كريم.. طفل بغزة بين فكي مرض نادر وتجويع إسرائيلي

منذ 3 شهور
كريم.. طفل بغزة بين فكي مرض نادر وتجويع إسرائيلي

– يعاني كريم معمر (3 سنوات) من اضطراب وراثي نادر يُعرف باسم متلازمة فانكوني. والدته إيمان: كان وزنه الطبيعي 10 كيلوغرام، أما اليوم فلم يعد يزن أكثر من 7 كيلوغرام ويحتاج إلى طعام وعلاج.

يرقد كريم معمر، البالغ من العمر ثلاث سنوات، على سرير أزرق صغير في مجمع ناصر الصحي بخان يونس، جنوب قطاع غزة. خلف أنبوب الأكسجين الذي يرافقه، يتسارع تنفسه، وصدره الضيق يعلو ويهبط بصعوبة.

جسده الذي لا يزن أكثر من سبعة كيلوغرامات بسبب نقص العلاج والغذاء، أصبح شاهداً حياً على الحرب الإبادة الجماعية وسياسة التجويع الممنهجة التي تنتهجها إسرائيل في قطاع غزة منذ ما يقرب من عامين.

وبالإضافة إلى الجوع، يعاني كريم أيضًا من متلازمة فانكوني، وهو اضطراب وراثي نادر يؤثر على الكبد والكلى والأمعاء، مما يعطل امتصاص العناصر الغذائية المهمة ويجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

لقد أضعف هذا المرض جسده الصغير، لكن نقص العلاج والمكملات الغذائية نتيجة المجاعة الإسرائيلية الممنهجة وحصار قطاع غزة ـ كجزء من حرب الإبادة التي تشنها تل أبيب منذ ما يقرب من عامين ـ أدى إلى تفاقم حالته وزيادة ضعفه.

منذ الثاني من مارس/آذار، أغلقت إسرائيل جميع المعابر الحدودية المؤدية إلى غزة، مانعةً دخول المساعدات الإنسانية. ونتيجةً لذلك، ورغم تراكم شاحنات المساعدات على الحدود، تتفاقم المجاعة في قطاع غزة. وبينما تسمح تل أبيب بدخول كميات محدودة من المساعدات، إلا أنها لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.

مع ندرة الأدوية وانعدام الغذاء الصحي في قطاع غزة، تدهورت صحة كريم بسرعة. برزت عظام صدره، وانتفخت معدته، تاركةً وجهه الطفولي مزيجًا مؤلمًا من العجز والجوع والمرض.

**مأساة متكررة

بجانبه تجلس والدته إيمان، منهكة من رؤية معاناة طفلها. بيد مرتعشة، تمسح جبينه. سبق لها أن فقدت أحد أبنائها بسبب المرض نفسه (لم تذكره).

ويأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه مستشفيات قطاع غزة من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات، وانهارت قدراتها التشخيصية والعلاجية بشكل شبه كامل.

كغيرها من عائلات غزة، تعيش عائلة كريم ظروفًا كارثية: نزوح قسري، وانتشار الأمراض والأوبئة، ونقص حاد في الرعاية الطبية. هذه الظروف هي نتيجة الإبادة الجماعية الإسرائيلية والحصار، الذي حرم قطاع غزة من السلع الأساسية. اختفت الفاكهة والخضراوات، وارتفعت أسعار السلع القليلة المتبقية ارتفاعًا حادًا، ونقص حاد في اللحوم والمعلبات.

**الجوع يحاصر كريم

قالت إيمان لوكالة أنباء الأناضول: “لا أريد أن أكرر هذه التجربة وأفقد طفلي الثاني. إنه يضعف يومًا بعد يوم أمام عيني، وأنا عاجزة عن إنقاذه”.

وأضافت: “كان وزن كريم الطبيعي 10 كيلوغرامات، أما اليوم فلا يتجاوز 7 كيلوغرامات. يحتاج إلى نظام غذائي صحي غني بالخضراوات والفواكه والدواجن والأسماك، ولكنه يفتقر إلى كل ذلك بسبب الحصار”.

وحذرت الأم من أن تأخير علاج طفلها لن يؤدي إلا إلى تفاقم حالته، وناشدت الجهات المعنية تسريع سفره لإنقاذ حياته.

وأشارت إلى أنها تواصلت مع الجهات المعنية، بما فيها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، للسماح لطفلها بمغادرة قطاع غزة لتلقي العلاج، معربة عن أملها في أن يتم ذلك قريبا.

وفقًا لوزارة الصحة في غزة، توفي 263 شخصًا، بينهم 112 طفلًا، بسبب سوء التغذية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينما يعاني 500 رضيع من سوء تغذية حاد. وسُجلت أكثر من 28 ألف حالة سوء تغذية منذ بداية عام 2025.

وكانت وزارة الصحة قد ذكرت في وقت سابق أن 16 ألف مريض في قطاع غزة ينتظرون العلاج في الخارج، فيما توفي 633 منهم وهم ينتظرون الموافقة.

بدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.

لقد أدت المجزرة الإسرائيلية إلى مقتل 62004 فلسطيني، وإصابة 156230 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 9000 شخص في عداد المفقودين، ومئات الآلاف من النازحين، والمجاعة التي أودت بحياة 263 شخصًا، بما في ذلك 112 طفلاً.


شارك