أردوغان: المساعدات الإنسانية مسألة ضمير تتجاوز السياسة

الرئيس أردوغان:
– أكثر من 300 مليون إنسان محرومون من احتياجاتهم الإنسانية الأساسية.
وبالمقارنة مع ناتجها المحلي الإجمالي، تعد تركيا واحدة من أكثر الدول سخاءً في تقديم المساعدات الخارجية في العالم.
وستواصل تركيا تواجدها على الأرض بكل ما أوتيت من قوة لضمان مستقبل حر وكريم ومزدهر للشعب الفلسطيني.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن تقديم المساعدات الإنسانية “مسألة ضمير تتجاوز السياسة”، مؤكداً أن تركيا من أكثر الدول سخاءً في العالم في تقديم المساعدات قياساً بناتجها المحلي الإجمالي.
جاء ذلك في مقال كتبه في صحيفة “إلباييس” الإسبانية بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يحتفل به العالم كل عام في 19 أغسطس/آب.
وأكد الرئيس أردوغان على جهود بلاده في تقديم المساعدات الإنسانية والوضع العالمي في المنطقة في ظل المآسي الإنسانية والحروب التي تشهدها مناطق عديدة من العالم، وخاصة في قطاع غزة الذي يواجه إبادة جماعية على يد إسرائيل.
وفي مقال له بعنوان “رحمة بلا حدود: تحالف الحضارات والدبلوماسية الإنسانية”، أكد أردوغان أن “السلام والأمن والازدهار المشترك لا يمكن تحقيقه إلا من خلال فهم التعاون القائم على الاحترام المتبادل والعدالة والإخلاص بين الشعوب”.
العلاقات التركية الإسبانية
وأضاف أن تركيا وإسبانيا، باعتبارهما “صديقين قديمين ينتميان إلى حضارتين قديمتين، تتقاسمان المبادئ نفسها وتدعمان نفس الأهداف في هذا السياق”.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى العلاقات الثنائية، حققت تركيا وإسبانيا أيضا زخما في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والصناعة الدفاعية، وأشاد بالأهمية الاستراتيجية لهذا التطور بالنسبة للمنطقة الأوروبية والمتوسطية.
وأكد أن إسبانيا هي أحد حلفاء تركيا الأكثر موثوقية داخل حلف شمال الأطلسي، مشيرا إلى استمرار نشر نظام الدفاع الصاروخي باتريوت في ولاية أضنة الجنوبية.
وأشاد بـ”الدعم الصادق” الذي قدمته إسبانيا لجهود تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وتابع: “إننا عازمون على تتويج هذه الشراكة الاستراتيجية بخطوات قوية سنعمل على تطويرها معا لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية”.
وأكد أن النهج الحالي في العلاقات التركية الإسبانية “يبعث برسالة أمل وتضامن للشعوب المضطهدة في وقت يعيش فيه العالم أزمات مؤقتة”.
تواجه الإنسانية الاختبار الأصعب في تاريخها.
وفي تعليق آخر، قال الرئيس التركي إن الحروب والمجاعات والهجرة غير النظامية والكوارث المناخية شكلت للبشرية “الاختبار الأصعب” في تاريخها.
وأشار إلى أنه بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، تبرز مرة أخرى “حقيقة مريرة”: أكثر من 300 مليون شخص محرومون من احتياجاتهم الإنسانية الأساسية.
وأضاف: “إن هذا المشهد يمثل حقيقة تهز ضمير الإنسانية وتستدعي العالم أجمع لتحمل مسؤوليته”.
وتعليقًا على موقف تركيا في مواجهة هذه التطورات، قال أردوغان: “إن يد العون التي نمدها إلى جميع أنحاء العالم هي أقوى دليل على إرادتنا في الدفاع عن كرامة الإنسان وإسماع صوت ضميرنا. لدينا تاريخ عريق في العمل الإنساني يمتد عبر تاريخنا. إن يد العون التي نمدها إلى جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن هوية أو معتقدات المظلومين، هي أقوى دليل على إرادتنا في الدفاع عن كرامة الإنسان وإسماع صوت ضميرنا”.
وأشار أيضاً إلى “الشراكة القوية” بين أنقرة ومدريد في مجال المساعدات الإنسانية.
وجدد أردوغان امتنانه لإسبانيا على فرق البحث والإنقاذ التي أرسلتها إلى تركيا عقب الزلزال الذي وقع في 6 فبراير/شباط 2023، وكذلك على الفرق الطبية والفنية التي قدمت المساعدة الميدانية للضحايا.
وأشار إلى أن تركيا، انطلاقاً من مبدأ أن “ألم كل واحد منا هو صرخة مشتركة تتردد في ضميرنا جميعاً”، تعد من أكثر دول العالم سخاءً في تقديم المساعدات الإنسانية قياساً بحجم ناتجها المحلي الإجمالي.
وأضاف أن تركيا عززت مكانتها العالمية في مجال المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى أن انعقاد القمة العالمية للعمل الإنساني عام 2016 في إسطنبول لأول مرة في تاريخها كان “علامة فارقة” في هذا الصدد.
وأشار أردوغان أيضًا إلى جهود الإغاثة التي تبذلها مؤسسات الحكومة التركية مثل هيئة إدارة الكوارث والطوارئ (AFAD)، ووكالة التعاون والتنسيق التركية (TIKA)، والهلال الأحمر التركي، والمؤسسة الدينية التركية، فضلاً عن مساهمات العديد من منظمات المجتمع المدني في البلاد.
