شهادة نادرة.. ضابط إسرائيلي: قاتلت في غزة ولن أعود لهذه الأسباب

منذ 2 شهور
شهادة نادرة.. ضابط إسرائيلي: قاتلت في غزة ولن أعود لهذه الأسباب

في شهادة نادرة، يكشف ضابط إسرائيلي خدم في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عن تحوله من قائد دبابة قتالية ميدانية إلى رافض للخدمة العسكرية علناً لأسباب ضميرية.

وبعد عام كامل من القتال، أدرك أن الحرب التي بدأها بهدف حماية بلاده تحولت إلى حرب لا معنى لها، شنتها حكومة شعبوية قومية رفضت وقف القتال، وكما قال، عرضت الجنود والرهائن والمدنيين للخطر.

في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز، يروي يوتام فيلك، النقيب في جيش الاحتياط الإسرائيلي، تجاربه القاسية، وانتقاداته اللاذعة لقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ودعوته الصريحة لجنود الاحتياط لعدم المشاركة في إعادة احتلال غزة. وأكد أن “الرفض اليوم ليس خيانةً للدولة، بل هو السبيل الوحيد لإنقاذها”.

* التدخل العسكري مشحون بالغضب

وفي مقاله، قال فيلك إن الألم الذي شعر به الجنود الإسرائيليون في أعقاب الهجمات التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 كان “لا يطاق” لأنهم شعروا بأنهم “فشلوا في حماية الأشخاص الذين يحبونهم”.

وأضاف فيليك أنه مثل غيره من الجنود شارك في الحرب وهو مليء “بالغضب والذنب” لأنه لم يستطع الصمود في وجه هذه الهجمات.

صرح فيلك أنه شارك في حرب قطاع غزة لمدة عام، حيث كان قائدًا لكتيبة دبابات، ثم نائبًا لقائد سرية. وخلال خدمته، شارك في تدريبات برية في قطاع غزة بهدف تدمير أنفاق حماس ومخازن أسلحتها.

وأوضح أنه كان يواجه كل يوم حقيقة الحرب القاسية: “الموت والدمار على مسافة قريبة، والقرارات الصعبة التي لا رجعة فيها، والمطالبة المستمرة بالعمل تحت نيران العدو”.

*لقد فقدت إسرائيل طريقها

لكن مع مرور الوقت، وبحسب الجزيرة نت، أدرك فيليك “حقيقة قاسية”: “لقد ضلت بلادنا طريقها. ذهبنا إلى الحرب لإنقاذ أعز شعبنا، لكنني أدركت أننا نقاتل لأن قادتنا لم يخططوا لإنهاء الحرب منذ البداية”.

أوضح فيلك “الحقيقة المرة” التي أدركها، قائلاً: “هذه الحرب أشعلها قوميون شعبويون رفضوا دفع الثمن السياسي اللازم لقرار إنهاء الحرب. بل طالبوا نحن – الجنود والرهائن والفلسطينيون – بدفع الثمن بدمائنا”.

ووصف المشهد في قطاع غزة قائلاً: “إننا نخوض حربًا بلا جدول زمني، ولا أهداف قابلة للتحقيق، ولا استراتيجية خروج. هذا الوضع الراهن يُقوّض فكرة الدولة الحديثة”.

وأوضح أنه ومجموعة من العسكريين الإسرائيليين نشروا رسالة عامة في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2024، جاء فيها أن “خدمتنا لم تعد قادرة على الاستمرار في ضوء السياسات الإسرائيلية في قطاع غزة والأدلة المتزايدة على أن الحكومة تعمل عمداً على تخريب حالات احتجاز الرهائن”.

وأضاف أن النتيجة كانت أن قائد وحدته أصدر أمرا فوريا بتعليق خدمته، على الرغم من احتجاجات الجنود تحت قيادته.

يشار إلى أن فيلك شارك في تأسيس منظمة “جنود للرهائن” مع مجموعة من الجنود الإسرائيليين السابقين الذين شاركوا في حرب غزة ورفضوا العودة للخدمة، من أجل إنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى.

⦁ انتقادات لنتنياهو وخطة احتلال غزة

ويرى فايلك أن خطة إعادة احتلال مدينة غزة ليست خطوة عسكرية مدروسة، بل هي أحد أعراض إدمان الاحتلال لدى حكومة لا تعرف، حسب وصفه، سوى الدمار ولا تعرف سوى البناء.

كما يرى أن إعلان نتنياهو الأسبوع الماضي عن عودة الفريق الإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات جزء من نمط مألوف. ففي كل مرة تشتد فيها الاحتجاجات الشعبية، يُعلن عن تقدم أو عودة إلى المحادثات، ليترك العملية تنهار مجددًا. “السؤال الحقيقي هو: لماذا تنسحب إسرائيل من طاولة المفاوضات أصلًا؟ لماذا نسمح لأنفسنا بأن نُقاد بدلًا من أن نُقاد؟”

*دعوة لرفض الخدمة العسكرية

في مقاله، دعا فايلك عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الذين جُنّدوا من قِبل الجيش للمشاركة في احتلال مدينة غزة إلى رفض الخدمة العسكرية. وأشار إلى أن “الآلاف رفضوا الالتحاق بمواقعهم، وسُجن بعضهم، والتزم كثيرون الصمت”.

أوضح فالك أسباب رفضه الخدمة العسكرية، قائلاً إن الأمر لا يتعلق بحياة الجنود فحسب، بل بـ “فكرة إسرائيل نفسها”. وأضاف: “إذا واصلنا هذا المسار وسيطرنا سيطرة كاملة على مدينة غزة، فلن يبقى شيء من الرؤية الهشة لإسرائيل كدولة ديمقراطية ليبرالية التي صاغتها هذه الدولة”.

وأضاف: “في ظل حكومة قاسية يقودها قوميون شعبويون لا يقبلون أي حدود لسلطتهم، يجب على كل من يحب إسرائيل – وهي دولة كانت معروفة ذات يوم بقدرتها على البقاء في وجه المستحيل – أن يبذل كل ما في وسعه لإبعادنا عن طريق المواجهة هذا”.

وتابع: “لم يعد من المجدي إطالة أمد الحرب. الآن هو الوقت المناسب لرفض التعاون وعدم الخضوع بصمت. الاعتراض الضميري ليس خيانةً للدولة، بل هو السبيل الوحيد لإنقاذها”.

*هكذا تنتهي الحرب

بحسب فالك، ستنتهي هذه الحرب باتفاق. «كل تأخير يُسفر عن مزيد من الضحايا، ويزيد من احتمالية عدم عودة الرهائن أحياءً، ويُقوّض مكانة إسرائيل لدى الوسطاء والشركاء الدوليين».


شارك