرية على المدى الطويل، مما سيساهم في خلق فرص عمل جديدة بحلول عام ٢٠٢٦، وخفض معدل البطالة، وزيادة إنتاج السلع الموجهة للتصدير، وبالتالي تضييق الفجوة التجارية.