وأضاف: “نحن لا نقدم يد المساعدة في أوقات الأزمات فحسب، بل نصل أيضًا إلى ملايين الأشخاص من خلال مشاريع التنمية والتضامن طويلة الأمد”.
وأكد أن مساعدات تركيا لا تقتصر على محيطها المباشر مثل غزة وسوريا ولبنان، بل تمتد أيضا إلى منطقة واسعة من آسيا إلى أفريقيا، ومن الشرق الأوسط إلى البلقان وأميركا اللاتينية، من خلال الأنشطة الإنسانية التي تنفذ بالتنسيق والتعاون مع المؤسسات الدولية.
تركيا تقف إلى جانب القارة الأفريقية
فيما يتعلق بالمساعدات المقدمة للقارة الأفريقية، قال الرئيس أردوغان: “لم تكن بلادنا يومًا غير مبالية بالأزمات الإنسانية في القارة الأفريقية. وقد لاقت زيارتنا إلى مقديشو عام ٢٠١١ استحسانًا كبيرًا من المجتمع الدولي، حيث لفتنا الانتباه إلى الجفاف الشديد في الصومال، وأعربنا عن تضامننا مع الشعب الصومالي”.
وأضاف: “بعد ذلك مباشرة أطلقنا حملة مساعدات إنسانية بالتعاون مع مؤسساتنا العامة ومنظمات المجتمع المدني، مقدمةً حلولاً تنموية مستدامة من خلال أنظمة الري التي أنشأناها”.
وأوضح أن السودان حصل أيضاً على مساعدات غذائية وأدوية وإمدادات طبية ومعدات إطفاء، رغم أن الأمم المتحدة تقول إن أكثر من 30 مليون شخص يعيشون في ظروف صعبة.
وأشار إلى أن المستشفى التركي السوداني للتدريب والبحث العلمي في نيالا الذي تم افتتاحه بدعم من الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) يعد من أهم المرافق الصحية في المنطقة.
وأشار الرئيس التركي إلى أن أنشطة تركيا التنموية في مجال الزراعة المستدامة ستستمر في السودان.
مسلمو الروهينجا وأفغانستان
وفيما يتعلق بمسلمي الروهينجا في ميانمار، أكد الرئيس التركي أن تركيا تواصل تقديم المساعدات الإنسانية لأكثر من مليون من الروهينجا الذين لجأوا إلى بنغلاديش بسبب الصراع في ميانمار.
وأشار إلى أن تركيا تقدم خدماتها الصحية عبر المستشفى الميداني التركي في مدينة كوكس بازار البنغالية، والذي تديره وكالة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد).
وأكد أيضاً أن المساعدات التركية لأفغانستان، بما في ذلك الغذاء والدواء والإمدادات الطبية، ستستمر تحت راية قوافل “قطارات اللطف”.
وأشار إلى أن المساعدات الإنسانية التي قدمتها تركيا لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي خلال جائحة كوفيد-19 من خلال المشاريع الزراعية والمساعدات الطبية، تعد مثالاً بارزاً للتضامن العالمي.
وأكد الرئيس أردوغان أن تركيا، إلى جانب المساعدات الإنسانية والتنموية، تقدم منحاً دراسية لآلاف الطلاب من الدول النامية.
إسرائيل تضع ضمير الإنسانية تحت قدميها
وفيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، قال الرئيس أردوغان إن سياسة الحصار والتجويع والعقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل لا تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تدوس على ضمير الإنسانية أيضا.
وأضاف أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد أكثر من 61 ألف شخص بريء حياتهم ونزح أكثر من مليوني شخص وحرموا من أبسط احتياجاتهم.
وأوضح أن تركيا قدمت أكثر من 101 ألف طن من المساعدات الإنسانية، ودعمت وكالة الأونروا بأكثر من 40 مليون دولار لغزة.
وأكد أن تركيا ستواصل تواجدها على الأرض بكل ما أوتيت من قوة لضمان مستقبل حر وكريم ومزدهر للشعب الفلسطيني.
وصرح بأن الأزمات العالمية والتوترات الجيوسياسية والصراعات تُعقّد جهود المساعدات الإنسانية التي تُقدّمها تركيا، لكنها لن تتخلى عنها أبدًا أينما دعت الحاجة. وأضاف: “المساعدات الإنسانية مسألة ضمير تتجاوز السياسة”.
وأضاف: “إن المساعدات الإنسانية هي أسمى أشكال الدبلوماسية وتنبع من التعاطف العميق والوعي الإنساني”.
تركيا وإسبانيا صديقتان وحليفتان قويتان.
وأكد أن تركيا وإسبانيا، الواقعتين على شواطئ أقدم أحواض الحضارة في العالم، صديقتان وحليفتان قويتان وملتزمتان تماما بالقيم العالمية.
وأضاف أن التدريبات على الحماية المدنية التي أجرتها أنقرة ومدريد تحت رعاية حلف شمال الأطلسي، والمساعدات الإنسانية المقدمة للمهاجرين غير النظاميين، والدعم المتبادل، دليل ملموس على الأخوة بينهما.
واختتم قائلاً: “إن روح التضامن تربط الشعبين بوحدة وجدانية قوية تتجاوز الحدود الجغرافية. ونحن نؤمن إيمانًا راسخًا بأنه من خلال هذه المبادئ المشتركة، يمكننا بناء عالم أكثر عدلاً، يتمحور حول الإنسانية والقيم الإنسانية”.