هل يهدد خفض الفائدة تدفق الاستثمار الأجنبي في أذون وسندات الخزانة المحلية؟

منذ 5 ساعات
هل يهدد خفض الفائدة تدفق الاستثمار الأجنبي في أذون وسندات الخزانة المحلية؟

بقلم: أحمد الخطيب

ويرى خبراء اقتصاديون ومصرفيون، أجرى موقع ايجي برس مقابلات معهم، أن خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة بنسبة 2% لن يقلل من جاذبية السوق لاستثمارات “الأموال الساخنة”.

وأوضحوا أن العائدات المحلية ستظل مرتفعة مقارنة بالعديد من الأسواق المتنافسة، في حين حذر آخر من أن هذه التدفقات قصيرة الأجل قد تنخفض بسرعة إذا حدثت اضطرابات اقتصادية أو مالية في الداخل أو الخارج.

خفض البنك المركزي، الخميس، أسعار الفائدة بنسبة 2% إلى 22% للودائع و23% للقروض للمرة الثالثة منذ عام 2025. وكان قد خفض أسعار الفائدة في أبريل ومايو، ما يمثل انخفاضا إجماليا بنسبة 5.25% منذ بداية العام.

وتحسن أداء الجنيه مقابل الدولار خلال الشهرين الماضيين، حيث ارتفع إلى أعلى مستوى له في عام، بدعم من زيادة تدفقات النقد الأجنبي، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي في الديون الحكومية.

العوائد المرتفعة تحافظ على الجاذبية

أكد الخبير المصرفي محمد عبد العال أن تدفقات الأموال الساخنة لا تزال تتمتع بجاذبية قوية في السوق المصرية. وأوضح أن المستثمرين الأجانب يقارنون الأسواق الناشئة بناءً على ثلاثة معايير رئيسية: سوق أسهم نشط، ومرونة سعر الصرف، وعوائد مرتفعة.

وأشار إلى أن مصر لا تزال تتمتع بأحد أعلى العوائد الحقيقية بين عملات الأسواق الناشئة. ويتراوح الفارق بين الدولار والجنيه المصري بين 13 و15% تقريبًا، وهو مستوى يصعب على المستثمرين تجاهله حتى بعد خفض سعر الفائدة المحلي.

واستقبلت مصر نحو 25 مليار دولار استثمارات أجنبية في صورة أذون وسندات خزانة محلية خلال العام الأول من تحرير سعر الصرف، ليصل إجمالي المحفظة إلى 38 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري.

وأضاف عبد العال أن الإجراءات الأخيرة لوزارة المالية والبنك المركزي زادت من مرونة السوق، حيث إن الأموال الساخنة في حد ذاتها لا تشكل تهديداً، وإنما هي أداة تمويل قصيرة الأجل تحتاج إلى إدارة ذكية لتوفير السيولة اليومية ودعم استقرار سوق الصرف الأجنبي.

وفيما يتعلق بالمخاوف بشأن تقلبات الأموال الساخنة، أوضح عبد العال أن هذه التدفقات لا تشكل خطرا في حد ذاتها طالما ارتبطت بإدارة سليمة للسيولة.

وأكد أن النظام المصرفي والحكومة قد استفادا من تجارب الماضي، ولم يعودا يستخدمان هذه الأموال لتمويل مشاريع طويلة الأجل، بل يستثمرانها في أدوات قصيرة الأجل للحفاظ على الاستقرار النقدي وتوفير سيولة مرنة عند الحاجة.

المخاطر تتناقص والتدفقات تعود

في المقابل، قالت سحر الدماطي نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر السابق والخبيرة المصرفية، إن السوق المصرية أصبحت أكثر جاذبية في الأشهر الأخيرة بسبب تحسن المؤشرات الاقتصادية وانخفاض مخاطر “الأموال الساخنة”.

وأوضحت أن توقعات مصر تحسنت لدى مؤسسات دولية مثل فيتش، إلى جانب انخفاض مؤشر مقايضة الديون السيادية وانخفاض معدلات التضخم، وهو ما عزز الثقة في قدرة الاقتصاد على استيعاب التدفقات.

وأضافت أن العائد الحقيقي الإيجابي للجنيه المصري، مقارنةً بالأسواق الناشئة الأخرى، يظل عاملاً رئيسياً في جذب الاستثمارات قصيرة الأجل. وتوقعت أن تواصل الصناديق الأجنبية ضخ استثمارات جديدة في أدوات الدين المحلية رغم خفض أسعار الفائدة.

تحذيرات من اضطرابات عالمية

صرّح الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي وأسواق المال، بأنه من المبكر جدًا تقييم أثر خفض أسعار الفائدة الأخير على تدفقات السيولة. وأوضح أن الأسواق العالمية تشهد حاليًا اضطرابات حادة، مع ارتفاع عوائد الديون في الولايات المتحدة وأوروبا، وتزايد عمليات بيع السندات.

وأشار النحاس إلى أن هذه التطورات تجعل الاستثمار الأجنبي قصير الأجل في مصر أكثر خطورة من ذي قبل، خاصة في ظل توافر البدائل الخارجية التي تقدم عوائد أعلى وأمان أكبر.

وأكد أن قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة في هذا التوقيت لا يتماشى مع الظروف العالمية وكان من الأفضل الانتظار حتى تتضح اتجاهات الأسواق العالمية.

وأضاف النحاس أن القرارات المتسرعة التي لا تتوافق مع المتغيرات الخارجية قد تؤدي إلى ضغوط إضافية على السيولة وربما تكرار سيناريو الأزمات السابقة وإن على نطاق أوسع.

وأشار إلى أن المستثمرين الأجانب يقارنون دائماً بين العائد والمخاطر، وأنه في ظل تصاعد الأزمات العالمية وتزايد التوترات الجيوسياسية، أصبحت تدفقات رأس المال أكثر حساسية للقرارات المحلية المتهورة.

وأوضح النحاس أن الفرص البديلة في بعض الأسواق الأخرى أصبحت أكثر جاذبية، وهو ما قد يدفع بعض الاستثمارات قصيرة الأجل إلى الخروج من مصر، وحذر من أن أي انسحاب مفاجئ قد يضع ضغوطاً إضافية على السيولة.


شارك